عاطف البرديســى يكتب: الإرهاب.. عقيدة فكريـة أم وظيفة مقبوضـة؟!

الجمعة، 11 أكتوبر 2013 01:10 ص
عاطف البرديســى يكتب: الإرهاب.. عقيدة فكريـة أم وظيفة مقبوضـة؟! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد يستغرق الأمر وقتا لمواجهة موجة الإرهاب الجديدة التى تطل برأسها، لكن يمكن المراهنة على أنها المعركة الأخيرة لدحر هذا الفكر الذى استطاع التلون، والانتشار جغرافياً فى جماعات صغيرة على امتداد العالم فى العقود الثلاثة الماضية، فالمعركة هذه المرة ليست فقط بين دول وأجهزتها وجماعات تخريب لكنها أصبحت أيضا معركة بين الإرهاب والمجتمع نفسه، فإذا كانت الناس قامت بانتفاضات أو ثورات من أجل تغيير سياسى، فإنها لم تقم بذلك ليأتى أصحاب فكر التفخيخ والتكفير ليتسيدوا المشهد بعد أن كانوا فى حالة تراجع واختباء فى أفغانستان أو الشريط الحدودى فى باكستان.


فى الحالة المصرية من الصعب تصور أن هذه الهجمات الإرهابية هنا أو هناك ستحقق شيئا باستثناء إرهاق الدولة التى تحاول إعادة الحياة إلى طبيعتها، كما يصعب تصور أن تلقى أى تعاطف شعبى معها فى ضوء النفور المجتمعى من مثل هذه الأعمال التى يتضرر منها الناس العادين فى حياتهم وأرزاقهم، وإن كان التحدى هذه المرة أصعب من التسعينيات فى ضوء الحالة الإقليمية، التى جعلت الحدود أقل أمنا مع التدهور الأمنى فى دول مجاورة، وسهولة انتقال السلاح والمسلحين بين الحدود، والشبكة الدولية التى ترتبط بها هذه الجماعات.

هناك فارق بين موجة إرهاب الثمانينيات والتسعينيات، والموجة الحالية رغم التواصل الفكرى بينهما، فالتنظيمات ورموزها التى أعادت التوطن واستغلت حالة الفراغ الأمنى، والصراعات الاجتماعية، جاءت هذه المرة مسلحة بخبرات وأساليب تفجيرات وتفخيخ اكتسبتها فى مناطق أخرى، وكذلك بشبكة علاقات دولية مع التنظيمات المشابهة لها تتبادل فيها الخبرات، وفى بعض الأحيان يشمل التعاون الأفراد مثلما يقال عن وجود عناصر أجنبية مع الجماعات المتطرفة فى سيناء.
الجديد أيضا، أنه كما يبدو فإن بعض القوى السياسية من تيار الإسلام السياسى لا تجد غضاضة فى أن تستفيد من نشاط هذه الجماعات فى إضعاف خصمها، الذى تحاول إضعافه والسيطرة عليه وهو جهاز الدولة، وقد كان أحد أسباب سقوط الإخوان فى مصر هو استعانتهم أو تحالفهم مع مجموعات من « الجماعة الإسلامية »، التى تورطت فى أحداث الإرهاب فى التسعينيات.


مع بداية موجة التغييرات التى أطاحت الأنظمة فى عدة دول عربية فى عام 2011، والاضطرابات التى أعقبتها، وهى ظاهرة طبيعية تصاحب أى حركات مجتمعية كبرى، أطلت تنظيمات الإرهاب من جديد مستغلة بعض مساحات الفراغ الأمنى الذى حدث، وجرت عملية إعادة توطين جديدة جعلت منطقة الشرق الأوسط حاليا واحدة من أخطر بؤر الإرهاب، ويكفى النظر إلى الخريطة، من شمال أفريقيا، إلى اليمن والعراق، واستغلال بعض التنظيمات المتطرفة فى الحرب الأهلية فى سوريا مرورا بسيناء فى مصر لندرك حجم التمدد الذى حصل خلال فترة زمنية وجيزة فى نشاط تنظيمات الخراب والتكفير.


فى التسعينيات كان الإرهاب ونجومه من أصحاب الفكر المتطرف، مشغولين بحربهم الكونية التى أعطت صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين فى أرجاء المعمورة، بأعمال التفجيرات والهجمات الانتحارية ضد مدنيين ومرافق ومحاولات إسقاط طائرات، إلى آخره، وفى الوسط كانت بعض الدول العربية تخوض حربها ضد الأذرع المحلية لهذا الإرهاب بعد أن أصبح مؤسسة دولية لنشر الخراب والدمار، تحت شعارات وأفكار لا تقنع إلا السذج وأصحاب العقول المريضة.


الإرهاب ليس جديدا على مصر أو المنطقة أو حتى العالم؛ فقد تعرضت مصر إلى موجة إرهاب فى مدنها، خاصة بعد اغتيال الرئيس الراحل السادات خلال عقد الثمانينيات وجزء من التسعينيات، وكان ضحاياها بالمئات أجانب ومصريين، وتضررت مواسم سياحية كثيرة بفعل هذه الهجمات خاصة بعد مذبحة الأقصر، وكانت مدن ومناطق فى جنوب مصر مسرحا لأعمال عنف ومواجهات مسلحة مع الشرطة.


وانحسرت موجة الإرهاب وتلتها مراجعات فكرية قدمت فيها بعض التنظيمات المتطرفة ما يشبه الاعتذارات، وأعلنت تخليها عن العنف، بينما رحل من رحل إلى أفغانستان، ومناطق أخرى بعيدة يمارس فيها الإرهاب.



ولذلك لا يمكن التفكير فى أن هناك أى فكر أو هدف سياسى منطقى لموجة الهجمات المسلحة التى تشن فى بعض الأحيان بشكل يومى، فى سيناء ومدن مصرية أخرى بعضها ينجح والبعض الآخر يفشل، إلا أنها مجرد أداة فى عملية محاولة استنزاف الدولة المصرية فى مرحلتها الانتقالية الحالية سياسيا وأمنيا واقتصاديا.

وأخيرا: هل الإرهاب عقيدة فكرية أم وظيفة مقبوضة؟ !

حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة