تطورت حدة الأزمة داخل الكونجرس حول ميزانية الحكومة والتى كان من المفترض إقرارها قبل 1 أكتوبر، لتصل إلى توقف جزئى داخل أروقة العمل وقطاع الخدمات الحكومية فى الولايات المتحدة.
نشبت الأزمة بإصرار مجلس النواب الأمريكى تأجيل تمويل برنامج الرعاية الصحية "أوباما كير"، فى الميزانية الجديدة قبل إحالتها إلى مجلس الشيوخ الذى بدوره عارض القرار. ويتطلب إقرار الميزانية الموافقة عليها من مجلسى الكونجرس وهما "مجلس الشيوخ" الذى يسيطر على الأغلبية فيه الديمقراطيون ومجلس النواب ذو الأغلبية من الجمهوريين.
وبعد جولة من التراشق بمشاريع القوانين والاقتراحات بين مجلسى النواب والشيوخ، حتى مساء الإثنين، تعثر الوصول إلى اتفاق بشأن الميزانية الجديدة الخاصة بالحكومة الفيدرالية. وما كان من الرئيس الأمريكى سوى أنه أصدر أوامره إلى دوائر الحكومة الفيدرالية بوقف جزئى للعمل رواتبهم بأثر رجعى فى حال حل الأزمة، وهو ما يهدد باضطرابات واسعة داخل الولايات المتحدة.
وأصر النواب الجمهوريون، الذين يسيطرون على مجلس النواب، على تأجيل تمويل قانون الرعاية الصحية الذى تبناه أوباما، كشرط لإقرار الميزانية، وهو ما عارضه الديمقراطيون الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ.
قانون الرعاية الصحية محل الأزمة..
ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز فإن قانون الرعاية الصحية صادر ومطبوع على الكتب منذ 3 سنوات وقد أيدته المحكمة العليا عام 2012، ويعد الجزء الأكبر من بنود القانون نافذة المفعول، الثلاثاء، مع افتتاح "تبادل التأمين"، حيث سيستطيع أولئك الذين لا يتمتعوا بخدمات تأمينية أن يحصلوا على التأمين الصحى. بينما يصر الجمهوريون على أن القانون يحتاج لتأجيله لعام على الأقل وهو ما سعت الإدارة الأمريكية له قبل شهرين بالفعل بإعلان تأجيل بعض بنود القانون؟
القانون محل النزاع تم تمريره فى مارس 2010، بعد جدل واسع داخل الولايات المتحدة لمدة عام كامل حشد فيه الرئيس الأمريكى كافة طاقته لإقناع نواب جمهوريين كانوا يعارضون القانون خشية من استغلاله فى تمويل عمليات معينة تتعلق بالإجهاض.
ورغم تمرير القانون لكنه يظل مكروه لدى الجمهوريين الذين يسعون حتى الآن لإلغائه، فبينما أعلنت الإدارة الأمريكية، يوليو الماضى، عن رغبتها تأجيل إحدى مواد القانون لمدة عام واحد، وهى المادة المتعلقة بقيام الشركات الكبيرة بتوفير التأمين الصحى، فإنه الجمهوريون سارعوا لاستغلال هذا التأخير للمطالبة بإلغاء نظام الرعاية الصحية بأكمله حيث وصفه البعض بأنه يمل نحو الاشتراكية. وبعيدا عن الجمهوريون فإن عددا من الليبراليين يتفقون على أن القانون غير جيد فيما يتعلق بولاية صاحب العمل.
وتشير نيويورك تايمز إلى أن إدارة أوباما ومجلس النواب اقتربا، فى السنوات الماضية، من فشل الاتفاق على تمويل الميزانية الجديدة، لكنهم دائما ما توصلوا إلى اتفاق فى اللحظة الأخيرة لتفادى حدوث خلل فى الخدمات الحكومية. كما لا تعد هذه هى المرة الأولى التى تواجه فيها الولايات المتحدة فشل الاتفاق على الميزانية وإغلاق بعض الخدمات الحكومة، إذ حدث الأمر ذاته قبل 17 عاما فى عهد إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، بسبب الخلاف على حجم الإنفاق الحكومى.
ورفض أوباما التنازل أمام الكونجرس والقبول بالشروط التى وضعها الجمهوريون، للموافقة على تمرير الموازنة، ونقل راديو "سوا" الأمريكى عن بيان صادر عن البيت الأبيض قبل 7 ساعات من قرار إغلاق بعض خدمات الحكومة الفيدرالية، أن الكونجرس لا ينبغى أن يضع أمريكا رهينة رغبات أيديولوجية، فى إشارة إلى مطالبة الجمهوريين فى مجلس النواب بتأجيل تفعيل جزء مهم من قانون "أوباما كير"، والذى يتضمن تمويل وسائل منع الحمل للسيدات وأمور أخرى يراها المحافظون داخل الحزب الجمهورى معوقات للاقتصاد الأمريكى وتناهض معتقدات البعض.
الأزمة تهدد الدولار ومعدل النمو..
وفيما يقضى هذا الخلاف بتوقف حوالى 800 ألف عامل حكومى عن العمل، فإنه لا يوجد قانون يحدد المهلة المحددة لهذا التوقف، إذ إن الأمر متروك للكونجرس والبيت الأبيض واللذان بالتأكيد سيواجهها ضغوطا من الشعب والقوى العاملة، خاصة مع التأثير الاقتصادى الواسع للأزمة حيث واجه الدولار تراجعا واضحا فى التعاملات الأوروبية المبكرة صباح الثلاثاء. وتشير صحيفة وول ستريت جورنال إلى ارتفاع اليورو بشكل كبير مقابل الدولار، وتحذر من أن خطر استمرار الأزمة على النمو داخل الولايات المتحدة وكذلك تهديدها لجاذبية الدولار مقارنة بالعملات الأخرى.
ومن بين الخدمات الحكومة التى ستغلق أبوابها اليوم الحدائق المتاحف فى واشنطن وسيتأجل صرف المعاشات، وتوقعت صحيفة نيويورك تايمز أن تغلق وكالة ناسا لأبحاث الفضاء بعض فروع العمل لديها وأن تغلق مؤسسات مثل وزارة العدل بعض خدماتها غير العاجلة وأن توقف وزارة الأمن الداخلى تدريب الموظفين الجدد بالإضافة إلى العديد من الخدمات الهندسية والبيئية.
أزمة الميزانية الأمريكية.. ظاهرها قانون الرعاية الصحية "أوباما كير" وجوهرها خلاف البيت الأبيض والجمهوريين.. وتحذيرات من تراجع الدولار واضطرابات بعد وقف الرواتب.. ورهان على اتفاق فى اللحظات الأخيرة
الثلاثاء، 01 أكتوبر 2013 02:29 م