فى حوار مطول مع المستشار المفكر عبد الجواد ياسين فى برنامج "جملة مفيدة "مع الإعلامية منى الشاذلى، أكد أن القانون هو مكون رئيسى من مكونات المجتمعات، فأيا كان هناك تجمع، فلابد أن يكون هناك قانون، بينما هناك مجتمعات تعيش بلا دين.
طرح المفكر المصرى أشار خلاله أن القانون شىء لا يمكن محوه طالما هناك مجتمع، ولكن الأجزاء المتغيرة من الدين هى التى استطاع العلم أن يعطلها، ولكن جزءا من الدين بقى ثابتا رغم توقع الفلاسفة أن يمحى تماما، معللا ذلك بأن الدين شىء غريزى، ولكن هذه الغريزة لم تمنع قيام مجتمعات بلا دين.
وقال عبد الجواد ياسين: " لا يمكن أن يوجد مجتمع بلا قانون، بينما بالاستقراء الذى نعرفه، أن هناك عددا من المجتمعات انحرفت عن فكرة الدين الكلية، وأصبحت هناك مجتمعات بلا دين، أو منحرفة، بينما فى جميع الأحوال لا يوجد مجتمع بلا قانون، القانون معطى ثابت متعلق بأى اجتماع".
وأضاف: " أما الدين فهو شىء غريزى فى الذات الإنسانية، لا سبيل لنفى الدين من الإنسان أبدا، عجزت الفلسفة وقوات الإلحاد أن تغزو هذه المنطقة من الإنسان".
وأشار إلى أن الفيلسوف الشهير كانط والاجتماعيون الكلاسيكيون حتى ماكس فايبر توقعوا أن الدين سينتهى من العالم فى عصر العلم، لأن العلم سوف يجيب عن جميع الأسئلة التى كان الدين يجيب عنها، وأن العلم سيعطى تفسيرا كليا للعالم، ولكن فوجئوا بما يسمونه الآن، عودة المقدس.
ووضح عبد الجواد ياسين "أنه فى القرن الـ19 وجزء من القرن الـ20 بعد عصر النهضة الأوروبى، كان الاتجاه السائد أن الدين يتلاشى ويتقهقر، وهذا حقيقى فى مرحلة معينة وفى أجزاء معينة، وفى المقابل وجدنا أن هناك مد أصولى وتحولات فى الكنيسة، فحينما تنحرف الكنيسة عن المقدسات وتتنازل عنها، يرجع الدين يفرض نفسه مرة أخرى كاحتياج إنسانى".
وأضاف: " صمد جزء من الدين فى وجه التطور الهائل للإنسان على مستوى الهياكل الكلية الاقتصادية والاجتماعية، وفى مقابل هذا التغير والتطوير حدث تحد فى مواجهة الدين، وكان نتيجة التحدى بين التطور والدين تقهقر جزء من الدين، وثبات ورسوخ جزء آخر، أما الجزء الذى ظل راسخا فهو الإيمان والأخلاق لأنه كلى غير متغير، بدليل أنه الشىء الوحيد الثابت فى الديانات كلها باختلاف تعددها وبيئاتها. بينما الجزء الذى تقهقر هو الجزء الاجتماعى الذى هو من صناعة الإنسان والفقهاء".
وقال المفكر المصرى إن المتدينين الآن يستمدون أحكامهم من اجتهادات بشرية وليست إلهية، مشيرا إلى أن هذا التدين به خلل واضح، ويجب إعادة الاعتبار للنصوص القرآنية الإلهية التى حاد عنها أغلب الفقهاء.
وأوضح ياسين –خلال استضافته فى برنامج "جملة مفيدة"-: " أن المنظومة الدينية التى بين أيدى المسلمين اليوم، هى منظومة تاريخية مصدرها الاجتهادات الفقهية، وليس النص المجرد".
ويعنى ياسين بالنص المجرد هو الوحى الثابت ثبوتا قطعيا من حيث الإسناد إلى الله ومن حيث الدلالة، أما المنظومة الدينية التى يتحدث عنها فهى الفقه والتفسير.
وأضاف ياسين: " الفقه والتفسير ليست مصدرها القرآن، ولكن مصدرها الإجماع وقول الصحابة، وأهل المدينة، ونرى أن المنظومة الحالية فيها المصادر اللانصية أكثر بكثير من المصادر النصية، وحينما نشبه حجم الكتلة الفقهية بـ100، فـ99 منها قادمة من الفقه الاجتهادى البشرى، بما فيها سلطة الحديث، وهى الرواية، لأنها غير ثابتة ثبوتا قطعيا فى نسبتها إلى الوحي".
وأشار إلى أن البنية الدينية القائمة الآن، هى بنية غير نصية، مصدرها غير إلهية، لا تستند إلى الوحى، فى حين أنها حين انضمت إلى البنية الدينية صارت مقدسة وملزمة، فيما أن الإلزام لا ينبغى إلا للوحى".
عبد الجواد ياسين لجملة مفيدة: لا يمكن أن يوجد مجتمع بلا قانون
الأربعاء، 09 يناير 2013 02:06 م
المستشار المفكر عبد الجواد ياسين
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة