إن نظرة فاحصة متانية على الصناعة المصرفية الإسلامية نجد أنها حديثة النشأة نسبيا، وبالرغم من أن مصر أول دولة فى العالم كان لها تجربة مضيئة فى مدينة وقرى ميت غمر عام 1963 والتى قام بها الدكتور أحمد النجار إلا أن هذه التجربة أجهضت عام 1967، وانتشرت المصرفية الإسلامية فى العالم بمساهمة فكرية من مجموعة من العلماء من بينهم فريق من المصريين أولهم (العربى، النجار، ،عيسى عبده)، وبدأ التطبيق الفعلى عام 1975 بنك دبى الاسلامى، ثم مجموعة بنوك فيصل الإسلامية على مستوى العالم، ومجموعة بنوك البركة حتى وصل عددها ألان وفقا لإحصائية المجلس العام للبنوك الإسلامية إلى 500 مؤسسة مالية إسلامية وفقا لإحصائية 2010.
وقد أصدرت مجموعة من الدول قوانين تنظم أعمال البنوك الإسلامية بعضها دول إسلامية وأخرى غير إسلامية إلا أن الإدارة التنفيذية فى مصر أخذت موقفا مترددا حول كل ماهو اسلامى، بغض النظر عن نتائجه الإيجابية اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا وقد تاخرت مصر فى اصدار قانون للمصرفية الاسلامية وللصكوك الإسلامية.
هذا وقد وقفت متأملا ومفكرا لدراسة موقف الإدارة التنفيذية فى مصر دراسة علمية متانية تستند على مشاهداتى وعلى خبرتى فى تحويل البنوك التقليدية إلى إسلامية بعيدا عن الاتهام أو التهوين أو التهويل كما يحلو للبعض لأن ذلك مريح لافتقداهم للرؤية الاستراتيجية لإدارة التغيير، وتركيزهم على التطبيقات الجزئية دون تشخيص للمشكلة الحقيقية، فما هى أسباب هذه الاعتراضات؟
1- عدم معرفة الإدارة التنفيذية بمنهج وآليات الاقتصاد الإسلامى والمصرفية الإسلامية، ولم تبذل جهودا تذكر لتهيئة الإدارة التنفيذية فى هذا المجال.
2- مخاوف الإدارة التنفيذية من عدم فهمهم للآثار والآليات المترتبة على التطبيق المصرفى الإسلامى، والإنسان عدو ما جهل كما يقول الإمام على بن ابى طالب.
3- قيام حزبى الحرية والعدالة والنور وبالتعاون مع جمعية التمويل الإسلامى، دون إشراك الإدارة التنفيذية من راسمى السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية والقانونية من الإدارة التنفيذية بالدولة والاكتفاء بخبرات بعض العلماء فى الجوانب الشرعية من جامعة الأزهر ودار الإفتاء، ومن المعروف إن إشراك هذه الهيئات يمثل أحد أهم المداخل التعليمية غير المباشرة، ويقلل من حجم الاعتراضات الناتجة عن سوء الفهم وعدم وضوح الصورة.
4- نقص الشفافية الكاملة وتعارضها حول الصكوك وهل ستخصص لسد عجز الموازنة أو للاستثمار فى مشروعات جديدة.
5- لم ينشر من قريب أو بعيد آلية إصدار الصكوك، وتغطية مخاطرها والفرق بينها وبين السندات والأسهم.
6- لم تعد خطة تهيئة علمية للتوعية لدى متخذى القرارات على مستوى قيادات وزارات الاقتصاد والمالية والاستثمار والبنك المركزى.
7- عدم اعداد اوراق علمية مبسطة للتعريف بالاقتصاد الإسلامى والمصرفية الإسلامية والصكوك الإسلامية وتوزيعها على كبار التنفيذين فى الحكومة .
8- عدم رسم خطة اعلامية متدرجة واضحة المعالم محددة القسمات فى الاعلام المرئى والمسموع والمقروء للتوعية بالاقتصاد الإسلامى والمصرفية الإسلامية، فقد أتيح الاستماع إلى بعض الحلقات ولاحظت فيها عدم توحيد الفكر فوجدت أقوالا متعارضة وليست مرتبطة برسالة إعلامية.
9- عدم الاستفادة من خبرات علماء الاجتماع الإسلامى وعلماء الإدارة الاستراتجية فى رسم الية لمواجهة مقاومة التغيير دون اتهام الناس بأنهم يرفضون كل ما هو إسلامى .
10- إن الاعتراف بالمصرفية الإسلامية سوف يترتب عليه مخاوف إنسانية لأساطين البنوك التقليدية وينال من مكانتهم الوظيفية وخبراتهم الدولية التى يتغنون بها والتى لم تفلح فى إحداث تنمية ذات بال، وقد يترتب على ذلك ترتيب أعباء نفسية فربما يتصورون أنه سيتم الاستغناء عنهم، أو مطلوب منهم إعادة تعليم أنفسهم من جديد فلسفة جديدة للبنوك تستمد أحكامها من الشريعة الإسلامية، وهذه مخاوف طبيعية، وأنا متأكد من خلال خبرتى فى تحويل البنوك التقليدية إلى إسلامية، أن البنوك لن تستغنى إلا عن الفئة المعاندة، التى تحارب التطوير وتقف موقف العداء،. إذا وفرنا لها المعرفة العلمية وتفهمنا أسباب هذا الرفض.
• مستشار تطوير المصرفية الإسلامية.
د.سمير رمضان الشيخ يكتب: ردًا على المعترضين على إصدار الصكوك الإسلامية
الثلاثاء، 08 يناير 2013 07:17 م