يشهد ترشيح جون برينان لمنصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية جدلا واسعا، ورفضا داخل الحزبين الجمهورى والديمقراطى، مما قد يضطر الرئيس باراك أوباما على إثره للتراجع عن اختياره، مثلما فعل قبل أربع سنوات حينما اختار نفس المسئول لتولى قيادة فريق الأمن القومى.
الجمهوريون يخشون تقربه من الإسلاميين
فعلى الجانب الجمهورى تشير وسائل الإعلام الأمريكية إلى مخاوف بين الجمهوريين تجاه علاقة برينان بالجماعات الإسلامية وشكوك بشأن رفضه قبلا ربط عبارة "الإسلامى" و"الإرهابى" بينما كان يعمل مستشارا لأوباما لمكافحة الإرهاب.
ففى أكتوبر 2011، كتبت 57 جماعة إسلامية خطابا إلى برينان، تحدثت عما تعتبره الجماعات الإسلامية إحاطات مناهضة للمسلمين، ودعت الإدارة الأمريكية لإصدار مراجعة شاملة وحذف مثل هذه العبارات التى تراها مسيئة.
وألقى برينان العديد من الخطب فيما بعد يفسر عدم استخدام الإدارة لعبارات مثل "المتطرفين الإسلاميين"، مشيرا إلى أن إرهابى القاعدة متطرفون وليسوا جزءا من الإسلام. حيث امتثل البيت الأبيض وأمر البنتاجون بإجراء المراجعة، وهو ما اعتبرته صحيفة واشنطن تايمز أنه دليل واضح على التأثير التى يمكن أن تمارسه الجماعات الإسلامية المختلفة على إدارة الرئيس باراك أوباما.
وتشير الصحيفة إلى أن اثنتين من الـ 57 جماعة، مدرجتان ضمن قائمة وزارة العدل الأمريكية بأنهما على صلة بالإخوان المسلمين، وكشريك غير متآمر فى القضية الخاصة بمحاكمة جمعية خيرية فى تكساس تقوم بتحويل تمويلات لحركة حماس، التى تعتبرها الولايات المتحدة إرهابية. والجماعتان هما مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية والجمعية الإسلامية بشمال أمريكا.
معرفته بالعربية تجعله رابطا آخر بالإخوان
ومعرفة برينان للغة العربية بصفته متخصصا فى الشأن الشرق أوسطى، قد تكون دافعا لاختيار أوباما له فى ظل هذه المرحلة الانتقالية فى تاريخ المنطقة التى تشهد صعود قوى إسلامية للحكم، لاسيما أنه يتمتع بالخبرة الطويلة فى العمل الاستخباراتى حيث خدم فى الـ "سى آى إيه" على مدار 25 عاما.
لكن علاقته بالجماعات الإسلامية وحديثه العربية، هو ذات السبب الذى يثير مخاوف المحافظين. ويلفت جيمس كارافانو، الخبير فى مكافحة الإرهاب فى مؤسسة التراث الأمريكية إلى أن استبعاد برينان لمصطلح "الإرهاب الإسلامى" أثار قلق المحافظين الذين يعتقدون أنه يظهر تصويبا سياسيا من جانب إدارة أوباما.
وتشير صحيفة كندا فرى برس إلى أن اختيار برينان مديرا لـ"سى.أى.إيه" سيؤثر على نهج الإدارة الأمريكية نحو أسلمة الشرق الأوسط، خاصة تقرب أوباما من جماعة الإخوان المسلمين وسيطرتها على مصر.
ويرى الكاتب الأمريكى أرنولد إلرت أن اختيار برينان يشير إلى إصرار أوباما على البقاء على أجندته للوصول إلى الشرق الأوسط فى ظل هيمنة الإسلاميين. ويضيف أنه فى أسوأ الأحوال سيعمل المرشح لتولى الاستخبارات الأمريكية كرابط آخر فى جهود الإدارة الأمريكية لتطبيع العلاقات مع الإرهابيين الإسلاميين.
وفى كلمته أمام مركز نيكسون فى مايو 2010، قال برينان إن المتطرفين الذين يتسمون بالعنف هم ضحايا لقوى سياسية واقتصادية واجتماعية. وكشفت وكالة رويترز عن تعليقات أدلى بها عقب عودته من لبنان قائلا: "إن حزب الله منظمة مثيرة جدا. بالفعل هناك عناصر داخلها تمثل مصدر قلق، لكن ما نحتاج القيام به هو البحث عن سبل لتقليل تأثير هذه العناصر داخل الجماعة فى محاولة بناء العناصر الأكثر اعتدالا".
الديمقراطيون يشكون تأييده لتعذيب المشبته بهم
الانتقادات التى يواجهها بيرنان من قبل الحزبين الجمهورى والديمقراطى من المرجح أن تلقى بظلالها على المعركة عندما يقف مرشح أوباما لقيادة الـ سى.آى.إيه أمام لجنة الاستخبارات فى مجلس الشيوخ.
فعلى الجانب الآخر فإن الديمقراطيين يشكون من تأييده مسبقا لتعذيب الإرهابيين المشتبه بهم عندما خدم بالـ سى.آى.إيه، فى إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش. فيعرب الديمقراطيون عن قلقهم حيال موقف برينان خلال خدمته فى الـ "سى.آى.إيه" أثناء إدارة بوش حيث كان مسئولا عن برنامج يخضع الإرهابيين المشتبه بهم لتحقيقات وأساليب استجواب قاسية مثل محاكاة الغرق المثيرة للجدل.
واختار الرئيس باراك أوباما برينان ليحل بدلا من ديفيد بتريوس، الجنرال الأمريكى الذى استقال من منصبه نوفمبر الماضى بعد اعترافه بعلاقة غير شرعية مع كاتبه سيرته الذاتية.
ورأت لورلا مورفى، مدير المكتب التشريعى باتحاد الحريات المدنية الأمريكية، أن لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ لديها فرصة لسؤال برينان بشأن دوره خلال عهد السجون السرية، والتعذيب والتسليم الاستثنائى".
وأضافت أنه حتى يتم الرد على كل هذه الأسئلة لا يجب على مجلس الشيوخ أن يمضى فى ترشيحه.
وقال السناتور الجمهورى جون ماكين، المعروف بانتقاده لأساليب الاستجواب القاسية للسجناء، إنه لديه العديد من الأسئلة والمخاوف بشأن ترشيح برينان، خاصة حيال ما يتعلق بدوره فى برامج تعزيز الاستجواب حيث كان يخدم بالـ "سى.آى.إيه" خلال إدارة بوش علاوة على دفاعه العلنى عن هذه البرامج.
ولا تعد هذه هى المرة الأولى التى يثار فيها جدل واسع بشأن برينان، فقبل أربع سنوات، عندما ترأس فريق الأمن القومى فى إدارة أوباما الأولى، قام بسحب اسمه بعد موجة من الانتقادات الديمقراطية بشأن دوره فى حرب إدارة بوش على الإرهاب.
وفى خطاب للرئيس المنتخب أوباما، فى 25 نوفمبر 2008، قال برينان إنه يعارض استخدام محاكاة الغرق لكنه سحب اسمه لأن الخلاف يؤثر على أهمية العمل فى المستقبل. وأضاف المسئول البارز الذى انتقل من العمل فى إدارة بوش إلى رئاسة المركز القومى لمكافحة الإرهاب أن مسيرته المهنية عانت بسبب انتقاداته لسياسات الاستجواب حتى أنه ترشح مرتين لتولى مناصب عليا فى إدارة بوش لكن البيت الأبيض رفض.
ومع ذلك تشكك مورفى فى حقيقة هذا الكلام قائلة: "إذا كان يعارض هذه السياسات، فماذا فعل حيالها؟".
كما أعرب مشرعون آخرون من الحزبين عن قلقهم حيال هجمات الطائرات بدون طيار التى يشنها الـ "سى.آى.إيه" على الإرهابيين المشتبه بهم، بما فى ذلك مواطنون أمريكيون فى الخارج، وهى العمليات التى أشرف عليها برينان ضمن برنامج موسع خلال إدارة بوش.
برينان مرشح أوباما لقيادة "الاستخبارات المركزية".. يطارده الجمهوريون لعلاقته بالإسلاميين.. ويتهمه الديمقراطيون بالإشراف على تعذيب المشتبه بهم..خبراء: معرفته بالعربية تجعله حلقة وصل بالإخوان المسلمين
الثلاثاء، 08 يناير 2013 08:13 م