وجدان العلى

الكاباتشينو ومسحوق الاستلاب!

الثلاثاء، 08 يناير 2013 08:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كثيرا ما يطرق ذهنى هذا السؤال: إذا كان للكذب فى واقعنا مثل هذا الاحتفاء، وكان له أصحابه الذين يقدرونه ويرفعون من شأنه ولا يعصون له أمرا، فيكذبون فيما نحياه ونعاينه، ويصرون على الافتراء واختلاق القصص التى ما زال أصحابها يتنفسون، فكيف هو حجم الكذب فى تاريخنا القريب والبعيد معا؟!
هل كان يصح لهذه الأمة تاريخ، أو حضارة، لو لم يكن الله تبارك وتعالى قد صانها بعلم الحديث والنقد الذى يكشف زيف الروايات وطبقات الرواة صدقًا وإتقانًا، فى منهج دقيقٍ يدل على الكمال العقلى والرشد الذى حازته هذه الأمة المجيدة؟
والذى أتى بهذه الأسئلة إلى ذهنى، واقعة صغيرة تعيش على هامش حياتنا، لم يرد لها كهنة الكذب ورواة التضليل أن تبقى هكذا، حتى سلطوا عليها الضوء الأسود(!) وأتوا بها إلى الشاشات محفوفةً بالتهم المعلبة التى تشبه أساطير الجدات قديما!.
هذا مقهى راقٍ فى مكانٍ راق، له اسم أجنبى، لا علاقة له بانتماء أو فكر أو حزب، كل ما اقترفه هذا المقهى هو أن يكون راقيا، بعيدا عن التلوث السمعى والبصرى والبيئى والسلوكى!.
لكنَّ حملة الربابة من نافخى الكير، يحبون دائما أن لا يكون الطبيعى طبيعيا، إذا كان صاحبه يملك فى وجهه حفنة من الشعرات، لا أكثر ولا أقل!.
وهنا يأتى دور مسحوق الاستلاب: سنسلبك عقلك أيها المشاهد ببعض القصص الخيالية، والافتراءات الأسطورية، ولا بأس عليك فى هذا العالم السحرى الأنيق، أن تبيعنا عقلك، وتستقيل من التفكير!.
لم يكن ذلك كله غريبا علىّ، أو على من هم مثلى ممن عرفوا الأمر وقاعدته وأراحوا أنفسهم من ممارسة الدهشة، ولكن المدهش الذى أخذ بعقلى يمينا وشمالا هو أن يتلقف هذه الأكاذيب قلمٌ له تاريخ فى الصحافة، يعلم قيمة الحرف ومعنى الكلمة ويبذل فى سبيل أدائها كثيرا من التحرى، وغير قليل من الإنصاف الذى يتوارى كثيرا عندما يخص الأمر شيئا له علاقة بالسلفيين، وهنا لا يتم التحقيق، بل يُكتفى بـ"استدعاء" الصورة الذهنية السابقة، ويتم التعامل معها بكثير من السطحية التى تفرض علينا إعادة النظر فى قدرة كثير من المتصدرين على ممارسة الوعى الذى لا قوام له إلا الإنصاف، والعلم، ولو مع المخالف.
إنها "قهوة" يا سيدى! لا لون لها هنا غير اللون الذى لها هناك، وإنها طاولة يا سيدى، لا تسبح هاهنا وترقص هناك، وإنها وجبةٌ طيبتها العافية يا سيدى، لا ميزة لها سوى أن أصحابها يحرصون على أن تكون مميزة..! عفوًا يبدو أننى أحاول تقرير البدهيات، وهذا سيكون عبثًا منى إن فعلت، ولكن ماذا أفعل، ونحن بين يدى قلمٍ له تاريخ كبير فى الصحافة، يضطر صغيرًا مثلى أن يبين له بعضا من البدهيات التى أذهبها إدمان البعض لمسحوق الاستلاب، وكان الأولى أن يفكر قليلا ويسحب طاولة فى زاوية هادئة وينادى النادل: كوب كاباتشينو لو سمحت؟!.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة