فتاوى غير مستساغة، فتاوى لا يتقبلها عقل ولا قلب، فتاوى لا تتماشى مع السياق العام والتاريخى لشعب مصر، فتاوى لا فائدة من ورائها، فتاوى ليس هدف إلا حرق مصر وإدخالها فى نفق الفتنة المظلم.
فتاوى من بعض مشايخ ناقصى العلم والفطنة أخطرها التى تنهى أى مسلم عن تهنئة إخوانه الأقباط فى أعيادهم وكذلك التهنئة فى أفراحهم والمواساة فى أحزانهم. فتاوى لا تتسق مع فتاوى كبار علماء الأزهر الشريف وعلى رأسهم دار الإفتاء المصرية التى تتمتع بسمعة علمية ودينية عالمية.
فتاوى لا تتمشى مع اعتناء الإسلام بمولد المسيح عليه السلام كآية من الله على قدرته العظيمة ورحمة منه بعباده، وحب المسيح عليه السلام فرض على كل مسلم، وتصديقه والإيمان به شرط فى صحة إسلام المسلم وإيمانه.
فتاوى لا تتماشى مع وجود سورة مريم وسورة آل عمران فى القرآن الكريم، فتاوى لا تتماشى مع ذكر مصر باسمها وهى بلاد القبط قبل الإسلام أربع مرات، والتلميح إليها أكثر من ثلاثين مرة.
فتاوى لا تتماشى مع حياة الشراكة بيننا وبين إخوتنا الأقباط على مدار التاريخ فهم شركاؤنا فى الأرض، والماء، والسكن، والكلأ، والجو، والبحر. فهم إخواننا وجيراننا ولا يمكن أن يكونوا أعداءنا طالما لم يخرجونا من ديارنا أو يحاربونا فى ديننا، وهم لم يفعلوها على الإطلاق.
فتاوى لا تتماشى مع ما قاله رب العزة عن أنهم الأقرب إلينا والأكثر مودة لنا لأن فيهم قسيسين ورهبانا. فتاوى لا تتماشى مع وصية رسول الله صلى عليه وسلم لأصحابه بأقباط مصر لوجود رحم بينه وبينهم فهم أخواله لهاجر زوجة الخليل إبراهيم وأم ولده سيدنا إسماعيل عليهما السلام وأخوال ولده إبراهيم من ماريا القبطية. فتاوى لا تتماشى مع سيرة النبى صلى الله عليه وسلم مع جيرانه من اليهود.
فتاوى لا تتماشى مع سلمية ثورة 25 يناير المجيدة حيث وقف المسلمون ومعهم الأقباط شركاء الوطن يهتفون الشعب يريد تغيير النظام. فتاوى لا تتماشى مع ما شاهده العالم كله والأقباط يصلون فى الميدان ويقفون لحماية المسلمين أثناء الصلاة فى الميدان ويصبون الماء لأخيهم المسلم للوضوء فى الميدان، والدور الوطنى العظيم الذى قامت به كنائس ومساجد الميدان.
فتاوى لا تتماشى مع دستور مصر الجديد مصر الديموقراطية الحديثة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير حيث ضمن لهم المساواة التامة بيننا وبينهم لهم مالنا وعليهم ماعلينا. واتفقنا جميعا على الديموقراطية كأداة للوصول إلى كراسى السلطة وتبادل السلطة وهم مثلنا يؤمنون بالديموقراطية ويقبلونها كطريقة للصراع السياسى السلمى والحضارى. وكلنا نرفض التمييز من أى نوع ولأى سبب حتى لو كان إيجابيا، وكلنا نؤمن بالمواطنة.
فتاوى لا تتماشى مع تاريخ المصريين فى الجهاد والنضال ضد الاحتلال وضد العدوان حيث التحم الهلال مع الصليب فى ثورة 1919م وحيث اختلطت دماء المصريين مسلمين وأقباطا على تراب الوطن دفاعا عنه فى حرب 1956م ، وحرب 1967م، وحرب أكتوبر/ رمضان 1973م. استشهد المصريون أقباطا ومسلمين واختلطت دماؤهم بتراب الوطن وهم يكبرون الله أكبر.
فتاوى لا تتماشى مع ما رأينا عليه الآباء والأجداد وما علمنا إياه الآباء والأجداد وما عشنا به إلى الآن من حسن المعاملة كجيران ونأكل سويا ونذاكر دروسنا سويا ونتبادل التهانى فى الأفراح والأعياد ويواسى بعضنا بعضا فى الأحزان، ونتبادل الهدايا والصدقات ويعود بعضنا بعضا إذا مرض أحدنا ومعا نحرس البيوت والأموال والأعراض.
فتاوى لا تناسب المصريين ولا تناسب غيرهم فى أى مكان فى العالم حيث انتشرت ثقافة السلام والتعايش والمواطنة والمساواة فى جميع أنحاء الكرة الأرضية تقريبا. فتاوى لا تناسبنا والإسلام دين السلام والتعايش والمواطنة والمساواة والتسامح.
من هنا من على المنبر الحر بصوت واضح أهنىء إخوانى الأقباط بعيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام رسول السلام والتسامح وأقول بصوت عال كل عام وأنتم بخير، وهذه التهنئة من منطلقات دينية وإسلامية ومن منطلق رد الواجب لأنهم لا يتركون عيدا لنا إلا ويقدمون لنا التهنئة بجميع أشكالها التى تعارفنا عليها كمصريين.
من على هذا المنبر الحر أيضا استنكر دعاوى الفتنة والتفرقة وتمزيق نسيج الأمة من رجال علم أو سياسة وحتى لو كانت من رجل دين سواء مسلما أو مسيحيا، وأعتقد أن الأغلبية المصرية تشاركنى هذا الرفض والسبب بسيط لأنه لا يوجد مصرى واحد يريد حرق مصر وتشويه صورة المصريين، وخاصة أن أعداء الوطن على مر العصور حاولوا حرق مصر عن طريق الفتن الطائفية وتمزيق جسد الوطن الذى نسجه الله تعالى متماسكا إلى درجة الانصهار. وأخيرا لا أملك إلا أن أدعو الله عز وجل وأقول "حمى الله مصر من شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن".
د.عبد الجواد حجاب يكتب: تهنئة لأقباط مصر يوم عيدهم
الإثنين، 07 يناير 2013 09:24 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م. مجدى عزيز
سلمت يداك