وصف المفكر السياسى المصرى الدكتور سعد الدين إبراهيم حكم الرئيس المصرى محمد مرسى بالمرتبك والمتخبط، وقال إنه لم يحقق 50 فى المائة من وعوده التى قطعها على نفسه. واتهم «الإخوان المسلمين» بعدم الوفاء بوعودهم، وأنهم حينما يوزعون المناصب لا يشركون أحدا غيرهم.
وأكد عالم الاجتماع السياسى فى حواره مع صحيفة «الشرق الأوسط» أن مكتب الإرشاد فى جماعة الإخوان هو الذى يحكم مصر وليس الرئيس مرسى «الذى لا يملك إلا السمع والطاعة»، على حد قوله. كما كشف د.إبراهيم عن علاقة خيرت الشاطر بالرئيس مرسى، وحقيقة ميليشيات «الإخوان»، وعلاقاتهم مع الولايات المتحدة الأميركية من واقع مجاورته لهم فى السجن. يذكر أن الدكتور سعد الدين إبراهيم أحد أبرز المفكرين السياسيين الذين دفعوا ثمنا غاليا لمواقفهم السياسية المعارضة للنظام السياسى المصرى السابق، وهو أستاذ الاجتماع السياسى بالجامعة الأميركية بالقاهرة، وكان أستاذا لسوزان ثابت قرينة الرئيس السابق حسنى مبارك. وهو رئيس مركز ابن خلدون إحدى أبرز المنظمات المدنية التى ظلت مثيرة للجدل لفترة طويلة، حتى صدر حكم قضائى لصالحه. .. وجاء الحوار مع «الشرق الأوسط» على النحو التالي:
ما رأيكم فى المشهد السياسى الآن بعد وصول الرئيس مرسى المنتمى لـ«الإخوان» إلى الحكم؟
- لا شك أن بهم بعض النواقص لأنهم حديثو العهد بالسلطة، وهناك قدر من الارتباك والتخبط، لكن كان هذا مقبولا خلال المائة يوم الأولى من حكم الرئيس مرسي، وهو هامش مسموح به ومعروف فى ظل تولى أى نظام جديد للحكم حتى يرتب أوضاعه وأوراقه ثم نستطيع بعد ذلك أن نحكم عليه. ولكن هذا لا يمكن أن يكون مقبولا بعد مرور فترة تجاوزت تلك المائة يوم بكثير، خاصة أن «الإخوان» أخذوا على عاتقهم وعودا لتنفيذها، خاصة فى ما يتعلق بالملفات التى وعدوا بفتحها. ومن ثم يبدو واضحا من كل المقاييس وبكل المعايير أنه لم يتم إنجاز ولو حتى نسبة 50 فى المائة من أى من الملفات التى وعدوا بالتعامل معها.
لأى الأسباب ترجع هذا القصور.. هل لشخصية الرئيس، وتدخل «الإخوان»، أم لأن الجماعة غير جديرة بالدخول إلى معترك السياسة والسلطة؟
- من المعروف فى الظواهر الاجتماعية والسياسية أنه يصعب إرجاع ظاهرة معينة أو تقييم أداء حكومة بعامل واحد، لكن كل مجموعة العوامل التى أشرت إليها تشترك كأسباب فى إحداث هذا الارتباك.
لكن أيها الأكثر تأثيرا فى هذا القصور الملحوظ؟
- ربما زيادة الثقة فى النفس، وربما سوء الحساب، فأنا أعتقد أن لديهم كفاءات ومع ذلك لم تكن موجودة على الساحة، بالإضافة لسعيهم للسلطة رغم وعودهم السابقة بعكس ذلك، ونحن رأيناهم وهم يوزعون المناصب لا يشركون غيرهم فى السلطة. وقد أدت هذه الأمور كلها إلى حالة التعثر والضعف الشديد فى الأداء التى نراها.
ما انطباعكم عن شخصية الرئيس مرسي.. وهل تصلح لإدارة بلد كمصر؟
- بالطبع قيادة مصر كانت تحتاج رجلا مختلفا، بمعنى أن يكون أولا ذا خبرة على الأقل فى أحد جوانب الحياة المعاصرة كخبرة إدارة عملية أو خبرة مشاركة عملية. أما الدكتور مرسى فخبرته لا تخرج عن عمله فى جماعة الإخوان المسلمين وعمله الجامعي، ومن ثم ليست لديه خبرة فى إدارة أى مؤسسة. فهو رجل دمث الخلق ومهذب وعالم فى مجاله، لكن السياسة تحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير.
فى رأيك.. ما أخطر أخطائه منذ تولى الرئاسة فى مصر؟
- هى ليست أخطاء بقدر ما هى قصور فى القدرات.
لكن هناك من يتهم الرئيس مرسى بالاستعانة بأهل الثقة على حساب أهل الخبرة؟!
- طبعا هذا أيضا أحد الأسباب، لأن مكتب الإرشاد هو الذى يحكم مصر. وبما أن الرئيس مرسى كان زميل سجن لى بين عامى 2000 و2003، فقد لاحظت عليه خلال تلك الفترة أنه كان يتكلم دائما بعد اثنين من زملائه فى السجن معنا ولا يسبقهما أبدا، وهما خيرت الشاطر وحسن مالك، وكنت ألاحظ أنه فى أى حديث حتى الأحاديث العفوية فى ملعب السجن أو المسجد كان دائما لا يتكلم إلا بعدهما. وبعد أن خرجنا من السجن جمعتنا لقاءات الحوار بينهم وبين القوى الغربية، وكنت أنا منظم هذا الحوار، وعندما راقبت أداء الدكتور مرسى آنذاك وجدت أنه دائما يراعى الأقدمية فى كل شىء، وهو ما يفسر لنا سبب اختيار خيرت الشاطر للرئاسة قبل مرسى الذى كان احتياطيا له.
هل حقا أنك كنت وسيطا بين «الإخوان» فى السجن والأميركيين؟
- بالفعل لجأ «الإخوان» لى بعد خروجى من السجن لأنهم كانوا يريدون التواصل مع أمريكا. فالسلطات المصرية كانت تمنع مثل هذا التواصل، وأذكر عندما كان يريد نائب أمريكى مثلا زيارة السجن لم تكن السلطات المصرية تعطيه الإذن.
لماذا كان «الإخوان» حريصين على التواصل مع أمريكا فى ذلك الوقت؟
- أولا سعيا للاعتراف بهم، وثانيا لتحسين صورتهم لدى الأميركيين والغرب بشكل عام، وتأكيد أنهم ليسوا بالبشاعة التى صورهم بها نظام مبارك، وثالثا لرغبتهم فى التعاون مع القوى الغربية.
هل تعتقد أن ذلك الدفء فى العلاقة بين «الإخوان» والولايات المتحدة الأميركية ما زال مستمرا أم تبدد مع وصولهم للحكم فى مصر؟
- لا بالعكس، بدليل أن «الإخوان» ما بين المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من الانتخابات أرسلوا 30 قيادة من قياداتهم إلى الولايات المتحدة الأميركية لطرق كل الأبواب وتقديم كل فروض الاستعداد للتفاهم والتعاون.
لكن البعض فسر تأخر زيارة الرئيس مرسى ل أمريكا بأنه انقلاب فى العلاقة مع الغرب واستغناء عن العلاقة مع واشنطن لصالح الدول الشرقية التى زارها.. ما تعليقك؟
- لا لا هذا ليس صحيحا، فالرئيس مرسى كان يريد زيارة واشنطن وليس هو الذى أجل زيارته لها بل الأميركيين أنفسهم هم الذين أجلوا زيارته ل أمريكا، لأن واشنطن تحفظت على الزيارة آنذاك لأكثر من سبب، وبالتالى تأجلت إلى فبراير المقبل.
ذكرت فى حوار سابق مع صحيفة مصرية أن الفريق أحمد شفيق كان هو الفائز بانتخابات الرئاسة لولا تهديد «الإخوان» بنسف المتحف المصري.. كيف عرفت ذلك؟
- أولا عرفنا بفوز شفيق من خلال مراقبتنا الخاصة للانتخابات، فكان لدينا 7 آلاف مراقب من مركز ابن خلدون، لكن مع ذلك لم نثر بلبلة فى ذلك الوقت المبكر حرصا منا على إتمام التجربة الديمقراطية، وكان كل ما يهمنا أن يكون هناك انتقال سلمى للسلطة.
وكيف عرفتم بموضوع التهديدات؟
- عرفنا هذا الأمر من التردد لمدة ثلاثة أيام فى إعلان نتيجة الانتخابات، ثم ما فوجئنا به يوم إعلان النتيجة بصرف موظفى الدولة من أعمالهم قبل مواعيد انتهاء الدوام بفترة طويلة، والتكثيف الأمنى الملحوظ فى ذلك اليوم فى مختلف الشوارع والميادين، فى ما يشبه حالة الطوارئ. وكل ذلك لأن «الإخوان المسلمين» هددوا بالفعل، وكان هناك 500 كادر من كوادرهم ذهبوا لميدان التحرير وهم يحملون أكفانهم على أيديهم ويهددون إذا لم يعلن فوز الدكتور مرسى فستكون هناك عمليات انتحارية فى الأماكن العامة حول ميدان التحرير.
هذا ينقلنى للسؤال عما يثار حاليا على الساحة السياسية المصرية من جدل حول «الفرقة 95 إخوان».. فهل توجد لدى «الإخوان» فرق تقوم بمهام خاصة أم أن الموضوع كذب؟
- الموضوع ليس كذبا، وهم لديهم ميليشيات وعناصر مستعدة للإقدام على عمليات انتحارية.
هل تأكدت من ذلك أثناء وجودك معهم بالسجن؟
- نعم. كما أننى تأكدت من ذلك أيضا بحكم عملى ودراساتى على مدار أربعين عاما لكل الجماعات الإسلامية بما فيها «الإخوان» وغير «الإخوان».
هل أنت ممن يطالبون بحل جماعة الإخوان المسلمين أم بتوفيق أوضاعها قانونيا؟
- أطالب بتوفيق أوضاعها القانونية لتكون جماعة مسجلة تخضع لمصلحة الضرائب والجهاز المركزى للمحاسبات حتى يكون لها وجود شرعى.
ماذا تتوقع للاستقرار السياسى فى مصر بعد إقرار الدستور؟
- دعوتى الجديدة هى أنه مع دستور جديد ينبغى أن تكون هناك انتخابات رئاسية جديدة، لأن أى دستور هو بمثابة عقد اجتماعى بين المواطنين والدولة، وبما أننا أقررنا الدستور المصرى الجديد فكان المفروض أن يستقيل الدكتور مرسى لأننا انتخبناه بناء على دستور 1971، وصلاحياته وفقا لذلك الدستور تختلف عن صلاحياته فى دستور عام 2012، ومن ثم ينبغى أن تكون هناك انتخابات جديدة.
ما رأيك فى دعوات المعارضة لمليونية جديدة فى الخامس والعشرين من هذا الشهر.. وهل يمكن أن تكون بمثابة ثورة جديدة أو استكمال لثورة 25 يناير (كانون الثاني) السابقة؟
- هذه المليونيات لا تعتبر ثورة جديدة، بل هى إحدى وسائل الضغط، وما دامت مليونيات سلمية فهى مشروعة.
لكن هناك من يرى هذه المليونيات سببا من أسباب التعثر الاقتصادى فى مصر، وأننا لسنا فى حاجة إلى مزيد من العثرات؟
- هذه المليونيات تكون أيام الجمعة يعنى أيام العطلات الرسمية ولا تأثير لها على الاقتصاد، وكل من هم داخل السلطة يلصقون هذه التهمة بالمليونيات، أما من خارج السلطة فيريدون استمرار الضغط بواسطة تلك المليونيات.
بعين المحلل السياسى، كيف ترى دعوة الدكتور عصام العريان الأخيرة ليهود مصر للعودة والتى أثارت جدلا كبيرا؟
- دعوة د.عصام العريان هى بمثابة بالونة اختبار لمعرفة ردود الفعل حول فتح «الإخوان» للملف والتعاون مع إسرائيل، وفى ما يبدو أنه قيل له فى أمريكا أثناء زيارته إن أحد الأشياء الناتجة عن حسن النية هو تعويض اليهود المصريين، الذين يعيشون فى إسرائيل، عن أملاكهم. وأنا أرى أنه إذا كان ذلك جزءا من خطة كاملة للمصالحة فلا بأس، وأنا لست ضد المصالحة مع إسرائيل، إنما كان لا بد أن يكون الرأى العام المصرى مشاركا فى هذا الأمر بدلا من أن يترك فقط لـ«الإخوان المسلمين» لإدارته، لأنهم فى عهد الرئيس السادات عندما اتخذ المبادرة كانوا أكثر الناقدين والمناوئين له، والآن هم يريدون أن يفعلوا الشيء نفسه، فينبغى أن يفتح الباب للسجال حول هذا الأمر.
هل تعتقد باستمرار نجاح «الإخوان» فى سيطرتهم على الحكم مرة ثانية بعد الرئيس مرسي؟
- الأمر يتوقف على مرور فترة زمنية كافية للحكم على ذلك، لأن حكمنا الحالى مؤقت، لأنه لم يمر سوى شهور قليلة، ولن يكتمل الحكم إلا بعد انتهاء فترة ولايته، ولا شك أنه مع كل سنة تمر من مدة حكمه يبدو الأداء أكثر وضوحا، ومن ثم بعد مرور السنوات الأربع يكون الناس وصلوا إلى قناعة بما إذا كان هؤلاء الناس يصلحون للحكم أم لا.
أين السلفيون من هذا السيناريو المستقبلي؟
- السلفيون يستعدون لوراثة «الإخوان المسلمين»، وهم يعتقدون أن «الإخوان المسلمين» استخدموهم إلى أن وصلوا للسلطة، ولأنهم الأكثر عددا فهم يريدون نصيبا أكبر من السلطة أو الحلول محل «الإخوان» تماما فى منافسة على السلطة.
د. سعد الدين إبراهيم: "الإخوان" طلبوا مساعدتى للتواصل مع واشنطن فى عهد مبارك.. ويصف مرسى بالمرتبك الذى لم يحقق وعوده.. ويؤكد الرئيس ليس له أخطاء ولكن قصور فى القدرات.. ومكتب الإرشاد هو من يحكم مصر
الإثنين، 07 يناير 2013 08:03 ص
سعد الدين إبراهيم
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
رضوان
كارت محروق
عدد الردود 0
بواسطة:
الخديوي
زهقنا من هذه الاسطوانات
عدد الردود 0
بواسطة:
كبيرالبصاصين
ماذا يفيدك ان تكسب العالم وتخسر نفسك؟
عدد الردود 0
بواسطة:
د/السيد قنديل
شوفواله شغله
عدد الردود 0
بواسطة:
بحب مصر
انتوا بتشتغلونا
عدد الردود 0
بواسطة:
هانى سعيد
مش عارف بجد مش بحبك لية
هو شئ يكمن داخلى وبس
عدد الردود 0
بواسطة:
طارق حشاد
اطاح بالعسكري في شهر بدون صدام وتعامل مع الدستورية الغادرة بذكاء وتم الاستفتاء علي الدستور
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد التواب حامد أحمد
كلام لا يعبر إلا عن قائلة ....فالشعب لا يرى أى إنتقاص فى صفة وشخص رئيس الجمهورية
عدد الردود 0
بواسطة:
كاذب يا سعد
مرسي متسجنش في الفتره دي يا كذاب