على رمضان يكتب: عبده موتة يتكلم.. فأنصتوا!

الجمعة، 04 يناير 2013 01:06 م
على رمضان يكتب: عبده موتة يتكلم.. فأنصتوا! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اختبأ عم سيد الطيب الرقيق بائع الفول المدمس، وتوارى الحاج حسنين بائع الخبز الطرى، ودلف المقدس سمعان داخل دكانه الذى يبيع فيه الجبن والحلاوة الطحينية، ولم تخرج الحاجة سنية بائعة الجبن القريش.

وقفز فوق الجميع "عبده موتة"، الشاب مفتول العضلات الرشيق الطويل، ثملا من بقايا مخدرالليلة الماضية، يقفز من حارة إلى حارة، ومن شارع إلى ميدان، ومن سطح بيت إلى آخر، يتناول ما تطوله يده من سلاح، سيف، سكين، سنجة، لينهال بها فوق رأس من يخالفه ويعاديه، وليحصل على قوته بيده وبقوته، فيرشق سلاحه فى جسد خصومه، ويتمعن فى منظر الدماء التى تسيل من خصمه فى تشف، يتلمظ كأنه يروق له طعم الدم الذى يغرق قدميه، ويظل يطعن ويطعن حتى تصبح الجثة الماثلة أمامه قطعا من لحم وبقايا عظام.. عندها تهدأ أنفاسه ويرتاح باله، ويجلس بجوار ضحيته يدخن سيجارته بهدوء.

"موتة" لا يهمه فى سبيل تحقيق سطوته ومكاسبه التضحية بعزيز لديه، قد يكون صديقه، قريبه، أو حتى حبيبته، "عبده موتة".. الشخصية الطاغية السادية الأمية التى حلت محل شخصية المصرى النابغ فطرياً البسيط المتواضع المتسامح ذى القلب الرقيق المملوء بالحنان والعطف.

خرج "عبده موتة" من القمقم دون موعد، وكأن الأرض انشقت عنه فى غياب من الضمير ابحث فى الوجوه، ستراه يطل منها وينظر إليك فى شماتة واستخفاف، وتحد واستعداد للمبارزة.
ويبدو أنه قد حجز لنفسه مكاناً بين طبقات المجتمع، حيث يراه الفقيروالمظلوم واليائس محققا لآماله فى استرداد حقوقهم الضائعة بالقوة والجبروت، وملاقاة الظلم بالظلم، والعنف بالعنف.

ويبدو أيضاً أن "عبده موتة" قد سكن أجساد وعقول آخرين من طبقات متباينة مختلفة.

فأصبح داخل المثقف الذى أمضى عمراً بين الكتب ليتعلم منها الحكمة فتحمس لثقافته دون ثقافة الآخرين ليهوى بنظرياته وآرائه فوق خصومه بلا هوادة، يلوى أعناق الحقائق، مستخدما ما يطوله قلمه ليجرح به عدوه ويريق ماء وجهه، ويكسب قوته من ضربات كلماته.. ثم يفعل مثلما فعل "موتة": تهدأ أنفاسه ويرتاح باله، ويجلس بجوار ضحيته يدخن سيجارته بهدوء.

وأصبح "موتة" داخل السياسى الذى لم تسعفه سياسته ليتجاذب أطراف الحوار مع خصومه، فجمع ما شاء من أقرانه، وانهال فوق الآخرين بجدال وعراك يدمى العقول ويعمى القلوب، ليكسب أرضاً من تزييف الحقائق وإنكار المسلمات والبديهيات، لا يأبه لعرف ولا قانون، فهو العرف وهو القانون.. ثم.. تهدأ أنفاسه ويرتاح باله، ويجلس بجوار ضحيته يدخن سيجارته بهدوء.

واختبأ "موتة" داخل حوارات المصريين وبعضهم، فلا يبدأ حوار بينهم إلا وينتهى بضربة رمح أو طعنة سيف، وسالت دماء الجميع أمام عيون الجميع، وانقطع التواصل بين الأشقاء، وبين الأصدقاء، ووصل إلى الزوج وزوجته.

حتى المتدينين المنحازين لعقائدهم لم تسلم نفوسهم من أن يقفز "عبده موتة" فيها ويعبث فى أفئدتهم، يمزقون عورات الآخرين بما تناله أيديهم من حجج وعظات، ليقسموا الناس أصنافاً، ويقسمون البلاد أطيافا، متناسين أن الميزان حساس ودقيق والوازن عادل وحكيم.

الفارق البسيط بين كل هؤلاء و"عبده موتة"، أن الأخير يفعل فعلته ويختبىء هارباً، والآخرون لا يختبئون.

خرج "عبده موتة" من القمقم ليملأ دخانه الأزرق ربوع الوطن، وليصبح سكينه وخنجره رمزا للبسالة والشجاعة ومن ثم النصر على الخصوم.

"عبده موتة" الشخص الغريب على طين مصر وهوائها أصبح هو البديل لنموذج الإنسان فى قلوب سكان المحروسة.

"عبده موتة" يا سكان المحروسة خرج من القمقم لتختبئوا جميعا وتخبئوا أولادكم تحت غطائكم.

خرج لتذوب فى طيات العدم طيبة ورقة وبساطة عم سيد، وعم الحاج حسنين، والمقدس سمعان، والحاجة سنية.

فمن الذى دعك الفانوس وأخرج المارد؟

ومن يا ترى سيعيده داخل القمقم؟







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة