د.أحمد صلاح يكتب: مصر.. فى عيون جميل فارسى ومحمد العريفى

الجمعة، 04 يناير 2013 11:39 ص
د.أحمد صلاح يكتب: مصر.. فى عيون جميل فارسى ومحمد العريفى أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لفت نظرى الاهتمام البالغ من قبل الدولة والإعلام بخطبة الداعية الإسلامى الشيخ/ محمد العريفى عن مصر، فأحببت أن أذكر نفسى والشباب المصرى والعربى بمقال رائع كان قد نشر فى صحيفة المدينة السعودية فى عام 2010م عن مصر أيضا للكاتب الصحفى الكبير/ جميل محمد على فارسى، وهو مقال يعبر عن حب السعوديين لمصر والذى يحتوى من المعلومات ما قد يجهله الكثير من شباب مصر عن فضل بلادهم وتاريخها العريق والذى جاء فيه:

المقال بعنوان "أنصفوا مصر" وفيه يقول: يخطئ من يقيّم الأفراد قياساً على تصرفهم فى لحظة من الزمن أو فعل واحد من الأفعال، ويسرى ذلك على الأمم، فيخطئ من يقيّم الدول على فترة من الزمان، وهذا للأسف سوء حظ مصر مع مجموعة من الشباب العرب الذين لم يعيشوا فترة ريادة مصر. تلك الفترة كانت فيها مصر مثل الرجل الكبير تنفق بسخاء وبلا امتنان وتقدم التضحيات المتوالية دون انتظار للشكر، هل تعلم يا بنى أن جامعة القاهرة وحدها قد علمت حوالى المليون طالب عربى ومعظمهم بدون أى رسوم دراسية؟ بل وكانت تصرف لهم مكافآت التفوق مثلهم مثل الطلاب المصريين؟

وهل تعلم أن مصر كانت تبتعث مدرسيها لتدريس اللغة العربية للدول العربية المستعمرة حتى لا تضمحل لغة القرآن لديهم، وذلك كذلك على حسابها؟ هل تعلم أن أول طريق مسفلت إلى مكة المكرمة شرفها الله كان هدية من مصر؟

على مر العصور والعرب صفر على الشمال بدون مصر، حتى وإن مرضت مصر واغتنى العرب فحركات التحرر العربى كانت مصر هى صوتها وهى مستودعها وخزنته، وكما قادت حركات التحرير فإنها قدمت حركات التنوير، كم قدمت مصر للعالم العربى فى كل مجال، فى الأدب والشعر والقصة وفى الصحافة والطباعة وفى الإعلام والمسرح وفى كل فن من الفنون ناهيك عن الدراسات الحقوقية ونتاج فقهاء القانون الدستورى وكما تألقت فى الريادة القومية تألقت فى الريادة الإسلامية، فالدراسات الإسلامية ودراسات القرآن وعلم القراءات كان لها شرف الريادة، وكان للأزهر دور عظيم فى حماية الإسلام فى حزام الصحراء الأفريقى. وكان لها فضل تقديم الحركات التربوية الإصلاحية أما على مستوى الحركة القومية العربية فقد كانت مصر أداتها ووقوده، وإن انكسر المشروع القومى فى 67 فمن الظلم أن تحمل مصر وحدها وزر ذلك، بل شفع لها أنها كانت تحمل الإرادة الصلبة للخروج من ذل الهزيمة.

إن صغر سنك يا بنى قد حماك من أن تذوق طعم المرارة الذى حملته لنا هزيمة 67، ولكن دعنى أؤكد لك أنها كانت أقسى من أقسى ما يمكن أن تتصور، ولكن هل تعلم عن الإرادة الحديدية التى كانت عند مصر يومها؟ أعادت بناء جيشها فحولته من رماد إلى مارد، وفى ستة سنوات وبضعة أشهر فقط نقلت ذلك الجيش المنكسر إلى أسود تصيح الله أكبر وتقتحم أكبر دفعات عرفها التاريخ، مليون جندى لم يثن عزيمتهم تفوق سلاح العدو ومدده ومن خلفه، بالله عليك كم دولة فى العالم مرت عليها ستة سنوات لم تزدها إلا اتكالاً؟ وستة أخرى لم تزدها إلا خبالاً.

ثم انظر، وبعد انتهاء الحرب عندما فتحت نفقاً تحت قناة السويس التى شهدت كل تلك المعارك الطاحنة أطلقت على النفق اسم الشهيد أحمد حمدى، اسم بسيط ولكنه كبر باستشهاد صاحبه فى أوائل المعركة، انظر كم هى كبيرة أن تطلق الاسم الصغير.

هل تعلم أنه ليس منذ القرن الماضى فحسب، بل منذ القرن ما قبل الماضى كان لمصر دستورٌ مكتوب.

شعبها شديد التحمل والصبر أمام المكاره والشدائد الفردية، لكنه كم انتفض ضد الاستعمار والاستغلال والأذى العام. مصر تمرض ولكنها لا تموت، إن اعتلت اعتل العالم العربى وإن صحت صحوا، ولا أدل على ذلك من مأساة العراق والكويت، فقد تكررت مرتين فى العصر الحديث، فى أحداهما وئدت المأساة فى مهدها بتهديد حازم من مصر لمن كان يفكر فى الاعتداء على الكويت، ذلك عندما كانت مصر فى أوج صحته، أما فى المرة الأخرى فهل تعلم كم تكلف العالم العربى برعونة صدام حسين فى استيلاءه على الكويت؟، هل تعلم أن مقادير العالم العربى رهنت لعقود بسبب رعونته وعدم قدرة العالم العربى على أن يحل المشكلة بنفسه.

إن لمصر قدرة غريبة على بعث روح الحياة والإرادة فى نفوس من يقدم إليه، انظر إلى البطل صلاح الدين، بمصر حقق نصره العظيم، انظر إلى شجرة الدر مملوكة أرمينية تشبعت بروح الإسلام فأبت إلا أن تكون راية الإسلام مرفوعة فقادت الجيوش لصد الحملة الصليبية.

لله درك يا مصر الإسلام، لله درك يا مصر العروبة.

إن ما تشاهدونه من حال العالم العربى اليوم هو ما لم نتمناه لكم، وإن كان هو قدرنا، فإنه أقل من مقدارنا وأقل من مقدراتنا.

أيها الشباب أعيدوا تقييم مصر، ثم أعيدوا بث الإرادة فى أنفسكم فالحياة أعظم من أن تنقضى بلا إرادة، أعيدوا لمصر قوتها تنقذوا مستقبلكم.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة