د. رضا عبد السلام

تراجع الجنيه.. ارتفاع الأسعار.. والانتخابات القادمة!!

الجمعة، 04 يناير 2013 11:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن.. هذا هو لسان حال مصر الآن، وخاصة القائمين على أمرها!! فبعد النتائج الدامغة على تراجع شعبية تيارات الإسلام السياسى خلال نتائج الاستفتاء على الدستور فى المحافظات الرئيسة، لم يمهل القدر تلك التيارات الكثير من الوقت، حيث طلت الأزمة الاقتصادية برأسها، لترسل رسالة واضحة الدلالة، ألا وهى فشل تجربة جماعات الإسلام السياسى فى إدارة شئون الدولة المصرية، وبالتالى فشلهم فى اقتناص هذه الفرصة التاريخية التى منحها لهم المولى عز وجل ومن بعده شعب مصر!!

وحتى لا يبادر أحد ويتهمنى بأننى فرِح بهذه النتيجة، أقول عليك قبل أن تبادر بالاتهام أن تتعطف على، وتعود إلى مقالاتى السابقة، وستجد أننى من أوائل من طالبوا بأن تعطى تلك التيارات الفرصة لتثبت ذاتها، كما أننى أعلنت فى مقال صريح بأننى على الرغم من كونى لا إخوانى ولا سلفى إلا أننى لن أصوت لشفيق للإبقاء على عبق وما بقى من الثورة، كما أننى دعوت الناس للتصويت بنعم على الدستور، من أجل الاستقرار وإنقاذ الاقتصاد المتهاوى ولعدم ثقتى فى كل من هم على الساحة وبالتالى قدرتهم على تحقيق التوافق الكامل بشأن الدستور.

كما أننى لم أنس فى أى من مقالاتى أن أوجه ذات المستوى من اللوم لتجار الثورة المسمين بالتيارات الليبرالية بكافة أطيافها، الذين لم يراعوا فى هذا البلد المنكوب إلا ولا ذمة، فكما أكرر، أجرم الجميع بحق مصر، ولا يستطيع طرف أن ينكر أو أن يتملص من مسئوليته، والحمد لله، فهم الشعب الجميع على حقيقته، وفقد ثقته فى الجميع، لنبدأ رحلة جديدة من الفرز لتخرج مصر إن شاء الله أفضل ما لديها.

ورغم كل ما ذكرته أعلاه، فإن أخلاقى وقيمى تحتم على القول بأن من هم فى السلطة تمادوا فى غيهم، وواصلوا ارتكاب أخطاء جسيمة، فى وقت لم يعترفوا فيه بخطأ واحد، وهذه كارثة أخرى تضاف إلى كوارثهم، التى عجلت برحلة عودتهم!!

نحن الآن على أبواب الدخول فى انتخابات برلمانية، وستكون- إن شاء الله- فاصلة فى تاريخ مصر السياسى والاقتصادى، شتان بين الوضع قبل انتخابات البرلمان المنحل، والوضع قبل انتخابات البرلمان القادم، فقد كانت التيارات الدينية تعيش نشوة الاحتماء بصوت الشارع، ولم تكن الأوضاع الاقتصادية قد تأزمت، كما أنها كانت تحمل الأخطاء للمجلس العسكرى، الذى كان يدير شئون البلاد آنذاك.

وفى المقابل، تدخل علينا الانتخابات البرلمانية الجديدة، وقد فقدت التيارات الدينية رصيدها من الشارع، وقد أوشك رصيدها على النفاد!! وذلك بعد أخطاء جسيمة ارتكبها الإخوان والسلفيون، تاجر بها أنصار التيار الليبرالى، أملا فى كسب أرض جديدة على حساب تيارات الإسلام السياسى.

تحل علينا تلك الانتخابات وتيارات الإسلام السياسى فى السلطة- وليس المجلس العسكرى- فهى تدير وتحكم وتتحكم وتقرر، ومن ثم، مهما كانت الأخطاء، وأياً كان من شارك فى ارتكابها، فلن يُسأل عنها إلا من هو فى السلطة.
أيضاً تحل علينا تلك الانتخابات وقد دخل الاقتصاد مرحلة الخطر، فالعملة أشبه بوجه الإنسان؛ فنضارة الوجه تعنى أن الجسم سليم ومعافى، أما اصفرار الوجه أو شحوبه فيعنى أن الجسم (الذى يُخرِج من هذا الوجه) هو جسم معتل تركبه الأمراض الفتاكة!! فكذلك العملة، لقد بذل البنك المركزى كل جهده للحفاظ على استقرار الجنيه خلال الأشهر الماضية، ولكن كان علينا أن ننتظر المشكلة لأن لكل شىء نهاية، وللأسف كانت النهاية مؤلمة، حيث شهد الجنيه خلال الأيام الماضية حالة من التراجع المستمر أمام الدولار، وهو بذلك يرسل برسائل غاية فى الخطورة بشأن مستقبل اقتصاد هذا البلد.

وعلينا أن نتذكر أن الثورة قامت فى المقام الأول من أجل "العيش"، وارتفاع الأسعار وتهاوى الجنيه مؤخراً هو نذير شؤم لمن هم فى السلطة، تماماً مثلما كان حال مبارك وعصابته!!، فماذا تنتظر تيارات الإسلام السياسى من شعب تحرقه الأسعار ويفقد ثقته فى عملته الوطنية؟!

يحدث كل هذا ونحن على أبواب الدخول فى انتخابات البرلمان الجديد!! مؤكد أن ما يحدث لا يصب فى مصلحة تيارات الإسلام السياسى، وخاصة الإخوان المسلمين. وبما أن كل يبكى على ليلاه، فالتيار السلفى من داخله فرح بتراجع شعبية الإخوان اعتقاداً منه بأن كل هذا يصب فى مصلحته ورصيده المجتمعى، فإذا به يسقط فى مصيدة السياسية حيث الانشقاقات فى حزب النور، وهو ما أرسل برسائل سلبية للمواطن بأن هؤلاء دعاة سلطة لأنه لو كان الدين هدفهم لما اختلفت كلمتهم!!.

ومن جهة أخرى تحاول التيارات الليبرالية الاتجار بالأزمة من أجل مصالح حزبية دنيئة، ولتذهب مصر وليذهب شعبها للجحيم، فبدلاً من أن تفعل شيئاً ينقذ الاقتصاد تجدها تُضخِم المشكلات لتزيد الحريق اشتعالاً، اعتقاداً منها أنها بذلك ستحظى بثقة الشعب، لم يدرك هؤلاء أن الشعب مقتهم قبل أن يمقت من هم بالسلطة، وأدعوك للدخول على صفحات تلك التيارات والأحزاب المسماة بالليبرالية وأبواقهم الإعلامية، فهؤلاء لا يعنيهم مطلقاً دخول مصر فى أزمة اقتصادية كبرى، بقدر ما يعنيهم كسب أرض انتخابية جديدة، ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. فشعب مصر- إن شاء الله- لهم جميعاً بالمرصاد.

وفى ختام هذا المقال أكرر ما سبق وأن عرضت له فى مقالى السابق، وهو أن الساحة حالياً شبه خالية، فالملعب بعد أن كان تحت سيطرة التيارات الدينية فى السابق لم يعد كذلك ولن يكون كذلك، كما أن التيارات المسماة بالليبرالية، التى تاجرت هى الأخرى بمصر، فقدت مصداقيتها بعدما كشفت عن وجهها القبيح أمام شريحة كبيرة من المصريين، ومن لا يستطيع الرؤية من الغربال فهو أعمى، ولهذا أدعو كل مصرى شريف يرى فى نفسه القدرة والكفاءة والجدارة لأن يقدم نفسه من أجل مصر، ولكن عليه أن يكون قد وعى الدرس جيداً من أخطاء من سبقوه، وإلا سيلاقى ذات المصير والنهاية المشئومة!! اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.

* أستاذ بحقوق المنصورة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة