والحياة فى أبيس الرابعة قرية ضحية كنيسة مصراتة تموت بعد أن تغيب الشمس فالمسافة التى تبعد بها القرية عن وسط المدينة بالإضافة إلى عدم وجود إنارة لهم تجعل الظلام الدامس مأوى لخفافيش الليل والذئاب التى يهربون منها سواء من خلال هجرة غير شرعية إلى بلاد اليونان وإيطاليا أو يبحثوا عن رزقهم فى ليبيا، لا يهمهم المخاطر التى تواجههم بعد ما أدركوا أن الحياة فى مصر ستؤدى بهم فى النهاية إلى الفناء دون ثمن.
"اليوم السابع" التقى بأهل منزل أشرف سامى والذى لم يزل بطلاء عرسه الذى تم منذ أربعة أشهر على ابنة عمه، ويقول شقيقه شنودة 28 سنة والذى كان غاضباً من الحكومة المصرية بسبب معاناته فى إنهاء إجراءات سفر جثمان شقيقه ويحكى مأساته قائلاً: "كنا فى كنيسة مصراتة فى آخر سهرة، ورغب الأب فى إنشاء مديحة للسيدة العذراء أرجأت من موعد خروجنا من الكنيسة نصف ساعة وكان معنا أشرف فى الخارج، وقبل الختام سمعنا صوت تفجيرات، لنجد المصابين فى الخارج ممزقة أشلاؤهم وكان من بينهم شقيقى الذى تم نقله إلى مستشفى الحكمة فى مصراتة وتم إجراء عملية له لمحاولة إسعافه دون جدوى".
ويستطرد شنودة قائلا: "هنا بدأت المأساة حين رغبت فى نقل جثمان أشرف إلى منزله ليدفن فى بلدته وتراه والدته، وكانت أول مرة نرى فيها القنصل المصرى مؤكداً أنه سيتم اتخاذ الإجراءات السريعة لإنهاء أوراقه حتى سفره إلى مصر".
وأكد شنودة أنه تفاجأ من سوء المعاملة بعد رفض الشركة المكلفة من قبل السفارة نقل الجثمان وجعلتهم يقومون هم بتغسيله، كما أنهم لم يقوموا بإعطائه حقنة البروفلين إلا بعد إصراراه على تقديم مذكرة للنيابة بذلك".
وأضاف: "وصلنا إلى مصر ولم نجد أى مسئول حكومى فى انتظارنا أو حتى مساعدتنا فى نقل أشرف إلى منزله وحتى الآن لم يتم مواساتنا بدعوة للضحية".
وعلق شنودة قائلاً "دم أشرف فى رقبة من أهدروه سواء كانوا جماعات متطرفة أو أجندات سياسية أو جماعات القذافى ولكن حقه فى رقبة مصر بعد أن أهدرت حرمة موتته.
وقال شنودة إن ما حدث للمسيحيين فى كنيسة مصراتة وقبلها كنيسة القديسين بسبب غلطتنا فى السماح لأى شخص بأن يجعلنا كبش فداء للسياسيين والإسلاميين المتشددين مؤكداً أنه سيأخذ حق شقيقه وبالقانون ولن يتنازل عنه أبداً.
وتجاهل شنودة توجيه رسالة إلى الرئيس محمد مرسى، معلقاً "خليه فى إللى هو فيه".
ونعود مرة أخرى إلى حياة أشرف الإنسانية والتى أحبه مسلمو القرية قبل مسيحييها فهو كان مثل باقى إخوته لم يتعلم القراءة والكتابة وكان يهوى الشطرنج ويحب لعبه مع أصدقائه وعلى الحاسب الآلى، تزوج من ابنة عمه التى ربطته بها علاقة حب استمرت ما يقرب من الأربع سنوات لتنتهى بعد أربعة أشهر فقط لم يستطع أن يكمل فرحته بها بمولوده الذى تحمله بين أحشائها.
وتقول مريم زوجة ضحية كنيسة مصراتة: "أشرف كان يحلم بمعيشة أفضل من التى عشناها أنا وهو لأطفاله فكان يحلم بتعليم عال لهم وعمل يجعل مصر فخورة بهم، انتقل إلى ليبيا بعد أن أدرك صعوبة العيش فى مصر ولكنه كان يرفض الاستقرار هناك، كان دائماً قلبه معلقا بمصر ولكنها إهانته فى حياته ومماته.
وأضافت مريم: "أحببت فى أشرف طيبة الشديدة وحنيته وخوفه على أسرته جميعاً ويوم الحادث أصر على الذهاب إلى الكنيسة واصطحابى معه لأنها كانت آخر سهرة فى كياك ولكنه لم يكن يعرف أنها آخر سهرة فى عمره".
وقالت مريم: فى يوم حادث كنيسة القديسين غضب أشرف على ضحايا الكنيسة، وقال لقد ماتوا من أجل تنفيذ أجندات سياسية وليس من أجل المسيح.
وعبرت مريم عن مأساتها بفقدانها زوجها قائلة إن حياته كانت مرحة على الرغم من انشغاله من أجل جلب لقمة العيش.
أما والدة أشرف سامى فقالت بأعين حزينة دامعة: "أخذوا منى روحى فماذا أقول بعد ذلك، وكان يحلم بأخذى معه إلى ليبيا حتى لا نبتعد عن بعض".
واسترجعت والدته زكرياتها معه قائلة: "لم يكن يقول لى سوى ياست الكل ولم يعل صوته فى مرة على".
وأجهشت السيدة فى دموعها قائلة: "من ظلمه ظلمنى ومن قتله قتلنى وربنا لن يترك حقه أبدا فمن ارتكبوا هذه الجريمة ليس لهم دين أو ملة فالله رب الجميع".







