مدينة بورسعيد الباسلة التى وقفت فى وجه العدوان الغاشم لصد العدوان الثلاثى فى عام 1956، تعيش هذه الأيام أسوأ أيامها، فهذه الأرض الباسلة التى ارتوت بدماء أعدائها، تسيل على أرضها اليوم دماء مصرية طاهرة بيد مصرية آثمة!
إن الأحكام التى صدرت ضد واحد وعشرين من المتورطين فى مذبحة بورسعيد الشهيرة بإحالة وراقهم إلى فضيلة المفتى كانت الشرارة لتى أشعلت النيران فى قلب كل مواطن بورسعيدى، لاسيما وأنهم يستشعرون أن هناك متورطين أساسيين فى تلك الأحداث كانوا يستحقون الإعدام من الوهلة الأولى لم تدرج أسمائهم مع المحالين، خصوصا بعد أن توصلت لجنة تقصى الحقائق إلى أن نشر الفوضى والبلطجية داخل استاد بورسعيد.
كان عملا منظما وممنهجا وبيد آثمة باغية تجردت من كل أنواع الشفقة والرحمة عندما قتلت شبابا فى عمر الزهور، أعلم أن كل بورسعيدى شريف قد أصابه الحزن والمرارة على هؤلاء الشباب الذين قتلوا فى بلدهم الباسلة، كما أثق أيضا أن هناك بيوتا فتحت فى بورسعيد لإيواء المئات الذين أنقذتهم العناية الإلهية وحدها من القتل فى يوم المذبحة الشهير، وأعلم أن انتفاضة أهالى بورسعيد ليست كلها ضد حكم القضاء، فما زلنا نتوسم فى قضاة مصر أنهم حراس العدالة، وأن هدفهم الأسمى هو تحقيق العدل، ولا أتفق مع من يلوح ضد الحكم بأنه مسيس أو جاء لاحتواء غضبة جماهير الألتراس الأهلاوية، فهذا عيب وعار على من يرددونه، فجماهير الألتراس الأهلاوى لا يطلبون سوى القصاص العادل ممن خطط، ودبر، وحرض وقصر فى أداء واجبه، ونفذ، وشارك فى تنفيذ هذه المذبحة، مهما كان اسمه، وسلطته، ومنصبه.
إن غضبة وثورة وحزن أهالى بورسعيد لهم كل الحق فيها ولكن عليهم أن يدركوا أن الشديد هو من يملك نفسه عند الغضب فمن حقهم الاعتراض بكافة الطرق السلمية لإعلان سبب غضبتهم التى لم يعيها كثيرون حتى هذه اللحظة، ولكن دون اقتحام للسجون، ولا أقسام الشرطة، ولا الاعتداء على رجال الشرطة الذين يؤدون دورهم فى تنفيذ القانون، فما ذنب العسكرى المجند أو الضابط الذى ينفذ الأوامر والتعليمات الصادرة له ويحافظ على أمن الأفراد والمنشآت، فهم مصريون أيضا ودمائهم الذكية تؤلمنا لو سالت، ولا يمكن أن يبرر عاقل أن يقف رجال الشرطة صامتون، مكتوفى الأيدى وهم يواجهون القتل بالأسلحة علنا وبالخرطوش وبالحجارة، فهم وأكرر يؤدون واجبهم، فلا تلوموا رجال الشرطة إن أردتم أمنا، فكم نادينا بعودة الشرطة وعودة لأمن للشارع المصرى الذى وصل البعض فيه إلى حد الفجور تحت شعار الديمقراطية، أى ديمقراطية نتحدث عنها التى تجلب كل هذه الفوضى، لابد من أن يعود الهدوء إلى مدينة بور سعيد بل إلى ربوع مدن القناة كلها، فهم إخواننا وأبناءنا، فلا تصدقوا كل مايصدره لكم بعض الإعلام المغرض، المضلل الذى هو معروف للجميع، هؤلاء الإعلاميون الذين يحصلون على الملايين فى سبيل تنفيذ أهواء اصحاب القنوات الفضائية الذين لا يريدون سوى مصالحهم الشخصية فقط، إن شعب مصر كله حزين على ما يحدث فى مدينة بور سعيد، كما حزن من قبل على شهداء مذبحة استاد بورسعيد، وعلينا أن نغلب ونعلى مصلحة وأمن الوطن على مصالحنا الشخصية إذا ماردنا لمصر الخير والرخاء الذى ننشده، وستظل بور سعيد شامخة فى قلب كل مصرى لتاريخها العظيم، وستظل مصر هى المحروسة من رب السماء – حفظ الله مصر وحفظ شعبها العظيم.
صورة أرشيفية