عصام كرم الطوخى يكتب: للتغيير ردة فعل

شىء رائع أن يتجه كل منا نحو الأفضل والتطور ويسعى إلى التغيير ويؤمن بأنه شىء ضرورى، ولكن يكمن بداخل كل إنسان ازدواجيات كثيرة، فقد يحدث ذلك ذعراً لدى البعض مع أنه يرحب بالتغيير، وترى ذلك عندما يمس ذاته ويومياته ويصبح مؤثراً عليه شخصياً فتراه يشعر بالضجر والخوف والاضطراب خوفاً من أن يحدث ذلك انقلاباً على استقراره من تغيير عاداته والروتين اليومى الذى أصبح من سماته فهو يتمسك بالماضى ويرحب بالتغيير السطحى دون المساس بكيانه، ولكن ما قد يعترض التغيير من أزمات قد يحدث فجوة ويترك أثراً عميقاً بل قد يترك جرحاً واضحاً لدى البعض لأنه لا يتحقق بين يوم وليلة، لذلك فى كثير من الثورات يتلاشى حماس الناس نتيجة الفوضى فى كل شىء وبمرور الوقت يحنون إلى الماضى، لأن ما تحدثه الثورات من ردة فعل قوية فى البدايات تزلزل كيان الإنسان.

فالتغيير بدون خلق بدائل لطقوس وعادات الناس اليومية بذكاء وحنكة أمر يدعو للردة للماضى، وهذا أمر أشد خطورة أيضاً فالحياة لا بد لها من تطور، وقد يضطر الحاكم إلى استخدام القوة لإحداث نوع من الاستقرار، ولكن يجد ردة فعل أقوى من الناس ولا يفيده ذلك بشىء بل قد يضره، فإنهاء الماضى على أكمل وجه شىء مدمر وفيه أخطار كثيرة جداً بل ويكون من المستحيل تحقيقه لما تسعى إليه من تجديدات وتطورات لذلك إذا أردت التغيير ابحث عن إصلاحات عملية من نوع ما مغلفة بقيم وثوابت الحياة الراسخة لدى الناس.

حتى فى الحقائق العلمية قد تواجه معركة شرسة من أهل التخصص فى تقبل اكتشاف جديد، يقول ماكس بلانك: "إن الحقيقة العلمية الجديدة لا تنتصر بإقناع خصومها وجعلهم يرون الضوء ليهتدوا، بل لأن خصومها يموتون فى آخر الأمر، ثم ينمو جيل جديد تكون تلك الحقيقة مألوفة لديه".

فالناس على ما اعتادوا عليه من دفء وأشياء مألوفة روتينية أصبحت لديهم شبه طقوس يومية يقومون بها يشعرون معها بالأمان، فلا تفسد عاداتهم بهدف التغيير مرة واحدة، بل حافظ على ذلك واستشعر حنينهم للاستقرار باحترام ماضيهم، فما يحدثه التغيير فى بداياته من فوضى قد تشعرهم بالذعر والرعب، لذلك أشعرهم بالأمان حتى يستجيبوا لك ويألفون الجديد من أفكار وتطور ورؤية جديدة لحياة أفضل لكن لا تجعلهم ينسلخون مرة واحدة، وتعزلهم عن ماضيهم وإلا صارت الأمور على عكس ما نريد من تطور.