يعلم الكثيرون من أصحاب الفكر، أن التيار الإسلامى والذى ظهر بوضوح على الساحة السياسية بعد ثورة ٢٥ يناير، أن هذا التيار متباين بشكل كبير فى التطبيق العملى على الأرض وإن اتفق على غالبية الثوابت الشرعية مع إعطاء أولويات مختلفة تكون فى الغالب هى مصدر الخلافات الداخلية بينهم والتى قد لا يتفهمها غير المتعمق فى تفسير هذا التباين من الذين لا ينتمون لما يسمى بالتيار الإسلامى.
هناك الإخوان المسلمون والسلفيون والجماعة الإسلامية وغيرهم ولكل من هذه المجموعات أو المرجعيات حزباً سياسياً يمثلهم حتى يتسنى لهم التمكين فى الأرض وهو غايتهم الذى لا يمكن أن تكون إلا من خلال حزب سياسى مع العلم أن كل هذه الأحزاب تعلم جيداً أن القانون المصرى يمنع تكوين الأحزاب على خلفيه دينية ولكن تم التجاوز من لجنة تكوين الأحزاب ووافقت على كل هذه الأحزاب وهى تعلم خلفياتها الدينية ولا أدرى حتى الآن لماذا تم هذا ولمصلحة من؟ وإن كنت أعتقد أن جميع هذه الأحزاب معرضة للطعن فى مشروعيتها واستمراريتها من الأساس. هل فكر عاقل لماذا لم يسمح القانون المصرى بقيام الأحزاب على أساس دينى؟ ذلك بمنتهى البساطة والعقلانية حتى لا يتم المتاجرة والمزايدة باسم الدين لتغطية أخطاء بشريه اجتهادية لا يمكن تمريرها إلا تحت ستار دينى وشرعية إلهيه توقف الجدل والخلاف حولها وهو الأمر الذى نقع فيه الآن ونراه تقريباً بشكل يومى، وأصبحنا نرى الخلافات على الأرض بين التيارات السياسية تأخذ منحى جديد وخطير إذ زادت لهجة التخوين بل والتكفير للطرف الآخر حتى تعطى مشروعيه لتصرفات أتباع التيار الإسلامى باختلاف توجهاته، أصبحنا نسمع فى الشارع المصرى المسلم ما كان يقوله المسلمون الأوائل عند قتال قريش والمشركين مثل: قتلاكم فى النار وقتلانا فى الجنة!! ومثل: حى على الجهاد وكأنهم جنود الفاتح عمرو بن العاص وهم يستعدون لفتح مصر من جديد.. ما هذا؟؟
من يستطيع أن يشكك فى إسلام أى من المنتمين لتلك الأحزاب المدنية، من قال أنهم لا يريدون تحكيم شرع الله بمعناه الأعم والأشمل المبنى على الكتاب والسنة واجتهاد العلماء الثقات والذى يأخذ فى الاعتبار فقه الأولويات وما نعيشه من واقع اقتصادى واجتماعى، إن المزايدة باسم الدين لن تصل بنا إلى أى مكان ولكن العمل على الملفات الشائكة لتحقيق طفرة اقتصادية وعدالة اجتماعية من خلال أهل الخبرة هو الطريق الأمثل لنبذ تلك الخلافات وللوصول لتوافق مجتمعى يصل بنا إلى بر الأمان دون التشكيك فى إسلام المصريين ودون إقحام الدين كغطاء لستر عيوب التقصير وعدم الكفاءة.
د. طارق الدسوقى يكتب: التيار الإسلامى وأحزابه السياسية (١)
الخميس، 03 يناير 2013 10:46 م