لم يكن غريبا أن يخرج الدكتور محمد البلتاجى، القيادى بجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ليوجه رسالة شديدة اللهجة للدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية والمنتمى لنفس الجهتين، ويقول له ولحكومته «ماذا تنتظرون أن يحدث أكثر من ذلك حتى تتدخلوا بكل قوة وحسم لمنع قتل المواطنين، ووقف حرق المنشآت وإنهاء قطع الطرق والكبارى والأنفاق وتوفير أمن المدن والسكان».
رسالة البلتاجى يمكن قراءتها بأن مرسى وصل إلى درجة كبيرة من الانعزال عن مصر كلها، أغلبية ومعارضة، فهو عزل نفسه داخل قصر الاتحادية إلى درجة أنه لا يشعر بما يحدث حوله، اختار لنفسه التقوقع داخليا تاركا البلد تشتعل دون أن يتدخل بقرار حازم، وكيف يفعل ذلك وهو بعيد كل البعد عما يحدث فى الشارع.
مرسى أصبح الآن بعيدا عن الكل، فبعدما كان بعيدا عن المعارضة التى قاطعت حواراته الوطنية الديكورية التى دعا إليها فى أعقاب أزمة الإعلان الديكتاتورى، أصبح الآن بعيدا عن أهله وعشيرته، فالبلتاجى الذى كان دائم التردد على القصر الرئاسى «لأداء صلاة العشاء مع الرئيس» كما يقول، واضح أن أبواب الرئاسة أصبحت مرصودة فى وجهه، فلم يجد إلا الفيس بوك ليوجه رسالته للرئيس.. نعم قد يفهم البعض من رسالة البلتاحى أنها نوع من توزيع الأدوار داخل الجماعة، لكن أيا كانت التفسيرات فإنها تؤشر على وجود خلل أصاب قصر الرئاسة أبعد الرئيس عن مصر كلها.
مرسى الذى اكتفى فى مواجهة أحداث القاهرة والسويس وبورسعيد بتويته واجتماع، يبدو أنه فقد بوصلة الأمور، فليس بالاجتماعات وحدها يا سيادة الرئيس تدار الأزمات، ولن يكون التويتر هو أداة اتصالك المباشرة مع المصريين.. لماذا لم تخرج يا دكتور مرسى لتواجه المصريين المتناحرين فيما بينهم وتدعوهم بكلمة منك للهدوء والحوار، شريطة أن يكون حوارا جديا له نتائج ملموسة ومقبولة من الجميع.. حوارا ليس على شاكلة الحوار الوطنى الأخير الذى قال «نسيبك» الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى أن نتائجه غير ملزمة له ولا للمجلس الذى اخترته ليكون رئيسا له، مرسى الذى ظهر وسط ميدان التحرير فور إعلان فوزه بالرئاسة وفتح صدره للجميع وقال إنه لا يرتدى واقيا من الرصاص، لا يستطيع أن يقترب حتى من ميدان التحرير لا أن يقف وسطه، والسبب معروف فالميدان كره مرسى وسياسته وكل من يؤيده، لأنه خرج عن النهج الثورى واختار لنفسه نهجا آخر لا نعلم أصله ومصدره، فهو عندما يخرج ليتحدث نراه يتحدث عن دولة أخرى غير مصر التى نعيش فيها.