من حقائق الأمور أن كل مرحلة تاريخية هى وليدة المرحلة السابقة لها، لذلك فمن نافلة القول إن ثورة 25 يناير لم يتم تفجيرها بواسطة تيار أو حزب بعينه، أو بأمر من أحد، وإنما هى نتيجة لانفجار تراكمات من الفساد، واستبداد وظلم واستعباد، وأيضا من حقائق الأمور أن هذه الثورة ليست ملكا لأحد، ولكنها ملك لكل الشعب الذى سالت دماؤه، وتكسرت أضلاعه، وتهشمت عظامه فى كل الميادين، هى ثورة كل الناس شعبية بامتياز ليست ملك أى حزب أو حركة أو تيار بعينه، كانت ثورة 25 يناير انعطافة تاريخية فى حياة مصر، وكانت ثمرة كفاحه المرير على مدى عقود عديدة من الظلم والحرمان والتسلط الأعمى، وسلب الحريات العامة، وإخراس الأفواه المطالبة بحقوقها المهدرة، فنجاح الثورة وانتصار إرادة الشعب كانت نهاية قاسية للظلم والطغيان، لقد كانت ثورة 25 يناير تعبيراً عن إرادة شعبية حرة، وعن تطلعٍ إلى مستقبل أفضل لشعب استحق الكثير، شعب قام بثورة سلمية بعيدة عن الانقلابات العسكرية التى كانت تؤدى إلى إحلال الحكم الاستبدادى، وإلغاء دور الشعوب، وكذلك تحريف دور المؤسسات العسكرية عن مهماتها الرئيسية فى الدفاع عن الوطن، فقد أدخلها الانقلابيون فى حومة الصراع الداخلى وأحدثوا شرخا فى داخلها.
إن استعادة ذكرى الثورة هى استعادة أهم للمعانى النبيلة التى أرادت الثورة تكريسها وإعلاء شأنها، كما أن استعادة هذه الذكرى هى استعادة لأهمية الوقوف ضد الظلم والطغيان التى مارسها النظام البائد الظالم شبه الإقطاعى، وما زال يمارسها بعض أذنابه فهم يحاولون إشاعة الفوضى والانقسام تلك الرهانات التى ستبطلها بصيرة الشعب ووعيه، هذه المحاولات الإجرامية هى عبارة عن تعبير يائس عن ذلك الانحدار أمام صمود الشعب وبسالته، وأمام الخطوات الواثقة للعملية السياسية فى بناء دولة المؤسسات حتى نصل إلى مصر التى نريد، مصر الأمن والحريات والكرامة والعزة.
لم تكن ثورة 25 يناير حدثاً طارئاً فى تاريخ مصر، بل مثلت عملية تغيير حقيقى، وحققت العديد من المكاسب للبلاد، لعل من أهمها إسقاط نظام يعد من أقوى الأنظمة العربية استبداد نظام اعتمد على العصا الأمنية فى خطابه مع شعبه وفى استعباد الشعب وقهره، فثورة 25 يناير هى حصيلة نضال مرير وطويل قدم فيه الشعب تضحيات كثيرة، لقد كانت الثورة بحق انتصار تاريخى كبير لشعبنا بكل طوائفه، وقد أثبتت الأيام الأخيرة من خلال الحراك السياسى الديمقراطى بأن إمكان هذا الشعب الواعى بناء أنظمة ديمقراطية تعددية، تشارك فيها جميع القوى السياسية دون تهميش أو إقصاء، لقد كانت ثورة 25 يناير نقطة تحول بارزة فى مسيرة شعبنا، إذ شعر الشعب من الوهلة الأولى للثورة ولأول مرة بعزته وكرامته وإنسانيته، ينقصنا فقط روح الاندفاع والإبداع والتفانى فى العمل والبناء حتى نسير نحو مصر مزدهرة، فالإضرابات والوقفات الاحتجاجية ليست مطلوبة فى هذا الوقت تحديدا، فالوقت وقت عمل وجهد وتفان وإخلاص حتى نحافظ على ثورتنا.
لقد استغل أذناب النظام البائد الوضع الاقتصادى الذى تعيشه مصر الآن وهذا نتيجة حتمية لإعادة بناء أركان الدولة المتهرئة والمترنحة، وتطهير البلاد من الفساد والفاسدين من رجال الأعمال، فيلقون باللوم على ثورة 25 يناير، ويحملونها مسئولية انهيار البنية التحية وانهيار الاقتصاد المصرى والانفلات الأمنى، وعدم الاستقرار على حد تعبيرهم، يجب علينا الحفاظ على ثورتنا ضد بقايا النظام الفاسد بالعمل والجهد والعناء والتضحية، للحفاظ على مكتسبات ثورتنا المباركة. إلى كل مصرى مخلص حريص على مصلحة الوطن ونجاح ثورتنا المجيدة عليه بالعمل وبذل الجهد.
يجب أن نساهم بكل ما نملك لإعادة الاستقرار لهذا الوطن، وأن نفوت الفرصة على هؤلاء الحاقدين الذين يتفننون فى صناعة الأزمات، فكلما تقدمنا خطوة إلى الأمام يحاولون بشتى الطرق شدنا إلى الخلف خطوات، لذا يجب أن نكون أكثر وعيا وتحضرا وحرصا على مصلحة بلدنا، وأن نعمل جميعا بجهد وإخلاص وتفان حتى نبنى مصر، وحتى نقضى على كل هذه المحاولات الدنيئة فى مهدها كى لا تؤثر بالسلب على مسار نجاح ثورتنا المجيدة، وأن نتمسك بثقتنا الكاملة فى رئيسنا المنتخب.
عاشت ثورة 25 يناير، وعاش كل الأبطال الذين حموا هذه الثورة، ولا يزالون يشكلون الدرع الحصين لها ضد أعدائها.
صورة ارشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة