د. عبد الرحمن البر: حرق مقار لـ"الإخوان" "عدوان همجى" يهدف إلى عرقلة التحول الديمقراطى فى مصر.. مفتى الجماعة لا نقبل بالفصل بين الدين والسياسة.. والإعلام لا ينظر للرئيس إلا بعين النقد السلبى

الأحد، 27 يناير 2013 08:46 ص
د. عبد الرحمن البر: حرق مقار لـ"الإخوان" "عدوان همجى" يهدف إلى عرقلة التحول الديمقراطى فى مصر.. مفتى الجماعة لا نقبل بالفصل بين الدين والسياسة.. والإعلام لا ينظر للرئيس إلا بعين النقد السلبى د. عبد الرحمن البر عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، الدكتور عبد الرحمن البر، الملقب بـ"مفتى الجماعة"، فى حوار الصحيفة الشرق الأوسط إن استهداف مقرات للجماعة وحزبها "الحرية والعدالة" من البعض ما هو إلا عدوان همجى يهدف إلى عرقلة التحول الديمقراطى من بعض الذين فقدوا مصالحهم بعد تغير النظام السابق، ووصول رئيس منتخب إلى الحكم.

وأضاف أنه من الطبيعى أن يشعر كل وطنى مخلص بغاية الاستياء من العدوان على مقار الجماعة وحزبها، وبالاستياء من تأخر الأجهزة الأمنية فى ملاحقة المعتدين وعدم القبض عليهم وتقديمهم للعدالة.

وعن رؤيته لموقف "جبهة الإنقاذ الوطنى" المعارضة والرافضة للحوار الذى دعا إليه الرئيس محمد مرسى أكثر من مرة، قال الدكتور البر "إن القوى الوطنية يجب عليها الجلوس إلى مائدة الحوار وطرح ما لديها بعيدا عن الاشتراطات المسبقة والمواقف الحادة".

وشدد الدكتور البر على عدم القبول بمبدأ الفصل بين الدين والسياسة بأى حال من الأحوال، مشيرا إلى أنه لا يوجد منصب اسمه "مفتى الإخوان"، لكنه أوضح أن بعض الإعلاميين يصرون على وصفه بذلك، قائلا إنه يجيب فقط عن الأسئلة فى المسائل الشرعية متى كان عالما بها، ويحيلها إلى غيره من أهل العلم فيما لا علم لى به، وإلى أهم ما جاء فى الحوار:

* كيف تشعر وأنت تتابع أخبارا عن حرق مقار لـ"الإخوان" والاعتداء عليها؟ ومن فى رأيك صاحب المصلحة فى هذا العمل؟
تعرضت مقرات الجماعة والحزب فى مختلف أنحاء الجمهورية للاعتداء فى أيام مختلفة، ومن الطبيعى أن يشعر كل منصف وكل وطنى مخلص بغاية الاستياء من هذا العدوان الهمجى، وكذلك بالاستياء من تأخر الأجهزة الأمنية فى ملاحقة المعتدين وعدم القبض عليهم وتقديمهم للعدالة، أما صاحب المصلحة فهو بكل تأكيد من ساءته هذه الثورة المباركة وأفقدته نفوذه ومصالحه فى داخل مصر وخارجها، ولذلك رغب فى توتير الأجواء وجر القوى الوطنية للتناحر، واستفزاز "الإخوان" لدفعهم إلى تصرف انفعالى يترتب عليه إعاقة مسيرة استكمال التحول الديمقراطى فى مصر، وهو ما لم يتحقق بفضل الله ثم بفضل وعى "الإخوان" وصدق وطنيتهم ومؤازرة الشعب لهم ولمشروعهم النهضوى، وأتصور أن من حرض على هذه الجريمة ومن قام بها أدركوا أنهم رموا بسهم طائش، وأن "الإخوان" ومعهم الشعب المصرى العظيم قد أفشلوا خطتهم، ولهذا لا أتوقع أن يتكرر هذا العمل الطائش الأحمق، إن شاء الله.

* هل تتابع القنوات الفضائية التى تنتقد جماعة الإخوان؟
من الطبيعى أن أتابع كل ما يجرى فى مصر، وخاصة فى وسائل الإعلام، ومنها بالطبع تلك التى لا تنظر لـ"الإخوان" ولحزب الحرية والعدالة وللرئيس المنتخب إلا بعين النقد السلبى، ومنهجى فى متابعة ما تطرحه تلك القنوات هو أننى إذا وجدت جدية فى الطرح والنقد فإننى أكمل المتابعة، وإذا وجدت هزلا وافتراء وخروجا عن اللياقة وعن حدود الأدب والمنطق وهبوطا وإسفافا فى التعبير فإننى أضن بوقتى أن يضيع فى غير فائدة، ومن الطبيعى أن أستفيد، مثل غيرى من "الإخوان" من النقد البناء أيا كان مصدره، وأن نصحح فى ضوئه ما نرى لزوم تصحيحه، وأن نجتهد فى توضيح ما أسئ فهمه، أو تم تحريفه، حتى تكون الأمة على بصيرة من أمرنا وعلى بينة من منهاجنا، أما النقد الهازل فأنا شخصيا أضرب عنه صفحا، وأشفق على بعض أصحابه مما يبدو من أفواههم من بغضاء ومما تنطوى عليه صدورهم من حسد وشحناء تضرهم ولا تضرنا بفضل الله، وفى كثير من الأحيان أبالغ فى الاجتهاد فى التعرف إلى السر فى تلك الافتراءات والمواقف العدائية التى يتخذها البعض، فلا أقف على شىء، وأجدنى أردد قول الشاعر، «أفكر ما ذنبى إليك فلا أرى لنفسى ذنبا غير أنك حاسد».

ما هى فى رأيك ضوابط الإفتاء فى ظل انتشار فوضى الفتاوى عبر الفضائيات والإنترنت؟
ضوابط الإفتاء مذكورة فى كتب الفقه، ومن أهمها، ألا يتصدى للفتوى إلا من كان من أهل العلم، ممتلكا لأدواته، عالما بالقرآن وتفسيره وأسباب نزوله، عالما بالحديث الشريف وأسباب وروده، وقادرا على معرفة صحيحه من سقيمه، عالما باللغة العربية وفنونها، عالما بأصول الفقه وقواعد استخراج الأحكام من أدلتها، ملما بأقوال الفقهاء فى المسألة التى يتصدى للإفتاء فيها، متدربا على التعامل مع المصادر العلمية المختلفة، حريصا على مراجعة المسائل قبل الإقدام على الإفتاء فيها، بصيرا بالمستجدات فى موضوع الفتوى، مهيأ لتكييف المسائل تكييفا صحيحا مناسبا للواقع المعيش ولظروف المستفتين، أما التصدى لما يسمى فوضى الفتاوى عبر الفضائيات والإنترنت، فأرى أنه لا يتحقق بمجرد ذكر الضوابط، بل بإرادة القائمين على هذه الفضائيات، وحسن اختيارهم لمن يقدمونه للإفتاء.

وأرى أن الأفضل عدم الإفتاء على الهواء مباشرة، بل تقدم المسألة للعالم ليدرسها جيدا ويعد برده عليها، ثم يقدم الفتوى مستوفية الدراسة.

وأرى أن تقوم الهيئات ذات الصلة بتدريب المشايخ والدعاة والخطباء على الإفتاء، ولا بأس بإعطاء إجازات بالفتوى لمن يجتاز الدورات المتخصصة فى ذلك، ويستعان بهم فى برامج الفتوى عبر الفضائيات وغيرها، وذلك كله فى ما يتعلق بفتاوى الأفراد فى المسائل التى يحتاج إليها الناس فى عباداتهم وأعمالهم وأحوالهم اليومية.

أما القضايا الكبرى العامة والفتاوى المتعلقة بالمجال العام وبأمور الدولة والقضايا العلمية الجديدة وقضايا المعاملات المالية المستحدثة والمعاصرة، ونحو ذلك من القضايا التى يحتاج المجتمع كله لمعرفتها–فأرى أن تضطلع بها الهيئات العلمية الكبرى والمجامع العلمية المعروفة كهيئة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية والمجامع الفقهية المختلفة ودار الإفتاء والأقسام العلمية المتخصصة فى كليات أصول الدين والشريعة، وأن تعقد حولها الندوات والمؤتمرات العلمية المتخصصة، ويدعى إلى بحثها الدارسون المتقدمون للدرجات العلمية فى الماجستير والدكتوراه، ولا ينبغى مطلقا أن يتصدى لها المفتون عبر الفضائيات ما لم يحيطوا بنتائج تلك الدراسات ويقفوا على تفاصيلها.

* كيف ترى الوضع الحالى فى مصر بعد مضى نحو عامين على ثورة 25 يناير؟
الوضع الحالى فى مصر آخذ فى الاستقرار بعد إقرار الدستور فى استفتاء حر بأغلبية تقترب من الثلثين، وسيكون الوضع–إن شاء الله– أكثر استقرارا بعد انتخابات مجلس النواب، التى رفع قانونها إلى المحكمة الدستورية، وهذا بالتأكيد سينعكس على الوضع الاقتصادى الذى تعرض فى الفترة السابقة لصعوبات واضحة نتيجة الاضطرابات السياسية، وتراجع الاحتياطى النقدى من العملات الصعبة التى استنزفت الفترة السابقة على انتخابات الرئاسة معظمه، فقد بلغ عشية سقوط النظام البائد أكثر من 35 مليار دولار، وتسلم الرئيس المنتخب الحكم وهو فى حدود 15 مليار دولار، وبعد مرور نحو سبعة أشهر فإنه لا يزال يتجاوز 15.5 مليار حسب ما هو معلن، لكن الجديد فى الوضع الاقتصادى هو تلك المشروعات الكبيرة التى بدأ العمل فيها، وتلك المليارات التى يتم استردادها ممن أخذوها بغير حق، وتلك المليارات التى يتم توفيرها من خلال منع ومكافحة الفساد، وذلك الاستقرار فى أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية، والحلول الناجحة لمشكلات الطاقة والمواد البترولية والبوتاجاز مع أننا فى وسط الموسم الشتوى، وهى كلها مبشرات بتحسن كبير فى المستقبل القريب، إن شاء الله.

* كيف تقرأ موقف "جبهة الإنقاذ الوطنى" الرافض للحوار الذى دعا إليه الرئيس أكثر من مرة، وما النقاط التى يمكن أن يلتقى حولها الفرقاء فى هذه المرحلة؟
أعتقد أن القوى الوطنية يجب أن تجلس إلى مائدة الحوار، وتطرح كل ما لديها، بعيدا عن الاشتراطات المسبقة والمواقف الحادة، وثمة أشياء كثيرة يمكن أن يلتقى حولها الفرقاء الوطنيون، منها قضايا الحريات العامة والعدالة الاجتماعية والتوافق الوطنى العام والوحدة الوطنية، ومنها كيفية وآليات استرداد الثروات المصرية المهربة، ومنها كيفية وآليات الخروج من الأزمة الاقتصادية التى يمر بها الوطن، ومنها كيفية وآليات التعامل مع الثروات الطبيعية التى تزخر بها مصر وطرق تعظيمها وتنميتها، ومنها المشروعات القومية الكبرى التى تحتاجها مصر للنهوض؛ كمشروع تنمية إقليم قناة السويس، ومشروع تعمير سيناء، ومنها النهضة العلمية والتعليمية التى يجب أن تميز مصر الجديدة بدءا بمشروع جامعة الدكتور زويل، ومنها كيفية وآليات استعادة وتعظيم دور السياحة فى مصر كواحدة من أهم موارد البلاد، ومنها طبيعة السياسة الخارجية الجديدة للنظام السياسى المصرى الجديد حتى تكون مستقلة وبعيدة عن التبعية وعن الاستجابة لأى ضغوط خارجية، وغير ذلك من القضايا التى ترى القوى الوطنية ضرورة الاتفاق حولها.

* يعتقد البعض أن جماعة الإخوان فى السنوات الأخيرة أصبحت أكثر اهتماما بالجانب السياسى على حساب الجانب الدعوى، كيف ترى هذا الأمر؟
دائما ما كان البعض يدعى هذه الدعوى، الناشئة فى ما أظن عن عدم فهم البعض لدعوة الإخوان المسلمين التى هى دعوة الإسلام بمفهومها الشامل الذى ينتظم أمور الحياة جميعا ويفتى فى كل شأن من شؤونها. وقد قرر الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، أن دعوة "الإخوان" دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، إلى جانب كونها هيئة سياسية، وشركة اقتصادية، وجمعية خيرية، وهيئة رياضية، سواء بسواء.

لهذا، فـ«الإخوان» ينشطون فى المجال السياسى مثلما ينشطون فى المجال الدعوى والمجال الخدمى والخيرى، ومثلما أنشأوا حزبا سياسيا، فلديهم قسم لنشر الدعوة الإسلامية، أشرف أنا شخصيا عليه، يهتم بممارسة الدعوة فى المساجد وغيرها، ويرتب درس الثلاثاء الأسبوعى فى مختلف أنحاء البلاد، ويقيم الدورات العلمية الشرعية لرفع مستوى الدعاة ولتعليم العلوم الشرعية للراغبين، ويهتم بدراسة المسائل الشرعية التى يحتاجها الناس، وغير ذلك من الأعمال والمناشط الدعوية الكثيرة للرجال والنساء، بل إننا نعتبر العمل السياسى بابا من أبواب الدعوة، ونسعى من خلاله لتقديم نموذج سياسى يحمل قيم الإسلام ومبادئه إلى معترك السياسة والحياة العامة، ويتصدى للنماذج الرديئة التى تتعامل مع السياسة باعتبارها فنون الخداع للناس والتحايل على الجماهير والتى تقدم المصالح الشخصية والحزبية على المبادئ الأخلاقية، كما يتصدى للمفاهيم الخاطئة التى تعتبر السياسة رجسا من عمل الشيطان، ويجتهد فى تقديم نموذج سياسى أخلاقى راقى.

وهنا، لا بد أن أشير إلى ما كتبه الإمام الشهيد حسن البنا فى رسالة المؤتمر الخامس ونصه: «وأما أننا سياسيون بمعنى أننا نهتم بشئون أمتنا، ونعتقد أن القوة التنفيذية جزء من تعاليم الإسلام تدخل فى نطاقه، وتندرج تحت أحكامه، وأن الحرية السياسية والعزة القومية ركن من أركانه وفريضة من فرائضه، وأننا نعمل جاهدين لاستكمال الحرية ولإصلاح الأداة التنفيذية، فنحن كذلك ونعتقد أننا لم نأت فيه بشىء جديد، فهذا هو المعروف عند كل مسلم درس الإسلام دراسة صحيحة، ونحن لا نعلم دعوتنا ولا نتصور معنى لوجودنا إلا تحقيق هذه الأهداف، ولم نخرج بذلك قيد شعرة عن الدعوة إلى الإسلام».

* هل توجد حدود فاصلة بين الجانب الدعوى والجانب السياسى فى عمل جماعة الإخوان؟
الجماعة تمارس الدعوة والسياسة ولا ترى أى تناقض بينهما، وتعتبر العمل السياسى بابا من أبواب الدعوة لإظهار محاسن المنهج الإسلامى وتميزه فى مجال الحكم والسياسة، ورسالتنا الأساسية هى تقديم الإسلام الشامل كنموذج حضارى يهتم بالإنسان فى كل مناحى حياته، ووجود أقسام وتخصصات فى مجالات العمل داخل الجماعة، ليس من باب الفصل بين ما يوصف بأنه سياسى وما يوصف بأنه دعوى على الإطلاق، بل هو من باب تقسيم المهام والتجويد فى كل منها، ولا نقبل بالفصل بين الدين والسياسة بأى حال من الأحوال.

* من أين جاء لقب "مفتى جماعة الإخوان"؟
هذا لقب أطلقته بعض الصحف والفضائيات على فضيلة الأستاذ الشيخ محمد عبد الله الخطيب حفظه الله، حين كان عضوا بمكتب الإرشاد، وربما دفعهم لذلك أنه كان بوصفه أحد كبار علماء الأمة يجيب عن استفتاءات ومسائل القراء فى بعض الصحف أو المجلات الإسلامية، مع العلم بأنه لا يوجد منصب فى «الإخوان» يسمى (مفتى الجماعة)، ويبدو أنه أعجب بعض الصحافيين أن يطلقوا هذا اللقب على شخصى الضعيف بعد انتخابى عضوا بمكتب الإرشاد، خصوصا أن ذلك تزامن مع خروج فضيلة الأستاذ الشيخ الخطيب من المكتب، وباعتبارى أستاذا بجامعة الأزهر، ومع أننى نفيت هذا الأمر فلا يزال هناك إصرار من بعض الإعلاميين على وصفى بمفتى الجماعة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة