تناول الدكتور محمد الصغير خطيب الجمعة بمسجد القدس بالتجمع الخامس، فى حضور الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية ، خلقى "رد الجميل" و" الصفح وعدم الانتقام" تزامنا مع ذكرى المولد النبوى الكريم قائلا: "هذا الشهر المبارك يزيد أهل الإيمان تذكرا لسيد الأنام صلى الله عليه وسلم.
وأوضح الخطيب: "لا يخلو نفس ولا زمن من ذكر رسول الله، وهذا أمر تكفل به خالقه ومولاه حيث قال "ورفعنا لك ذكرك"، ومن رفعه الله لا يضع، ومن وفقه الله لا يضل، ومن عدله الله لا يزيغ، وما أحوج الأمة لعودة حقيقية إلى سيرة النبى وأخلاقه".
أضاف الخطيب "أن السياسة مارسها المصريون خلال العامين الماضيين بكل صورها، ولا أظن أن هناك دولة فى العالم قامت بتلك الانتخابات والوقوف فى تصويت لتتعلم سبل الديموقراطية، ولكن السياسة فقط، لا تملأ بطونا خاوية ولا تحقق أمنا مفتقدا ، ويجب النظر للمعادلة من جميع جوانبها، فالمجتمع لا ينهض بالسياسة فقط، فليظهر رجال الاقتصاد والبيئة وقبلهم ومعهم لابد من ثورة حقيقية.. ثورة أخلاق وسلوك".
وأوضح: "إن المجتمع مهما تطاول بنيانه وارتفعت أسسه على غير نظام أصيل على غير خلق قويم لا يلبث أن ينهار، وسيد الخلق يقول: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، مضيفا أن أمة لا ترحم صغيرها ولا توقر كبيرها ولا تسعى ليتيمها أمة فى الحضيض وإن تعالت فى البنيان.
وطالب الخطيب بأن يعود المجتمع إلى ثورة أخلاقية فى كل صوره وأطيافه، قائلا : "نحن لا نبحث عن شىء مفقود ولكن : "لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة"، ولو نظرنا إلى سيرته ومسيرته لانقضى أعمار المتحدثين لأن النبى صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يحيط بمحيط أخلاقه متحدث، إذا وصلت إلى نهاية ما تعرف عن الكرم مثلا وتوقفت فاعلم أن رسول الله أعلى وأكثر مما تعرف عن الكرم، رسول الله هو فوق دائرة الأخلاق.
واستعرض الخطيب خلق "رد الجميل"، موضحا :" أن الكرام إذا ما وصلوا ذكروا من كان يألفهم فى الماضى من خشن"، أول ما حصل صلى الله عليه وسلم على مال ذهب إلى عمه العباس وقال له انطلق بنا إلى عمى أبوطالب فإنه صاحب عيال، موضحا : "مش أول ما تحصل على فلوس تجيب دبلة ومحبس وتنسى أخواتك وأهل بيتك من يوسع عليهم ، فلابد من رد الجميل لمن آوانى وربانى".
أضاف الخطيب: رسول الله كان يحرك المجتمع نحو رد الجميل، فلم ينس من أكرمه وهو يتيم ورباه، كان إذا سمع صوت هالة أخت السيدة خديجة قال اللهم "هالة"، فإذا تحقق قال: "كانت تأتينا أيام خديجة"، ويفرش لها رداءه فقد كانت تذكره بأيام السيدة خديجة ، وكلما كبر الإنسان سنا ومقاما ومسئولية كلما كان رد الجميل فوق كاهله أكبر، الكبار لا يعرفون الانتقام ولا يعرفون إلا طريق الصفح.
وأوضح الخطيب أن الخلق الثانى: هو عدم الانتقام، فالمستقبل ينتظر ولا وقت للنظر للماضى، فقال تعالى "ألم نشرح لك صدرك" فنقى الله صدر رسول الله من الغل، مضيفا : "عبد الله بن أبى بن سلول أكثر من آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما احتضر بن سلول قال لابنه اذهب إلى محمد وآتنى بقميصه اتكفن فيه، فإكراما لابنه أعطاه رسول الله القميص، فلما ذهب ابنه بالقميص قال له بن سلول: اذهب وآتنى بقميص النبى الذى عرق فيه"، كان أيسر لابن سلول أن يؤمن ولكن الأمر مرتبط بعناد مع النبى، وعند اقتراب نهايته قال لمن حوله كفنونى فى القميصين وطلب أن يستغفر النبى على قبره، وعندما جاء الرسول على قبره قال له عمر لا يا رسول له، فقال له صلى الله عليه وسلم : "إنى خيرت يا عمر استغفر لهم أو لا تستغفر لهم"، هذا رسول الله وهذه سنته وطريقته وهديه.
أضاف الخطيب، أن الله قال للنبى صلى الله عليه وسلم : "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ، شارحا ليس لمدينة نصر فقط أو لفصيل دون فصيل.
وفى خطبته الثانية ، قال الخطيب حينما دخل الرسول مكة قال له أعداؤه: "أخ كريم وابن أخ كريم " ، ورد الرسول :"لا تثريب عليكم " وهذا يعنى أنه لا ننظر إلى الماضى، لأن من يطيل النظر للماضى لا ينظر للمستقبل.
أضاف الخطيب أن سيدة من خيبر وضعت السم فى الشاة وضاعفته فى الكتف لعلمها حب رسول الله لها، حادثة اغتيال رئيس الدولة النبى وليس المنتخب، واسمعوا التحقيقات، قال صلى الله عليه وسلم: "ما حملك على ما فعلت؟ قالت فى خبث ومكر يهودى: إن كان ملكا استرحت منه وإن كان نبيا لن يتركه الوحى، فعفا صلى الله عليه وسلم عن حق نفسه فيها.
ووصف الخطيب شهر ربيع بأنه جاءنا بمولد رسول الله وبثورات الربيع العربى وينبغى أن يأتينا الربيع تلو الربيع ونحن فى إقدام ، ولا يحمل الحقد القديم عليهم فليس كبير القوم من يحمل الحقد، فلا تستغربوا أفعال الكبار إذا ظهرت منهم، مضيفا: " الثورات على مرحلتين هدم وبناء وقد أفلح الشعب المصرى فى مرحلة الهدم للنظام السابق، ولكن يجب أن يتحول سريعا لمرحلة البناء، لأن العالم ينتظر، هذا الشعب حريص على مصلحة بلده وأمنه واستقراره، إن الطبيب إذا رأى جرحا مليئا بالجراثيم فإذا ضغط عليه لايقصد إيلام المريض ولكن يريد تطهيره، واليد الحانية على الجرح يد خائنة، لذا كان يقال على الطبيب حكيم فلديه شدة فى غير عنف ولين فى غير ضعف.
أضاف: أن روشتة العلاج تكمن فى تقديم المصلحة العامة قبل الخاصة، ومصر قبل الحزب ، والوطن قبل الجماعة والطائفة" ، لقد اجتمع اليهود والأوس والخزرج والمهاجرون للحفاظ على تراب يثرب فى وثيقة المدينة، ودعوتى التى أدعوها فى كل مكان، اللهم أعط لكل مصرى على قدر حبه لمصر وإخلاصه لوطنه، اللهم ما أنزلته من أمن وأمان وسلامة واستقرار فاجعل لمصر نصيبا فيها، الله اجعل مصر فاتحة خير على بلاد العروبة، اللهم هب ولى أمرنا البطانة الصالحة، أى مسئول له بطانتان إحداهما تحضه على الخير والأخرى على الشر ، اللهم زد ولى أمرنا توفيقا واحفظ مصر رئيسا وشعبا ، اللهم عليك بغدار الأسد ، الله لا ترفع له راية واجعل فى هلاكه للناس آية.
واختتم الخطيب مكررا كلمة العدل أكثر من مرة فى قوله :"إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى يعظكم لكم تذكرون".
خطيب مسجد القدس بالتجمع الخامس فى حضور "مرسى" : السياسة فقط لا تملأ بطونا خاوية.. والكبار لا يعرفون الانتقام.. واليد الحانية على الجرح هى يد خائنة.. ومصر قبل الحزب.. والوطن قبل الجماعة
الجمعة، 25 يناير 2013 01:37 م