فى الخامس والعشرين من يناير عام 2011 قام الشعب المصرى بثورة عظيمة لم يشهد العالم على مدى التاريخ ثورة مماثلة فى نقائها وطهرها وعظمتها، راح وقودا لهذه الثورة العظيمة ما يقرب من ألف شهيد من خيرة الشباب المصرى وعدة آلا ف من الجرحي.
قاد هذه الثورة شباب وبنات مصر ودعمها غالبية الشعب المصرى، وقد ظن الكثيرون خيرا، وأن مصر سوف تتحول إلى عهد جديد من الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية بعد أن تنحى الرئيس حسنى مبارك عن الحكم وأوكل إدارة شئون البلاد إلى المجلس العسكرى يوم 11 فبراير 2011.
بدأ المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد وقام بعمل إعلان دستورى يوم 19 مارس 2012 وأتبعه بإعلان آخر لينظم شئون البلاد، وبدأ الجدل حول هل تجرى انتخابات مجلس الشعب أولا أو عمل دستور للبلاد، وانقسم الشعب بين مؤيد لعمل انتخابات مجلس الشعب أولا وبين عمل الدستور أولا. وللأسف أجريت انتخابات مجلس الشعب أولا، وتم بناء البيت قبل وضع الأساس (الدستور)، وبدأت الكوارث والانقسامات تتوالى على مصر، وبدأ البيت يتشقق وكثرت به الصدوع، فلا استقرارا وصلنا ولا حرية ولا عدالة رأينا، وبدأ الكثيرون يهرولون لاقتناص السلطة والقليلون يهرولون نحو الوطن.
تم حل مجلس الشعب بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا بسب خطأ دستورى فى طريقة إجراء الانتخابات، ورغم ذلك فى هرولة لم يسبق لها مثيل تم تشكيل جمعية لإعداد الدستور من بعض أعضاء مجلسى الشعب والشورى المنتخبين وكان غالبية أعضائها من تيار واحد أو من محبى هذا التيار ومريديه، وتم الانتهاء من إعداد الدستور بطرية لم نرَ مثيلا لها فى أى دولة من دول العالم، وجميع المصريون يعرفون كيف تم الانتهاء من هذا الدستور الذى ولد بليل.
بدأ بعض المجموعات فى محاصرة المحكمة الدستورية العليا حتى لا تتمكن من مزاولة عملها وإصدار حكم ببطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور، رغم أن رئيس الجمهورية أصدر إعلانا دستوريا ليحصن مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لإعداد الدستور من أى طعن أو حكم قضائى، وهذا يعنى بداية لهدم دولة القانون، وهذا أخطر ما يواجه مصر فى الفترة الأخيرة، هذا بالإضافة إلى تعيين نائبا عاما جديدا لم يرضَ عنه زملاؤه وتلاميذه فى النيابات العامة، حيث أضرب معظمهم فى مظاهرات احتجاجية حتى تقدم النائب العام الجديد باستقالته ثم تراجع عنها مبررا أنها قد تمت تحت ضغط المتظاهرين من رجال النيابة.
وأضف إلى ذلك أحداث الاتحادية الأخيرة وخلع خيام المتظاهرين السلميين وفض وقفتهم السلمية بالعنف والقتل وبرر أحد المهاجمين الملتحين أنه وجد جبنة نستو فى خيام المتظاهرين، وقال مقولته المخزية: "جبنة نستو يا معفنين بانفعال بالغ؟ وقد استشهد عشرة من المصريين، لك الله يا مصر، هذا بالإضافة إلى محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى لفترة طويلة من بعض العناصر التابعة للشيخ حازم أبو إسماعيل المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، والاعتداء على بعض الإعلاميين وسبهم فى لافتات، وتقديم العديد من الصحفيين والإعلاميين إلى النيابة فى بلاغات تتهمهم بتهم متفاوته. فى 15 ديسمبر و22 ديسمبر 2012 أجرى الاستفتاء على الدستور على مرحلتين رغم ما به من عوار كبير فلا توافق على نصوصه ولا رضاء شعبى عليه رغم نتيجة الاستفتاء الذى صاحبه من خروقات، ورغم ما يشوب جمعيته التأسيسية من عوار قانونى، وظهرت نتيجة الاستفتاء لتوضح الانقسام الواضح بين المصريين، انقسام بين الشعب وانقسام بين الأسر وانقسام بين الأخوة الأشقاء، وأن مصر وصلت إلى أسوأ أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
هذه هى خواطرى بمناسبة مرور عامين على ثورة الشعب المصرى العظيم، فلا استقرار تحقق، ولا عدالة اجتماعية ولا حرية ولا شفافية تحققت، وساد الارتباك فى معظم الأمور.
من يحب مصر؟ من يريد لمصر خيرا وتقدما؟ من يجمع المصريين على كلمة سواء ويأخذ بيدهم إلى مستقبل أفضل؟ من يؤثر مصلحة الوطن على ما سواه، أتمنى أن يهرول الكثيرون نحو الوطن ولا يهرولون نحو السلطة. إما أن نتعلم كيف نعيش معا فى أمن وسلام أو نضيع جميعا كما يضيع الحمقي، هذا ما قاله مارتن لوثر كنج. اللهم إنى أستودعك مصر: شعبها، رجالها ونسائها، شبابها وبناتها وأطفالها، سمائها وأرضها وجبالها. اللهم أنت المعين وأنت القادر وأنت الحافظ.
شعب مصر
شعبــك الحر أبى … رافع الرأس وفى
يفتديـــك بالفــــــؤاد
نطعم الخـير مريا … ننشر النور سنيا
بين أرجــاء البلاد
نزرع الحب سويا ..نرفع الرأس عليا
بين أجناس العباد
نحن شعب عربى ... نرفع الصوت جليا
عشت حرة يابلادى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة