بعد عامين على الثورة، اختلفت الصورة وبقيت الملامح. وهناك مفارقة أن كثيرين ممن خرجوا فى يناير 2011 لإسقاط نظام مبارك، لا يرون أفقا لتغيير عاجل. ويعودون للخروج من جديد يطالبون بالكثير من المطالب التى رفعوها قبل عامين. النظام الحاكم ليس هو نفسه نظام مبارك، الذى حكم سنوات أطول مما يجب، وتساقطت فى طريقه الكثير من الملامح الاجتماعية والسياسية. عامان ذهب فيها المصريون لصناديق الانتخابات 6 مرات من أجل اختيار ممثليهم فى البرلمانات والرئاسة، وانقسموا حول الدستور.
كان يفترض أن يشعر المصريون بالتفاؤل، والتوحد وأن يشعروا بأنهم يشاركون فى رسم خرائط المستقبل، وتوديع نظام متسلط، عاش على الظلم والفساد والإقصاء. لكنهم بدوا وقد فقدوا تفاؤلهم، اختفت الابتسامة من الوجوه، وحل مكانها خوف أو ضيق أو غضب، بعد شهور راهنوا فيها على أن الأحوال ستكون أفضل، وأنهم سيرتاحون بعد شهور من التعب واللهاث، شاركوا خلالها فى انتخابات مجلس الشعب والشورى والرئاسة لمرتين، غير انتخابات نقابية وعمالية، وكان عليهم أن يخلدوا للراحة بعد أن اختاروا ممثلين لهم يرسمون خريطة جديدة للحياة.
وبدلا من أن تكون الانتخابات بداية الراحة، فإذا بها جزء من التعب والانقسام والصراع والخلاف.
النظام فى مصر وتونس ليس هو النظام الحالى، فقد حكم بن على 23 عاما، وحكم مبارك 30 عاما، بينما الرئيس مرسى لم يكمل عامه الأول، وبالكاد قطع 6 أشهر، هكذا يرد مؤيدوه، والذين يطالبون بالعدل فى التعامل معه، وعدم تحميله المسؤولية عما يجرى. والحقيقة أنه لا يمكن النظر لمرسى مثل النظر لمبارك، لكن أيضا تغير الشعب كثيرا، وتغيرت أحلامه وتركيبته، وانضم للثورة شباب وفئات للمرة الأولى، فضلا عن استمرار أسباب للغضب. لقد تصور الطغاة أن الأمور تحت السيطرة، لأنهم لا ينظرون خارج القصر أو السيارة، يعيشون عزلة تمنعهم من رؤية ما يدور فى الخارج، لا يفهم الديكتاتور السبب وراء صمت الأغلبية لا يعرف كيف تغلى المراجل من الكبت والظلم، وكيف ينمو الغضب ليتحول إلى غليان. يحتاج الديكتاتور إلى سنوات ليفهم شعبه، وإن لم يفهم فى البداية فلن يفهم أبدا.
لم يبذل نظام الرئيس مرسى جهدا لعلاج أسباب الغضب، وكلما انتظر الشعب منه خطابا أو خطوة للأمام، فإذا بالصمت والتجاهل.. حزب الحرية والعدالة يكرر ما فعله الحزب الوطنى، يضاف إليه جماعة الإخوان التى هى بلا وضع قانونى أو دستورى ومع هذا تظهر فى الصورة بقوة.
استقطاب حاد، فصل بين السلطة والمعارضة، فإذا بمعارضين كان يعتبرهم مبارك مندسين، يعارضون مرسى فيوصفون بالاندساس. وإذا بشباب يرى نفسه مستبعدا وأحلامه فى دولة مختلفة تبخرت، وتتكرر المصادمات. وتظل أسباب الغضب قائمة، وتنذر بغضب واسع، إذا استمر النظام يتجاهل الشعب ويعطيه ظهره.
لقد تغير النظام، وتغير الشعب كثيرا، لكن الوضع بقى ساكنا وينذر بالغضب من جديد.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
لقد انصاعوا الى اهوائهم ورفضوا كل نداءات ومساعى التوافق وعليهم وحدهم تحمل كل النتائج
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم سعد
ا/ اكرم القصاص