بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة المصرية، التى ثار فيها المصريون على الظلم والطغيان والفساد والاستبداد، أصدر العالم الأزهرى المصرى الدكتور إبراهيم أبو محمد المفتى العام للقارة الأسترالية، كتابًا جديدًا، بعنوان: (الثورة المصرية بين تحليل الخبراء مفاجآت الأقدار).
والكتاب الجديد، الذى يقع فى 500 صفحة، والصادر عن مكتبة الأديب كامل كيلانى بالقاهرة - يعد تأريخيا دقيقا للثورة المصرية، بداية من إرهاصاتها وقبل أن يقوم بها المصريون بعدة شهور، وحتى والاحتفال بالذكرى الثانية للثورة، كما أنه يمثل نوعًا من الرصد والتحليل لحالة شعب عريق فى فترة من أصعب فترات التاريخ المصرى، وقد قامت صحيفة "المصريون" بنشره فى مقالات أسبوعية على مدار عامين.
والكتاب الجديد يرصد ويحلل بدقة الحالة المصرية، ويضع فى كل موضوع من موضوعاته "روشتة" دقيقة للعلاج لكل مشكلة من المشكلات التى يتعرض لها بطريقة علمية منهجية.
وعلى الرغم من أن المؤلف يعيش فى قارة أستراليا وكتب هذا الكتاب فى مدينة سيدنى على مدار عامين كاملين، إلا أنه استطاع أن يغوص فى قلب الأحداث، خصوصا وأنه أحد المهمومين والمهتمين بالشأن الوطنى، منذ عدة قرون.
والمتتبع لكتاب (الثورة المصرية بين تحليل الخبراء ومفاجآت الأقدار)، من أول كلمة فيه إلى آخرها، يلحظ حس الكاتب الوطنى، وحسه الأدبى والبلاغى والفلسفى، ويلحظ اطلاع الكاتب على دقائق الأمور من خلال ما أتيح له من معلومات موثقة من وكالات الأنباء العالمية، ومن خلال أدواته وآلياته الإعلامية.
يقول الكاتب: مولود قادم من رحم الغيب، ينذرهم برحيل عن صدر بلادى، كى تتنفس مثل البشر العادى فى كل الدنيا، بنسيم هواء غير ملوث أو مسموم، وبشربة ماء، ورغيف مطحون من قمح بلادى، أيام حبلى فى الزمن القادم. مولود قادم من رحم الغيب، عملاق يهزم جند القهر، يهتك حجب الليل، يمسك بيمينه أنوار الفجر، يعيد البسمة والنسمة لأرامل كثر ولشعب محروم من خير بلاده، ويتامى داخل كهف الفقر الموجع، وعجائز داخل جحر مهجور، وشباب يهتف من عمق بلادى يُسْقِط ليل الظلم ويُسْقِط الاستضعاف، ويحيى فى الناس رجولة أمة تأبى الجور، وتأبى الفحش والاستخفاف. هذه الكلمات هى جزء من مقال كتبته بتاريخ ١سبتمبر ٢٠١٠م، وبعدما قامت الثورة واتهمنى البعض ممن قرأوا ذلك المقال، بشرف لا أدعيه، حيث ظنوا أننى كنت على علم وعلاقة بالثورة والثوار، وأن علاقة ما تربطنى بالشباب الذين قاموا بها. ولم يدرك أولئك أن الكتابة تتداخل فيها المشاعر، ويصعُب فصل العاطفة عن العقل، كما يصعُب فصل الرؤية بالعين عن الحلم والأمل الذى تهفو إليه النفس، ويتطلع إليه القلب والفؤاد. وبألوان هذا الحلم يصبغ الوجدان سحاب السماء وفجاج الأرض وشعاع الشمس وضوء القمر. ويؤكد المؤلف أن نهاية المقال كانت إرهاصًا بقدوم مولود من رحم الغيب، إشارة وتحقيقا لمفاجآت القدر وتجلياته فى المقدور حين يخرج الحى من الميت.
ويستطرد الكاتب: "فى كل سفرة لقاهرة المعز كان الكلام فيها وبغير قصد أو توجيه حول الهمِّ العام الذى يشغل كل المصريين وهو: مصر إلى أين؟ وهل يمكن أن يكون هنالك تغيير محتمل؟ وإذا كان فمن أين سيبدأ؟ ومن سيكون مصدره؟. وقبيل الثورة اصطدمت الرغبة فى الحلم بواقع يخلو من مجرد احتمالات للتغيير، فالأفق يبدو خاليًا من أى ظهور أو تحليق ينبئ عنه أو يخبر عن قرب وقوعه. ورغم أنه لا يبدو شىء فى الأفق، فإننى أؤمن أن "لقدر الله مفاجآت". فهذه العبارة "مفاجآت الأقدار" كانت مفتاح الأمل دائما، على الأقل بالنسبة لى فى كل حوار يدور حول تلك القضية. وبعض الزملاء والأصدقاء من الأكاديميين والمحللين كان يضحك منى وهو يخفى فى نفسه ما تبديه عيناه وكأنما يقول: نحن فى انتظار الملائكة لتأتى بهذه المفاجآت للقدر المنتظر. ومن وراء الحجب أرقب خلف هذا الليل فجرًا".
ويؤكد: إنه صبح الأمل الذى طال انتظاره، حيث ينقلب فيه الإنسان إلى أهله وأمته مسرورا بعد حزن، وعزيزًا بعد قهر، وسيِّدًا حرًّا بعد استرقاق وعبودية، وكريمًا بعد مهانة وإذلال. فلينفض المصريون عن أنفسهم إحساسهم بالضعضعة والوهن والهوان والاستضعاف وقلة الحيلة. وليخلصوا أنفسهم من الشعور بالدونية. وليكفوا عن التنازلات المهينة. وليدركوا بوعيهم أنها المرة الأولى التى يستيقظ فيها التاريخ ليكتب أعظم فصوله وأعلاها مجدًا وعزًّا وفخارًا لتبدأ من مصر وتنتهى إليها.
ويتناول الكتاب موضوعات مهمة منها: المسلمون بين جاذبية الماضى ومرارة الحاضر، القوارض الثقافية والاجتماعية.. وقضية التجديد والنهضة، الأداء الشاذ وتعطيل الكفاءات، سقوط الثقافة.. ومأزق النظام، رسالة إلى موالى وعبيد العم سام، جرعة من الأمل، الأمل القادم من رحم الغيب، الفتنة الثقافية والفتنة الطائفية، الكاتب عندما يختار السقوط، القارئ.. عندما يختار الصعود، هنا الدقيق والزيت... أيها المواطن الحر، مصاب الوطن وقراءة البعد الغائب، خيبة الأمل راكب جمل، بريق النور فى ميدان التحرير، الشعب.. يريد، بدأ الربيع.. واخضرَّت الأوراق، محاكمة عبد الجدار "العازل"، عشاق التلوث.. وجرثومة الاستبداد، محاكمة عبد الجدار "العازل"، عشاق التلوث.. وجرثومة الاستبداد، عاجل إلى الشعب المصرى الأبى، أنقذوا سفينة الوطن، اللص والحارس والضحية، ساعات الخطر وهستيريا الدستور، الرئيس.. والغرف السوداء، برقية من مفتى أستراليا إلى الرئيس الجديد، قناة فالوب.. وقنوات إعلامنا، القرصنة الدستورية، جراح الوطن.. ونبات اللبلاب السياسى، عزيز مصر.. وصناعة التاريخ، زهرة المجذوب فى حديقة الثورة، الثورة.. ومنظومة العمل الوطنى، نظرية جديدة فى الكراهية والكذب، ديفيد حين ينطق بالحق، النخبة والدور السلبى، العِشرة الطيبة، كيد النساء.. أم كيد السياسيين؟، التسامح.. والتصالح مع الذات، النفق المظلم.. أو الأفق العالى، وينهى كتابه برسالة إلى أم الدنيا فى ذكرى الثورة "فقه الحياة فريضة".
وهكذا الكتاب الجديد يعد إضافة حقيقية للمكتبة المصرية والعربية، ستنهل منه الأجيال القادمة..
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور إبراهيم أبو محمد المفتى العام للقارة الأسترالية، وهو كاتب ومفكر مصرى، وُلِد بقرية بنوفر، إحدى قرى محافظة الغربية، جمهورية مصر العربية.
أتم دراسته الأزهرية بمدينة طنطا، وتم اختياره سكرتيرًا للتحرير بمجلة الأزهر، وفى عام 1987م حصل على الدكتوراه من كلية أصول الدين جامعة الأزهر بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى فى موضوع (منهج الإسلام فى تحقيق الأمن). ويعمل حاليا رئيس المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية بأستراليا، ورئيس إذاعة القرآن الكريم فى أستراليا، والمفتى العام للقارة الأسترالية. وهو عضو فى الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وممثل لأستراليا والأمريكتين فى الرابطة العالمية لخريجى جامعة الأزهر، وعضو لجنة العلاقات الخارجية برابطة الجامعات الإسلامية، وعضو اتحاد الكُتَّاب الأفرو أسيوى.
كتب العديد من المقالات بجريدة الأهرام المصرية، وله مقال أسبوعى بجريدة "المصريون" يُنشر يوم الخميس من كل أسبوع. وألَّف أكثر من عشرين كتابًا تم ترجمة بعضها إلى عدة لغات، منها: كتاب "دعوة إلى التأمل"، وكتاب "دعوة إلى التفكير"، وكتاب "المرأة بين حضارتين"، وكتاب "الإنسان بين الصحوة والسقوط"، وكتاب "من أنت"، وكتاب "من قضايا التحدى فى القرن الواحد والعشرين"، وكتاب "المكون المعرفى ودوره فى توجيه الحضارات"، كتاب "النظام العالمى الجديد بين بريق الوعود وحقائق الاختراق"، وكتاب "منظومة القيم ودورها فى التجديد والنهضة"، وكتاب "الشرق والغرب حوار لا مواجهة.