رغم أنى أعمل فى مجال السياحة "الجريحة" التى تنزف، فلا أريد أن أتحدث عن مشاكل السياحة مع الأمن أو غيره، ولكن أريد أتحدث عن أحوال الشركة التى أعمل بها وهى تعتبر من أكبر الشركات المصرية، ولكى لا يتصور القارئ أنى أتحدث عن مشكلة شخصية أو فئوية ترتبط بالشركة التى أعمل بها، فلابد أن نعرف أن أحوال الإدارة فى مصر متشابهة لحد كبير، وهناك قول مأثور دائما ما يقال فى شركتنا وهو: "شركتنا نسخة مصغرة من مصر" أى حالها كحال مصر وكما يحدث فى مصر يحدث فى شركتنا، وهذا ليس فقط بعد الثورة ولكن من قبلها بعهود.
فماذا عن أحوال شركتنا؟ فى شركتنا عندما تسأل عن زيادة فى المرتب، فأثناء أيام الرخاء يقال لك: اصبر فمازال أمامنا الكثير من التحديات والقادم أفضل، وفى الأيام العجاف يقال لك: إنك لا ترى ولا تقدر وهذه ليست أيام يطلب فيها ذلك.
وفى مصر، فى عصر استقرار النظام كان على المواطن أن يصبر، وفى الفترة الانتقالية عليه أن يصبر، ومع النظام الجديد عليه أن يصبر أيضا.
فى شركتنا إذا قمت بإنجاز من السهل جدا ألا ينسب إليك، (وأنت وحظك) من الممكن أن ينسب لشخص غيرك أو ينسب للمجموع، وإن أخطأت خطأ بشريا بسيطا تحاسب عليه بالكامل وكأنك لم تفعل شيئا إيجابيا من قبل،( فهذه نقرة وتلك نقرة أخرى)؛ لأن من يحاسبك ليس هو من يستفيد من إنجازاتك وكل أحد يدور فى فلكه، والمنظومة المكتملة غير موجودة.
وفى بلدنا، إن زرعت شجرة فليس من الضرورى أن تتمتع بظلالها فى أيام الصيف الحارقة، وإن قمت بثورة فليس من الضرورى أن تنسب إليك، فكل فصيل ينسبها لنفسه وكأنه صاحبها، رغم أن صاحبها هو المواطن البسيط الذى فقد عينه أو حياته بأكملها.
فى شركتنا لا يهم إن كان حل المشكلة مناسبا أم غير مناسب، ولكن المهم هو من الذى يقوله؟، وفى وطننا إن سرت فى الشارع، ستجد كل عابر سبيل لديه حلول عملية لمشاكلنا، ولكن من يسمع له، وهنا أتذكر مسابقة وكالة (ناسا) لطرح أفكار جديدة لعمل أبحاث عليها فى الفضاء والتى فاز فيها شاب مصرى؛ لأنهم يؤمنون أن من يخضع للنظريات الحالية من المتخصصين، من الصعب أن يبتكر شيئا خارجها وبهذا سيتوقف العلم والاختراع والابتكار.
فى شركتنا عندما يبدأ الإصلاح يتوقف عند حقوق العاملين الذين نفذوا الإصلاح ولا يطولهم، وفى بلدنا لا نشعر أن الإصلاح يستهدف حقوق المواطنين وتحسين أحواله ومستوى معيشته.
فى شركتنا ينسون دائما قولين مهمين من أقوال (أينشتاين)، الأول: "الجنون هو أن تفعل نفس الشىء مرةً بعد مرةٍ وتتوقع نتيجةً مختلفة فى كل مرة" والثانى: "لا يمكننا حل مشكلةٍ باستخدام العقلية نفسها التى أنشأتها".
وفى مصر لا نبحث عن أدوات جديدة لحل مشاكلنا.
أرجو أن لا تغضب (شركتنا) أو (بلدنا) من هذه الأفكار؛ لأن هدفها الإصلاح وليس مجرد النقض، فكثير من زملائى اختاروا أن يكونوا سلبيين، (وأن يربطوا الحمار مطرح ما صاحبه عايز)، وأثق تماما أن حال بلدنا سيتحسن عندما تتحسن أحوال شركتنا.
