قال الرئيس محمد مرسى إن تبنى الدول العربية لعقد سلسلة من القمم التنموية الاقتصادية والاجتماعية، ينم عن إدراكها المتزايد لأهمية دفع التعاون وتوثيقه فيما بينها فى هذه المجالات، كما يشير أيضا إلى تقديرها لمحدودية النتائج التى تحققت من خلال الآليات القائمة حتى ذلك الحين فى كافة المجالات، دون أن ينتقص ذلك من حسن النوايا، ومن الجهود القائمين على تلك الآليات.
وأضاف خلال مشاركته للقمة العربية، "لا شك أن ما تحقق خلال الدورتين السابقتين على مستوى البرامج والمشروعات جدير بالإشادة، لاسيما المبادرات التى استهدفت قطاعات بعينها، وعلى رأسها مبادرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، بشأن الموارد المالية اللازمة لدعم وتمويل مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة فى الوطن العربى".
وأشار الرئيس مرسى إلى أن أعمال برنامج هذه الدورة الثالثة يتضمن بنوداً وموضوعات ينبغى أن تكون موضع البحث ثم التنفيذ والمتابعة الحثيثة، سواء فى شقه الاقتصادى الذى يشمل الاستثمار والطاقة بكل أنواعها، خاصة الطاقة الجديدة والمتجددة، كما يشمل أيضا الأهداف التنموية لهذه المرحلة وما بعدها، وفى شقه الاجتماعى الذى يتناول الحد من البطالة ومكافحة الفقر، كما يتناول التعليم والرعاية الصحية.
وشدد الرئيس محمد مرسى على أهمية أن تتولى هذه القمة صيغة الخطوط الإرشادية، وتنسيق السياسات الاقتصادية الكفيلة بتوجيه تلك الجهود على نحو يقود الدول العربية فى خلال إطار زمنى مقبول ومحدد إلى مزيد من التكامل والتعاون فى الإطار الاقتصادى، حتى لا يبقى العمل العربى المشترك رغم تعاقب الأجيال يراوح مكانه، خلافاً للتوقعات التى تبدو نتيجة طبيعية، بل متيقنة لتوافر المقومات التى تجمع بين الدول العربية كالدين واللغة والتاريخ والجغرافيا والثقافة والأهداف المشتركة، لاسيما إذا ما قارنت الحالة العربية بتطورات والنجاحات التى حققتها أقاليم ومناطق أخرى فى العالم، سواء فى القارة الأوروبية أو آسيا أو الأمريكتين.
وقال الرئيس مرسى إن مسيرة العمل العربى المشترك فى المجال الاقتصادى، والتى بدأت منذ منتصف القرن الماضى، شهدت انتشاراً واسعاً للمؤسسات والمنظمات وتوقيع عدد من الاتفاقيات، لكن هذه المسيرة بمقياس أبسط الإنجازات، وهو معدل التجارة بين الدول العربية لم تحقق سوى النزر اليسير، مما تحقق لتجمعات إقليمية أخرى خلال فترات زمنية أقصى.
وأضاف "علينا أن نستغل ما يتوافر لدينا من مقومات التكامل للموارد الطبيعة والبشرية واختلاف فى المناخ، وتنوع لإقامة السوق العربية المشتركة التى مثلت لسنوات هدفا طموح لشعوبنا، وأن نسارع فى هذه الخطى لنلاحق بمجموعات إقليمية أخرى وصلت إلى تحقيق هذا التكامل الاقتصادى، رغم اختلافات شعوبها فى العرق والدين واللغة، ووجود حدود طبيعية تعوق انسياب حركة السلع والأفراد بينها".
وتابع الرئيس مرسى: "ما أقصده من هذا المثال أن توافر الهياكل فى صورة المؤسسات أو الاتفاقيات قد لا يجدى وحده لتحقيق الآمال، وأن الأمر منوط بوجود إرادة سياسية تكفل وضع برامج زمنية محددة فى نطاق أشمل فى رؤيتها، وأوضح فى صيغتها للأهداف المرحلية والنهائية، مع أهمية وجود آليات واضحة متفق عليها لتنفيذ وقابلة دائما للمراجعة والتصحيح".
وقال الرئيس مرسى فى كلمة وجهها إلى الأمير سلمان بن عبد العزيز ولى العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع السعودى، رئيس الوفد السعودى، خلال افتتاح أعمال القمة الاقتصادية التنموية الثالثة فى الرياض، "يسعدنى باسم مصر رئيس الدورة الثانية للقمة الاقتصادية العربية أن أدعو المملكة العربية السعودية إلى رئاسة
القمة فى دورتها الثالثة، وإننى على يقين بأن السعودية تحت القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خير من يقوم بهذه المهمة، ولن تألوا جهدا كى تضيف خلال هذه الدورة المزيد إلى لبنات العمل العربى الاقتصادى التنموى المشترك".
وأكد الرئيس محمد مرسى أن من أبرز التحديات المشتركة التى تواجهها الدول العربية كيفية التعامل مع الآثار السلبية للعولمة، ومن بينها المنافسة القوية من جانب الصادرات الأقل تكلفة، وتراجع الاعتماد على القاعدة الوطنية للبحث العلمى والتطوير، فى ظل رخص وسهولة استيراد التكنولوجيا الحديثة الجاهزة.
وأضاف أن "من أهم الأسباب أيضا ضعف حركة البحث العلمى فى الدول العربية، واتساع الفجوة المعرفية بينها وبين العالم ودول الجوار غير العربية، فما تنفقه الدول العربية على البحث العلمى يتراوح ما بين 0.1 و1% من الناتج المحلى، فى حين أن متوسط هذه النسبة عالميا 2.2%، بل وتزيد فى بعض الدول عن 3%، ويتصل بذلك بطبيعة الحال ضعف حركة النشر العلمى وبراءات الاختراع".
وأشار مرسى إلى أن من بين هذه التحديات كيفية دراسة التنسيق فى مواجهة الاضطرابات المالية الدولية والتقلبات فى أسعار صرف العملات والتصدى لمشكلة البطالة المرتفعة، خاصة بين الشباب العربى مقارنة بدول أخرى فى العالم، فعدم تمكن الشباب من ممارسة حقه فى العمل، يولد لديه مشاعر الإحباط التى تجنح بالبعض إلى السلوك العنيف أو العداء تجاه المجتمع.
ودعا الرئيس محمد مرسى إلى ضرورة رفع نوعية التعليم وتوثيق صلة العملية التعليمية بالمجتمع وحركة العمل والإنتاج فيه، وأهمية وضرورة التدريب وتأهيل لتيسير عملية الانتقال من عملية التعليم إلى سوق العمل، وبصفة خاصة، فيما يتعلق بالتعليم الفنى لما تعانيه الدول العربية من الكوادر الفنية المؤهلة.
وطالب الدكتور نبيل العربى، الأمين العام للجامعة العربية، بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولى لاستصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار فى سوريا على ضوء فشل جهود المبعوث الأممى العربى المشترك الأخضر الإبراهيمى فى التوصل إلى وقف نزيف الدم السورى المستمر.
كما دعا نبيل العربى فى كلمة أمام الجلسة الافتتاحية للقمة، إلى إنشاء بعثة مراقبة دولية للتحقق من الوقف الفعلى لإطلاق النار فى سوريا.
وقدم نبيل العربى الشكر للرئيس محمد مرسى على ما قدمته مصر من جهود لإنجاح العمل العربى الاقتصادى المشترك، خلال رئاستها الماضية للقمة العربية الاقتصادية، لافتا إلى أن القمة الحالية تنعقد فى مرحلة تشهد فيها المنطقة العربية تحولات جذرية، وتتطلع فيها الدول العربية إلى إصلاح أوضاعها وتنمية مجتمعاتها وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأضاف أن الجامعة العربية تسعى من ناحيتها جاهدة إلى وضع البرامج والمبادرات التى تعطى الأولية للعمل العربى المشترك، والاستجابة للمطالب المشروعة للشعوب العربية، والتى كانت بمثابة الشرارة الحراك العربى الأخير.
وسلمت مصر إلى المملكة العربية السعودية رئاسة القمة الاقتصادية التنموية الاجتماعية.
مرسى فى القمة العربية:نواجه التعامل مع الآثار السلبية للعولمة..ويجب استغلال ما يتوافر لدينا من موارد طبيعة.. نبيل العربى:علينا الذهاب إلى مجلس الأمن الدولى لاستصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار فى سوريا
الإثنين، 21 يناير 2013 08:22 م