صدر مؤخرًا عن دار الثقافة الجديدة للنشر، كتاب بعنوان "ثورات المصريين حتى عصر المقريزى"، للمؤرخ عبد العزيز جمال الدين، ويقع الكتاب فى ثلاثمائة وثمانية صفحة من القطع الكبير.
ويرى المحقق والباحث المصرى عبد العزيز جمال الدين أن الثورة على الطغيان أو الاحتلال تمثل الإيقاع الثابت لتاريخ بلاده منذ تحقق مشروع الدولة- الأمة قبل نحو خمسة آلاف عام، وإن اختلفت درجات وطرق ما يسميه الإيقاع الثورى.
ويقول إن مصر منذ وقت مبكر تعهدت مشروع الدولة بالتعديل والتوفيق حسب الاحتياجات والتوجهات، فإذا كانت تلك التعديلات والإصلاحات بسيطة فإنها تتم فى يسر ودون أن يلحظها أحد، أما إذا كانت مصيرية وتشكل منعطفا فى تاريخها، فإن الثورة فى مثل هذه الحالة تكون أداة للتغيير.
ويضيف فى كتابه (ثورات المصريين حتى عصر المقريزى) أن الشعب المصرى قام بثورات "متتالية ضد الاستعمار سواء أكان فارسيا أو بيزنطيا أو عربيا أو تركيا أو أوروبيا"، مشددا على أن صور هذه المقاومة تدعو أى متابع لان يحنى هامته "احتراما لصلابة الشعب...".
والمقريزى الذى يحمل عنوان الكتاب اسمه هو المؤرخ المصرى تقى الدين أحمد المقريزى (1364-1442) مؤلف كتب منها "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" و"البيان والإعراب عما بأرض مصر من الإعراب" و"السلوك لمعرفة دول الملوك" و"إغاثة الأمة بكشف الغمة" و"الذهب المسبوك فى ذكر من حج من الخلفاء والملوك".
والكتاب الذى يقع فى 308 صفحات كبيرة القطع، وأصدرته دار الثقافة الجديدة بالقاهرة. ولجمال الدين تحقيقات لكتب تراثية منها "قصة أحمد باشا الجزار بين مصر والشام وحوادثه مع نابليون بونابرت" و"عجايب الآثار فى التراجم والأخبار" للمؤرخ المصرى عبد الرحمن الجبرتى و"تاريخ البطاركة.. من بدايات القرن الأول الميلادى حتى نهاية القرن العشرين من خلال مخطوطة تاريخ البطاركة لساويرس ابن المقفع"، وصدرت طبعته الجديدة فى عشرة مجلدات عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة. ويشرف جمال الدين على مطبوعة فصلية عنوانها (المصرى الليبرالى) تتبنى القيم الليبرالية والدولة المدنية.
ويورد المؤلف فى السطور الأولى للمقدمة ما كتبه الأثرى الفرنسى جاستون ماسبيرو "أن مصر هى مصدر الحضارة وأم القوانين التى حكمت العالم.."، وكان ماسبيرو (1846-1916) يجيد العربية وتولى منصب مدير مصلحة الآثار المصرية، وأنشأ المعهد الفرنسى للآثار بالقاهرة، ويطلق اسمه على مبنى الإذاعة والتلفزيون بالعاصمة المصرية.
ويسجل أن الرومان اتخذوا مصر "شاة حلوبا يريدون أن يستنزفوا مواردها ويمتصوا دمها... وكان العرب أيضا ينظرون إلى مصر وأهلها على أنهم خزانة لهم... وقد قامت خمس ثورات مصرية كبرى ضد الغزاة العرب" بين عامى 739 و779 ميلادية.
ويرى جمال الدين أن أكبر تلك الثورات حدثت أيام خلافة المأمون العباسى، والتى سميت بثورة البشموريين فى الدلتا بشمال مصر، وشارك فيها المسلمون والمسيحيون، كما سجل ذلك المقريزى فى خططه قائلا إن نحو ثلاثة آلاف مصرى رحلهم المأمون إلى العراق "مات أغلبهم فى الطريق وما بقى منهم بيعوا كعبيد"، وكانت تلك آخر الثورات الكبرى منذ دخل العرب مصر.
ويعد الكتاب وثيقة بتاريخ مقاومة المصريين للطغيان الخارجى أو المحلى معا.. فيقول المؤلف "كانت المقاومة المصرية القبطية دائمة لكل ما هو أجنبى ولم تقتصر على طغيان البطالمة وأباطرة الرومان بل وأيضا إلى مقاومة الغزو العربى والطغيان للحكام المسلمين. ولقد رفض أقباط مصر استعمار بيزنطة المسيحية بشدة، وكذلك كرهوا استعمار بيزنطة (إسطنبول) الإسلامية".
وينقل جمال الدين عن المقريزى جوانب من فساد المماليك - وهم عبيد ترجع أصولهم إلى آسيا الوسطى وكان السلاطين يجلبونهم للقتال ثم أصبحوا حكاما على مصر والشام بين عامى 1250 و1517- قائلا إنهم كانوا ينهبون أموال المصريين لإنفاقها على ملذاتهم، كما افتعلوا "حوادث الفتنة الطائفية بين المصريين من أقباط ومسلمين من أجل زيادة نهب المصريين القبط والظهور بمظهر المسلمين الأتقياء الحريصين على الإسلام".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة