د.عبد الجواد حجاب يكتب: 2013 وروشته الخروج من عنق الزجاجة

الأربعاء، 02 يناير 2013 04:57 م
د.عبد الجواد حجاب يكتب: 2013 وروشته الخروج من عنق الزجاجة الاحتفال بالعام الجديد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالأمس ودعنا عاما مضى إلى سجلات التاريخ واليوم نستقبل عاما جديدا وكلنا أمل فى الأفضل. كل عام وأنتم جميعا بخير وأمتنا العربية والإسلامية بخير ومصرنا العزيزة فى كل الخير. عام جديد يمكن أن نسميه عام الحسم وتحديد المصير، عام جديد يحمل فى ثنيات ضبابه الكثيف صعوبات جمة وشديدة، أرجو من الله أن يساعد مصر على تجنبها.

يدخل علينا العام الجديد فى صورة ضبابية وغير واضحة المعالم على مستوى العالم كله، العالم كله يقف على حافة الهاوية أو لنقل العالم كله على الإشارة الصفراء والجميع لا يعرف إلى أين ستتحرك الإشارة الصفراء والسؤال الهام هو هل ستتغير هذه الإشارة إلى اللون الأحمر أم اللون الأخضر؟.

فى الدول الرأسمالية وعلى رأسها أمريكا وأوروبا استقرار سياسى ولكن الاقتصاد قريب جدا من حافة الهاوية وصراع معلن بين طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء والمهمشين. اليونان سقطت فى الهاوية وأوروبا تحاول إنقاذها وإيطاليا وإسبانيا ودول أوروبية أخرى تجاهد حتى لا تقع فى الهاوية. فى الشرق الصين تتقدم وروسيا متماسكة واليابان تعانى من توابع تسونامى والتلوث الإشعاعى.

ما يهمنا ونحن لسنا بعيدين عن الوضع العالمى هو ما يحدث فى منطقتنا وفى عالمنا العربى حيث يطل علينا عام جديد يحمل الكثير من التحديات التى تنتظر الحسم وتحديد مصير المنطقة فى ظل أحداث جسيمة للربيع العربى الذى ضرب المنطقة وانقلب كل شىء رأسا على عقب.

التحدى الأول هو ما يخص القضية الأم وهى قضية الشعب الفلسطينى المظلوم والذى يعانى من الانقسام منذ عدة سنوات ويعانى من محاولات إسرائيل فى القضاء التام على أى أمل فى قيام دولة فلسطين فيما يعرف بحل الدولتين، توسع هائل فى الاستيطان والتهويد مع حصار وتجويع ومحاولات تركيع مما ينذر بقيام انتفاضة ثالثة ومازال الوضع ضبابيا مبهما ولا أحد يمكنه أن يتوقع ماذا يحمل العام الجديد لنا فى القضية.

التحدى الثانى هو تعميق الشرخ والصراع المذهبى بين السنة والشيعة فى المنطقة والذى ظهر جليا فى العراق ولبنان والبحرين ويطل برأسه فى الكويت والسعودية، وفى نفس الوقت إرهاصات الفتنة الكبرى بين دول الخليج وإيران واحتلال الجزر الإماراتية ومناورات ومناورات مضادة وسباق محموم للتسلح والمعضلة الكبرى فى النشاط النووى الإيرانى.

التحدى الثالث هو أيضا ناتج عن تعميق الشرخ المذهبى وتعثر الثورة السورية ودخول السوريين فى حرب أهلية مرشحة لأن تكون حربا مذهبية بين السنة والعلويين تضع سوريا على حافة التقسيم إلى دولة سنية وأخرى شيعية وثالثة كردية. خطر تقسيم سوريا يحمل فى طياته خطر تقسيم العراق، وكذلك خطر تقسيم لبنان على أسس مذهبية وعرقية، مصائب التقسيم لا قدر الله خطيرة وستضرب كل المنطقة بعنف لا يعلم مداه إلا الله.

التحدى الرابع ضبابية نتائج الربيع العربى فى اليمن وليبيا حيث الصورة غير واضحة وتحمل بين ثناياها بذور العنف والصراع المسلح ونمو جماعات العنف والتطرف وتضع هذين البلدين تحت نيران التدخل الأمريكى المسلح بحجة محاربة تنظيم القاعدة.

التحدى الخامس هو الهواجس والخوف من تصدير أدبيات الثورة الشعبية السلمية إلى دول تعرف بالدول المحافظة والنفطية أو يمكننا أن نسميها تصدير الثورة الشعبية إلى تجمع الدول الملكية المحافظة فى المنطقة العربية وهى دول الخليج والمغرب والأردن. هذه الهواجس والخوف من امتداد الربيع لهذه الملكيات المحافظة اضطر أغلبية حكام هذه الدول إلى الوقوف فى الجانب المعادى للربيع العربى واتخاذ مواقف سلبية بهدف احتواء ثورات الربيع العربى ومنع انتقال عدوى تحرر الشعوب إلى هذه الملكيات.

التحدى السادس وهو المهم وهو صعود ما يعرف بالإسلام السياسى إلى سدة الحكم وصدارة المشهد، حكم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر وحزب النهضة فى تونس. لأول مرة يشهد العالم العربى صعود هذه الأحزاب الإسلامية إلى كراسى الحكم والأغلبية فى الدول العربية بطريقة ديموقراطية وعن طريق انتخابات حرة ونزيهة.

فى السابق رأينا ذلك فى إيران على أنقاض ثورة إسلامية أدت إلى ظهور حكم الملالى وولاية الفقيه لتكوين دولة دينية يرفضها العالم بأسره ولا تتمشى مع مبادىء الدولة المدنية أو الإسلامية. فى السابق رأينا ذلك فى السودان ولكن كان بانقلاب عسكرى انتهى إلى تقسيم السودان إلى دولتين واستمرار المشاكل التى لا حصر لها ومنها الصراع المسلح فى دارفور. أيضا فى السابق رأينا صعود الإسلام السياسى المتمثل فى حزب العدالة والتنمية فى تركيا بطريقة ديموقراطية أنتجت تجربة أبهرت العالم بأحداث طفرة اقتصادية كبيرة ونجحت فى إحداث توافق وتعايش بين التيار العلمانى التركى وتيار الإسلام السياسى، بشكل أحس العالم معه بالارتياح.

اليوم وقد بدأنا عاما جديدا بالرغم من انتخاب رئيس رشحته جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وكان على رأس حزب الحرية والعدالة وبالرغم من موافقة الشعب على الدستور الجديد للجمهورية الثانية، إلا أننا فى مصر مازلنا نعانى من انقسام سياسى حاد وربما انقسام مجتمعى كبير ظهر فى نسبة رافضى الدستور العالية، انقسام وصراع حاد بين القوى العلمانية والليبرلية واليسارية والقوى الإسلامية مازالت لم تحسم آليات إدارة هذا الصراع سلميا.

نستقبل العام الجديد بضبابه الشديد وحمله الثقيل فى كل المجالات، غياب الاستقرار السياسى والانقسام الحاد الذى يحتاج إلى حوار مستمر لردم الهوة بين طرفى المعادلة، وخاصة أن آليات الانقسام حملت فى طياتها عبارات السب والشتائم وكذلك عبارات التخوين والتشكيك فى الوطنية والتشكيك فى النوايا وبعض أعمال العنف.

نستقبل عاما جديدا بضبابه الشديد حاملا هواجس حقيقية وواقعية لدى شركاء الوطن، إخوتنا الأقباط، حول وضع المواطنة والتعايش والمساواة واحترام القانون فى ظل هذا الوضع الجديد وخاصة مع غياب خطابات الطمأنة وفى ظل وجود فتاوى لزرع الفتن غير مسئولة من مشايخ لا يعرفون قدر المسئولية.

نستقبل عاما جديدا يحمل فى طيات ضبابه الكثيف إرهاصات أزمة اقتصادية طاحنة، تضاؤل الاحتياطى من النقد الأجنبى إلى المستوى الحرج، وتراجع الجنيه المصرى أمام الدولار، وانهيار السياحة، ونقص تحويلات المصريين بالخارج، وارتفاع جنونى للأسعار، وازدياد مستمر فى عدد الفقراء والعاطلين عن العمل، وأزمات الوقود والمحروقات. كل ذلك لا يقابله أى تحرك حكومى واضح وسريع، أو أى زيادة فى الدخل، أو أى خطط عاجلة أو آجلة للسيطرة على وضع الاقتصاد المتدهور، وغياب تام لمعالم مشروع النهضة الذى وعدنا به أقطاب جماعة الإخوان المسلمين.

وأخيرا من على هذا المنبر الحر أدعو الله أن يكون العام الجديد عام الحسم وتحديد المصير لكل هذه المعضلات الجسيمة. الآن ونحن على أبواب عام حاسم فى تحديد المصير، والذى نتوقع أن يكون عاما صعبا على مصر كلها، أمامنا طريقان لا ثالث لهما إما الخروج من عنق الزجاجة والتقدم نحو الاستقرار السياسى والأمنى ومن ثم الاقتصادى وزيادة الإنتاج وتشجيع الاستثمار والسياحة ومن ثم الاقتراب من النموذج التركى، وهذا هو المأمول، وإما التراجع ومزيد من التدهور لا قدر الله واقترابنا من حافة الهاوية والسقوط فى مستنقع ثورة الجوع والانقلاب على الديموقراطية وغياب السلم الأهلى والانصهار الطائفى والاقتراب من النموذج السودانى لا قدر الله، وكل عام وأنتم بخير حفظ الله مصرنا الحبيبة من شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

صـفـوت صـالـح الـكـاشف

/////// قليلون هم من يدركون آلية التقسيم مدا تشريعيا ///////

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة