د. خالد لطفى يكتب: قطار النهضة

الأربعاء، 02 يناير 2013 01:05 م
د. خالد لطفى يكتب: قطار النهضة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد قيام ثورة يناير، وانتهاء حقبة من الظلم والجهل والتخلف كان الشعب المصرى واقعا تحتها، وبعد عناء شديد تحت حكم المجلس العسكرى، انقسم خلاله المصريون إلى تيارات ومذاهب كثيرة، هذا إخوانى وهذا سلفى، هذا ليبرالى وهذا علمانى، هذا يسارى وهذا قومى. وانقسم كل تيار إلى عدد من الأحزاب والائتلاف والحركات، ومن كثرة الأحزاب والتيارات، أصبح لكل مواطن حزب وتيار يحارب ويدافع من أجله.. فأدى ذلك إلى سيطرت مآرب الذاتية على أغلب الأنشطة العامة.

وبدأ كل حزب وتيار يعمل على إظهار مميزاته وأهدافه والسعى على نشرها وكسب أفراد من المجتمع إلى تياره، وعلى الجانب الآخر يعمل على إظهار عيوب منافسيه من الأحزاب الأخرى.. ونسى الجميع البحث عن المشاكل التى يمر بها الوطن والسعى على حلها.

وبعد عام ونصف يستيقظ المصريون ليجدوا أنفسهم تحت حكم جديد، فها هو أول رئيس مدنى منتخب لحكم البلاد، الدكتور محمد مرسى. وتعم الأفراح جميع البلاد، حتى المعارضين لحكم الإخوان والدكتور مرسى شاركوا فى هذا العرس ورضوا بالأمر الواقع وحكم صناديق الانتخاب.

وبدأ المصريون جميعا يحلمون بالنهضة ومشروعها الذى انتخب الرئيس على أساسه، فمتى يأتى الزمان الذى نصبح فيه مثل اليابان، ونستفيد من الحضارة الغربية عن طريق مد جسور التعاون مع الدول الغربية فى جميع المجالات الثقافية والعلمية التكنولوجية، وننسى الخلافات فيما بيننا ، سواء الخلافات التى على أساس مذهبى أو سياسى. وننظر إلى أحوالنا وكيف يمكننا تطبيق هذا المشروع السحرى - كما روج له - والذى سوف ينقلنا من مؤخرة قطار التقدم العلمى والتكنولوجى والاقتصادى إلى مقدمة هذا القطار.

ولكن حدث ما لم يكن متوقعا، كل يوم يكتشف المصريون أن مشروع النهضة ما هو إلا حلم وغير قابل للتنفيذ على أرض الواقع، لأن المصريين غير مهيئون لتطبيق هذا المشروع على حد زعم أحد قادة الإخوان . لم يجد المصريون أمامهم سوى الصبر، ليس أمامهم إلا الانتظار حتى تنقضى الأربع سنوات القادمة وهى فترة حكم الرئيس مرسى، ليبحثوا بعدها عن رئيس جديد يحمل معه مشروعا جديدا للنهضة يكون على مقاس المصريين. وبدأ معظم المصريين البسطاء فى أن يكيفوا أوضاعهم على ذلك، للخروج من هذا النفق الذى دخلنا فيه جميعا، ونتمنى ألا نستمر فيه أكثر من هذه السنوات العجاف، وبلاها نهضة.

ولكن المشاكل والأزمات تلاحق المواطن فى جميع قطاعات ومؤسسات الدولة، والحكومة لا تجد حلا. المواطنون يشعرون تدريجيا باليأس، وأصبح ضروريا عليهم أن يتناسوا أحلامهم التى اندلعت الثورة من أجل تحقيقها، العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

وأصبحت هذه الشعارات والتى مات خيرة شباب الوطن وهم يرفعونها وأصيب منهم من أصيب مجرد أحلام وذكريات سوف نحيكها للأجيال القادمة. والمواطنون يتحملون .. وأصبح التخبط فى إدارة شئون البلاد واتخاذ القرارات الخاطئة والمخالفة للقانون هى السمة الرئيسية والتى تمتاز بها كل من الحكومة ومؤسسة الرئاسة.. والشعب يصبر نفسه بسماع خطب الرئيس، حتى أصبحت هى الحسنة الوحيدة التى يشكر عليها ، لقد أعانت هذه الخطب الشعب فى تحسين لغته العربية.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فلقد أصبحت سيناء وهى جزء عزيز علينا مهددة بالخطر من الجماعات التكفيرية والتى تم الإفراج عن أفرادها بعد تولى الرئيس، وأصبحت دماء الجنود المصريون ليس لها ثمن، فلا تلبث الدماء أن تجف من على الرمال إلا ونسمع عن حادث إرهابى جديد، ويروح ضحيته الأبرياء من الشرطة أو من الجيش، وليس أمام حكومتنا الهلامية إلا إلصاق التهم بالطرف الثالث أو الفلول، حتى أصبح الشعب كله من الفلول.

ولكن الصبر بدأ ينفد لقد ازدادت الكوارث التى تحل بالمواطنين نتيجة الإهمال وعدم القدرة على تحمل المسئولية حتى أخذت منهم أعز ما يملكون وهم فلذات أكبادهم، حوادث قطار النهضة والتى راح ضحيته مؤخرا الأطفال الأبرياء فى صعيد مصر، ما ذنب هؤلاء الأطفال؟ والذين خرجوا من منازلهم ليس إلا لتلقى العلم، لا نعترض على قضاء الله، ولكن الإهمال الجسيم والذى يروح ضحيته الأبرياء يجب أن يكون له نهاية، ناهيك عن المظاهرات فى محمد محمود، أليس كل هذا دليلاً على عدم القدرة على احتواء الموقف وإدارة الأزمة ألا تشعر الحكومة بالتقصير وعدم قدرتها على إدارة شئون البلاد وتوفير الأمن والأمان للمواطنين، أم أن الوزراء فى هذه الحكومة لا يشعرون بما يحدث حولهم أم فقدوا القدرة على الإحساس بمجرد جلوسهم على كرسى الوزارة.

ثم يأتى الرئيس ليؤكد الرئيس أمام مجلس الشوري، تحسن المؤشرات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات بنحو 50 مليار جنيه، بمعدل ارتفاع بلغ 11%، وتحقيق نمو بلغ 2.6%، تصدر وزارة الاستثمار بيانا صحفيا، تؤكد فيه - على لسان وزير الاستثمار - أن الفترة الماضية شهدت تراجعا فى معدلات النمو نتيجة تراجع الاستثمارات الداخلية والخارجية وترتب عليه عجز فى الموازنة العامة للدولة تجاوز (80) مليار جنيه فى الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية 2012-2013 بجانب انخفاض كبير فى معدلات النمو خلال الفترة الماضية بسبب عدم الاستقرار السياسى وتراجع الاستثمارات الداخلية والخارجية. وها نحن ننتظر الدكتور ياسر على لينفى ما صرح به وزير الاستثمار أو يوائم بين ما جاء فى خطاب الرئيس وتصريحات رئيس الوزراء.

إذن ما هو العمل؟ هل نلتمس العذر للإخوان المسلمين لأنهم قضوا حياتهم يعملون فى تنظيمات سرية ولم يخرجوا للنور طيلة ثمانين عاما؟ ولهذا يجب علينا أن نفهم السبب الرئيسى وراء عدم قدرة الشعب المصرى على تطبيق مشروع النهضة، وهو أننا مارسنا حياتنا الطبيعية فى النور وهم مارسوها فى الظلام. فالحل الذى يمكن من خلاله تطبيق مشروع النهضة ، هو الانتظار حتى يتأقلم الإخوان المسلمون على الحياة الجديدة فى النور ، أو إما أن نذهب معهم للعيش فى الظلام.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو السيد

العيب فى الشعب

عدد الردود 0

بواسطة:

ابراهيم عبدالعزيز

برافو رقم1

التعليق فوق

عدد الردود 0

بواسطة:

سارة جرجس

ولسه

ولسه ياما الاخوان والسلفيين يا ما هيعملوا فينا

عدد الردود 0

بواسطة:

حسن البكري

حرام عليك

عدد الردود 0

بواسطة:

mena ramzi

good

bravo ya dr

عدد الردود 0

بواسطة:

hamdy sharaf

بكره احسن من النهاردة

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري اصيل

مرسي مرسي مرسي

عدد الردود 0

بواسطة:

عرفه الجامع

سلملي علي وزير الاقتصاد

عدد الردود 0

بواسطة:

الكبير اقوي

هم لا يسمعون

عدد الردود 0

بواسطة:

حماده العربي

سرد رائع للاحداث

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة