معصوم مرزوق

من غشنا.. ليس منا..!!

السبت، 19 يناير 2013 11:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما تجد من يقول أنه «لا حرام مع ضرورة».. وتكتشف أنه يتم التلاعب بأحكام الشريعة لأغراض الدنيا، مع استباحة كاملة لكل محرمات النظام الديمقراطى السليم، واستخدام الكذب والغش والخداع.. فإنه يجب أن نتوقف ونسأل.. وعندما كنت أحاور أحدهم مبدياً دهشتى من تناقض الشكل مع المضمون، قال لى متبسماً فى بساطة: «يا عزيزى.. الحرب خدعة»، ولم يعلق عندما قلت له: «ولكن هل الشريعة كذلك؟؟». أصبح واضحاً أن الإخوان المسلمين يمارسون سياسة فرض الأمر الواقع باستخدام السلطة بما يعرقل المسار الطبيعى للعمل السياسى، بل ويكشف القيادات المعارضة فى مواجهة قواعدها الشابة التى أصبحت ترى استمرار هذه القيادات فى قبول «السلطة الفعلية»، والتفاوض معها هو تفريط فى الثورة التى دفع الشباب فى الأساس دماءهم ثمناً لها.. ولقد كان آخر ما تم طرحه للتهدئة هو اقتراح الاتفاق على بعض ضمانات الانتخابات القادمة، ولا يبدو أن السلطة قد أولته الاهتمام الكافى.. وأظن أنها تراهن على شق صفوف المعارضة كلما اقترب موعد الاستحقاق الانتخابى.
والواقع أن دور السلطة الحاكمة سلباً وإيجاباً يؤثر فى كل حركة على صفوف المعارضة، التى تعانى فى نظرى من إشكالية بنيوية لا يمكن إغفالها، ما بين اصطفاف جهوى يفتقد إلى رؤيا متناغمة للمستقبل، وبين تنازعات أيديولوجية مكتومة ولكنها تبرز فى المواقف الحدية، ثم ما أسميته تمايز الأجيال الذى يعكس حركتين للتاريخ إحداهما محافظة مترددة، وإن كانت أكثر تمرساً، والأخرى جريئة مبادرة وإن كانت لا تدرك طبيعة الصراع ولا تملك أدواته. تخبط السلطة وعشوائيتها يمثل أفعالاً تستدعى ردود أفعال، وذلك يؤدى - بالتركيب السابق وصفه للمعارضة - إلى خلق تناقضات سواء فى شكل ما يراه البعض فرصة، وما يراه الآخرون تحديا، ومع غياب آليات محددة أو شكل تنظيمى حاكم يكون من الطبيعى ظهور بعض الشروخ التى يمكن أن تتسع بمرور الوقت.. ولكى لا أغرق فى التنظير، فإن الحالة تعكس باختصار فصيلا حاكما يندفع بشبق للاستحواذ على الدولة (وليس سلطة اوسلطات)، مع افتقار واضح للخبرة، أى ديكتاتورية فى طور التكوين، ومعارضة لم تصل بعد إلى الفرز الطبيعى الذى يحدد تمايزها وبالتالى كيفية رص صفوفها وتركيز تحركاتها.. أى معارضة فى طور النضج.. وما بين الطورين تتجلى أشكال الصراع المتوقع.

وللإنصاف أود التأكيد من واقع احتكاك حقيقى أن أغلب فصائل المعارضة لم يكن لديها مبالغة فى الخوف من الإخوان.. بل كان هناك استعداد حقيقى وجاد للتعاون معهم بل ودعمهم، للخروج بمصر من مصاعب المرحلة الانتقالية، وأشهد أنه كانت هناك محاولات عديدة لخلق نموذج ناجح للعمل المشترك فى مواجهة الأزمات التى تمر بها مصر.. حتى تبين بعد كل محاولة إصرار الإخوان على إقصاء ما عداهم، والانفراد برؤية غائمة ترتكز فقط على المسارعة بتمكين جماعتهم من السيطرة على مفاصل الدولة.. ولقد كتبت مرة كاذبون.. كاذبون «حانقاً على آخر وعد تنصلوا منه بعد اللقاءات المنفردة التى أجراها مرسى مع بعض قيادات المعارضة، وكان الاتفاق هو أن يتم عقد اجتماع يضمهم جميعاً لبحث جميع المسائل المعلقة (الجمعية التأسيسية، مجلس الشورى، الوضع الاقتصادى.. إلخ)، وفوجئ الجميع بالرئيس المحترم يصدر إعلانه الدستورى الباطل، وفى مواجهة دهشة الجميع كان الرد الذى يحمله الوسطاء هو أنه على المعارضة «القبول بضربة المعلم، كشرط لعقد الاجتماع».

ومن جانب آخر فليس هناك ما يستدعى المبالغة فى الخوف من الإخوان، لأنه بالحساب والعدد، وما يخسرونه كل يوم لا يمثلون على أكبر تقدير سوى 15% من هيئة الناخبين المكتملة. صحيح أن التحالفات السياسية بطبيعتها رهن ظرفها التاريخى السياسى والاقتصادى والاجتماعى والفكرى.. ومن ذلك ما يمكن أن نطلق عليه «تحالف الأزمة» المؤقت، وهذا القيد الزمنى والموضوعى يجعله قابلاً للتفكك، بعكس التحالفات المستندة إلى حد أدنى من التوافق الايديولوجى والرؤية المتشابهة (ولا أقول المتطابقة) للمستقبل.. وعندما لا ينضج الوعى الطبقى بالشكل الذى يتيح فرز معقول لتنظيمات سياسية تعبر عنه، يكون التناقض والغموض هو سمة أشكال وتركيبات الاصطفاف السياسى فى مراحله الأولى. مثلاً.. بشكل مبسط لا يمكن تصور موقع لحزب الوفد بوضعه الحالى فى اصطفاف يسارى المزاج، وهو ما ينطبق بدرجة اقل على حزب الدستور، وسيكون من العسير إضافة حزب المؤتمر.. لذلك فالواقع هو «تحالف أزمة».. ومن هنا هبت من داخله عواصف عاتية بعد انتهاء معركة الدستور.. ولولا استعلاء السلطة وأخطائها، لانفصل حزب الوفد عند أقرب صفقة تعرض عليه، وبما تبعه حزب المؤتمر بعد ذلك بقليل.. لذلك يرى قطاع غير هين من الشباب الثورى أهمية تنقية جبهة الإنقاذ قبل الإقدام على اختبار الانتخابات، بينما يتجه الرأى الغالب فى قيادة التيار إلى أن ذلك يرسل رسالة سلبية للرأى العام، وأن الجبهة صارت عنواناً اكتسب زخماً شعبياً يتعين المحافظة عليه.

أياً ما كان الأمر فإن الأسبوع القادم ساخن.. والتوقعات ليوم 25 يناير مخيفة.. وأتمنى مخلصاً أن يظهر فى الأفق رجل رشيد لأنه فيما يبدو لا يلتفت أهل السلطة والسياسة إلى تلك الموجة الشبابية العاتية التى ترى أن الثورة قد تم اختطافها، وأنه لا بد من استعادة الثورة كى تستكمل طريق تحقيق أهدافها.. هؤلاء الشباب أكثر طهراً من ألاعيب السياسة، ولن يفهموا أو يحترموا أولئك الذين استهانوا بكل شىء من أجل السلطة، ويخدعون باسم الشريعة، ويزيفون وعى الناس باستغلال حاجتهم وميلهم الفطرى للدين.. هؤلاء الشباب الثائرون يعرفون أن هناك «أشياء لا تشترى» كما قال أمل دنقل.. ودروس التاريخ تعلمنا أن كل من باع خسر.. وفى الختام أود أن أشير إلى أننى كنت فى «الأقصر» مؤخراً، وما علمته من المسؤولين هناك يؤكد أن موسما سياحيا واحدا ناجحا يصل دخله إلى ضعف الوديعة القطرية ومعها قرض الصندوق. يجب أن تشكر قطر ذلك الألمعى الذى أفتى بهدم الأهرامات وأبو الهول وتغطية التماثيل بالشمع.. كم من الجرائم ترتكب باسم الشريعة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

Mahmoud

الاخوان في حرب .. لكن ضد من ؟

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد الشيخ

( حسام )

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبد الله

المعارضة لا تزال بعيده

عدد الردود 0

بواسطة:

جرجس فريد

الفوضي و العشوائية قبل الغش

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة