وضعتكِ فى حقيبةِ ملابسِى
حتى لا تغيبِى عنِّى أثناءَ السفرْ
وسطَ أغراضِى وأوراقِى
والخطابِ الذى سألقيهِ فى المؤتمرْ
فى ركنٍ ركينٍ بينَ قمصانِى
وربطاتِ عنقِى ومعطفِ المطرْ.
فى المطارِ أخذُوا منِّى الحقيبةَ
مضتْ بعيدًا معَ عشراتٍ أُخرْ
سأتركُكِ قليلاً يا حبيبتِى
سويعاتٍ فى الفضاءِ.. ما منْ خطرْ
لنْ يفرقَنَا السحابُ
فالحبُّ من قلبيْنَا فى العالمِ انتشرْ
سأحتضنُكِ فى محطةِ الوصولِ
سأصحبُكِ إلى فندقِ القمرْ
ستحمينِنى من همومِ الحياةِ
من الشعورِ بالضجرْ.
طفتُ مطاراتِ الدنيَا فى رحلتِى هذِهِ
وأعصابِى مشدودةٌ كالوترْ
ما للرحلةِ طالتْ واستطالتْ
كأنَّهَا الزمنُ تفجَّرَ وانفجرْ
وجوهٌ تتابعُ وجوهًا
مِنْ أينَ جاءَ كلُّ هؤلاءِ البشرْ؟
لا أريدُ أحدًا منهمْ
فأنتِ هديةَ العُمُرْ
بكِ أجوبُ أعالِى البحارِ
وعلى كلِّ الأمواجِ أنتصرْ.
حينَ وصلتُ أخيرًا بعدَ عناءِ السفرْ
قالُوا حقيبتُكَ فُقدَتْ بينَ عشراتٍ أخرْ
كيفَ هذَا؟ قد أضعتُمْ موعدِى معَ القدرْ!
كانَ بها زهرةُ حياتِى
زرقةُ سمائِى
خضرةُ أوراقِ الشجرْ
- سنبحثُ لكَ عنها فى المطاراتِ
حينَ نجدهَا سنخطرُكْ.. لا تنتظرْ.
وصلتُ مدينتِى بدونِكِ
كيفَ أقيمُ وحدِى فى فندقِ القمرْ
نفسِى مهمومةٌ حزينةٌ
وقلبِى أثقلُ من صخرْ
غرفتِى سيحيطُهَا الظلامُ
ستسكنُهَا الأحزانُ
من الآنَ وللأبدْ.
دخلتُ فراشِى وحيدًا
خلوتُ إلى نفسِى
فظهرتِ أمامِى باسمةً جميلةً
كالصباحِ المنيرْ
بعد ليلٍ بهيمْ
كالشمسِ فى لحظةِ الغسقْ.
احتضنتُكِ فى لهفةٍ
لا أصدِّقُ عينى التى أعماهَا دمعُ المطرْ
قلتُ: قد كنتِ فى حقيبةِ السفرْ
قلتِ: بلْ فى قلبِكَ من بدايةِ السفرْ
كنتُ فى ضلوعِكَ قابعةً بين الوريدِ والعصبْ
قلتُ: إذنْ لا حاجةَ بى للحقيبةِ
ولا لأوراقِى ولا ملابسِي
ولا ربطاتِ عنقِى ولا معطفِ المطرْ
وليسبحُ فى الفضاءِ خطابِى فى المؤتمرْ!