تخطت الفنانة سلوى السباخى الرسم بالألوان، واتخذت ريشتها القهوة وسيلة لاستلهام إبداعات أفكارها وأحاسيسها عبر لوحاتٍ ورسوماتٍ تُجسد الواقع الفلسطينى.
ومن جنوب مدينة رفح بغزة اختارت الفنانة سلوى السباخى، مكانا لمرسمها، فبعد تناولها القهوة تقوم بالرسم بها لوحات غير تقليدية تجسد بها ما تعانيه القضية الفلسطينية من صراع مع إسرائيل وسط تخاذل العرب.
وحسبما ورد بموقع دويتشه فيله تروى السباخى قصة استلهامها فكرة الرسم بالقهوة التى أكدت أنها جاءت بمحض الصدفة البحتة عندما سقطت فرشتها بأحد فناجين القهوة، موضحة أنها تحتسى القهوة بشكل كبير، وفى إحدى ليالى شهر رمضان وبينما هى منهمكة فى رسم لوحة بألوان رسم اعتيادية، كان أمامها مزيد من فناجين القهوة المُحتسية "وقعت فجأة فرشاة الرسم فى الفنجان وبينما أنظف الفرشاة على ورق الرسم تنبهت أننى ارسم بها لتظهر رسومات معينة جميلة". ومن هنا ترجمت سلوى أفكارها بريشتها المغموسة ببقايا القهوة التى قادتها فيما بعد إلى تطوير هذه الفكرة وتنميتها لتشكل أجمل لوحاتها، قائلة "عندما أرسم ببقاياها القهوة التى أشربها تعطينى إحساسا واستلهاما تعبيريا أكثر فى الرسم، وتُبرز اللوحة للمُشاهد أن رسِمها جاء بمزاج وإحساس عال".
الاهتمام بالمرأة وقضاياها وتجسيد ملامح جمالها وأنوثتها، هى فى مقدمة أوليات اللوحات والرسومات التى ترسمها الفنانة سلوى بالقهوة، وتؤكد أنها تهتم بالمدرسة التجريدية فى الرسم، بمعنى التعبير عن الواقع برموز معينة نتيجة حدث أو موقف معين استثارها واستلهم ما بداخلها من مشاعر وأحاسيس تجاه هذا الموقف "وتُترجم هذه التعبيرات والأحاسيس لِتُخرِج لوحة مُعبرة بالحدث".
وتضيف "رسم ملامح وتعبيرات المرأة والفتاة فى غزة أكثر اللوحات التى تشعر بها، ومُجَرد ما تشاهد اللوحة والرسم فهذا يُغنِى عن التعبير بالكلمات"، وأمسكت بيدها لوحة مرسومة بالقهوة تعتز بها، اللوحةُ مرسومة لأشخاص مشنوقين ومعلقين على أغصان شجرة جرداء دون أوراق. وتعتبرها سلوى من أقرب اللوحات إلى نفسها" مررت بهذا الشعور والإحساس المُشابه لهؤلاء الأشخاص الذين ضاقت بهم الظروف الصعبة"، لكنها أكدت أنها تسلحت بالعزيمة والصبر لتخرج من هذا الشعور، ويكمُن اهتمام سلوى برسم ملامح المرأة الفلسطينية" لأنها مُهمشة رغم الطاقات الداخلية الكبيرة، وإن توفرت الظروف لها تُبدع".
كما تركز لوحاتها على جمال الطبيعة كالورود وبعض الحيوانات والطبيعة الصامتة والآلات الموسيقية، إضافة إلى الأدوات التراثية الفلسطينية وطبيعة الصراع العربى الإسرائيلى، ورسم صور لمناضلين فلسطينيين ودوليين، كالرئيس الراحل ياسر عرفات، والزعيم اليسارى الراحل جيفارا، وصولا إلى رسومات الحنين للعودة إلى الديار التى احتلت عام 1948"، جميعها تُرسم بالقهوة ومن ثم أقوم برش سبرى مُثبت الشعر على اللوحة لتثبيت القهوة"، وفق تعبيرها.
وتشير الفنانة سلوى إلى أن مهنة الرسم بكافة أنواعها مُكْلِفة ماديا وتكون عبئا كبيرا على الفنان فى ظل الحالة التى يعيشها قطاع غزة المحاصر، وتضيف "ندفع من جيوبنا دون عائد مادى عند إقامة المعارض أو المشاركة فيها".
وتتهم السباخى القائمين على المعارض المحلية "بالسرقة"، واستغلال الفنانين ومشاريع تخرج طلبة جامعات الفنون الجميلة، إذ تطلب إدارة الجامعة التى سيطرت عليه حركة حماس مؤخرا مشاريع ضخمة من طلبة التخرج دُون تقديم مواد وأدوات الرسم، حيث تباع وتهدى هذه اللوحات إلى مؤسسات خاصة بعد طمس توقيع اسم الفنان عليها، والاكتفاء فقط بمنحهم شهادات تقدير دون مكافئات مالية.
وتستحضر الفنانة نموذجا لسرقة الأفكار وأعمال الفنانين وتنسيبها إلى آخرين، مثل "مشروع لوحة رسم تخرج لطالب فى جامعة الأقصى، حيث تم رَصَد لوحة أزيل توقيعه واسمه ووضع اسم وتوقيع أستاذ جامعى شارك فيها فى معرض فنى أقيم فى ألمانيا مؤخرا وتمت المواجهة دون جدوى"، وأنهت الفنانة سلوى حوارها حول أمنياتها وطموحها" نأمل المشاركة فى معارض عربية ودولية لنقول للعالم أن فى غزة مبدعون لكن لا أحد يمد يد العون لهم".
وشاركت السباخى فى ورشات عمل فن تشكيلى وإنتاج محلى لمعارض جماعية تشمل لوحات فنية للطبيعة وأشغال فنية كالنحت وحرق الخشب والطينة والأشغال اليدوية كالتطريز، وكغيرها من أبناء وبنات قطاع غزة تواجه معوقات وتراودها أمنيات لتنمية وتطوير مهنتها التى اعتبرتها سابقة أولى محليا وعربيا وفريدة ربما دوليا.
وقالت السباخى، إنها درست الفنون الجميلة فى جامعة الأقصى فى مدينة غزة، ونظرا لتفوقها وتميزها تَعينت فى الجامعة لتدريس الفنون الجميلة.
وتمتلك السباخى أعمالا فنية ولوحات ذات الألوان الزيتية والمائية والطباشيرية والفن التجريدى والنحت واللوحات الجدارية، فضلا على المشاركات فى معارض محلية.
وأوضحت السباخى أن ما ساعدها على الاحتراف هى أختها التى تكبُرها بسنوات التى تبنتاها بالرعاية والتشجيع، يليها والدها الذى وفر لها المُناخ الأُسرى والمادى، وتابعت سلوى حديثها أنها احترفت فن الرسم أثناء دراستها الجامعية التى تخصصت فيها بالرسم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة