عاش آدم عليه السلام محنة الأكل من الشجرة، ثم تاب الله تعالى عليه، وهبط الأرض، وواجهته محنة الشيطان الذى وقف له ولذريته كل صراط مستقيم، وكان أن أوقع بين ابنيه قابيل وهابيل، فكانت أولى جرائم القتل على وجه الأرض.
وعاش نوح عليه السلام محنة عناد قومه واستكبارهم عليه ونكران رسالته حتى فاض به الكيل فدعا عليهم، وبدأت مرحلة تطهير الأرض من أولئك البشر وكان العقاب بالطوفان الذى أطاح بكل الشرور على الأرض ونجا نوح ومن معه على ظهر السفينة، وانتهت محنة نوح والمؤمنين معه وبدأت المنح الربانية.
وجاء إبراهيم عليه السلام وكانت المحن والابتلاءات عليه كثيرة وبعد كل محنة منحة وفرج وانتصار.. فعاش عليه السلام محنة تحطيم الأصنام وعداء قومه وعمه والتى انتهت بإلقائه فى النار وجاء الفرج وصارت النار بردا وسلاما على إبراهيم ودان له الكثيرون ودخلوا فى الإسلام.
ثم جاءت محنة ملك مصر ومحاولة احتجازه لزوجته سارة ولكنهما خرجا منها منتصرين ونجت سارة من يد الملك وعادت بهاجر هدية وتزوجها إبراهيم التى ما لبثت أن أنجبت لإبراهيم أول أبنائه إسماعيل عليه السلام وخليفة أبيه فى النبوة.
ثم عاش إبراهيم محنة جديدة وكان أمر الله له بالرحيل إلى مكة وترك هاجر وحيدة وإسماعيل رضيعا فى الصحراء وكانت المنح الربانية يعدها بتفجر بئر زمزم تحت أقدام الرضيع، وكان أن رفعت قواعد الكعبة وعلا نداء إبراهيم وسمعه أهل الأرض جميعا وفرض الحج وتعلقت قلوب البشر بالكعبة ومكة وارتبط اسم إبراهيم وإسماعيل إلى يوم القيامة بمكة والكعبة المشرفة.
وجاءت محنة الرؤيا التى رآها إبراهيم بذبح إسماعيل وتدخل الشيطان الرجيم لتفتيت شمل الأسرة والوقيعة بين الأب والأم والابن والتى انتهت بأجمل هدية ونزول الفداء لإسماعيل من السماء وكانت هدية عيد الأضحى والذبح فيه ليكون عيدا للفقراء إلى يوم الدين.
وجاء موسى عليه السلام ومعه من المحن ما لا يطيق بشر بدءا من مولده ووضعه فى اليم خوفا من فرعون، حتى وقع فى يد فرعون ليربيه فى قصره، وجاءت موسى محنة قتل المصرى وهروبه من الموت حتى نزلت عليه الرسالة والنبوة وقابلته محنة مواجهة فرعون وملأه والتى استعان فيها بأخيه هارون وكانت محنة مواجهة السحرة وانتصر فيها موسى نصرا مؤزرا، وكانت محنة الهروب بقومه من فرعون وجيشه وواجهه البحر، ونجّاه الله من فرعون والجيش والبحر وأغرق عدوه أمام عينيه.
أما محنة يوشع بن نون أحد أنبياء بنى إسرائيل فلم تتكرر مع نبى آخر فلم يذكر التاريخ أن توقف الزمن عن الدوران إلا مرة واحدة على يد بن نون وهو من فتح الله على يديه بيت المقدس بعد وفاة موسى بن عمران، حيث اختار من قومه جيشا قويا لم يضم فيه كل من بنى بيتا ولم يكمله وكل من أقام خيمة ولم ينته منها وكل من له مولود لم يولد أو مخطوبة لم يدخل بها، وأخذ معه كل من خلا قلبه من الدنيا، وحاصر بيت المقدس فترة من الزمن وفى يوم جمعة اقترب يوشع من النصر وبقيت ساعات قليلة حتى يتحقق، ولكن الشمس قد اقتريب من المغيب ولو أقبل السبت توقف القتال فدعا يوشع ربه ثم نادى الشمس نداء المؤمن بالله الواثق فى نصره وقال لها: "أنت مأمورة وأنا مأمور فتوقفى" فما كان منها إلا أن استجابت لنداء نبى الله، ومنحه الله النصر المبين وطرد أعداء الله من بيت المقدس.
مما سبق نتيقن أنه بعد كل محنة منحة، وبعد كل كرب فرج، وبعد كل ضيق سعة، وبعد كل أزمة انفراجة، وبعد كل ليل نهار، وبعد كل عناء راحة، وكما قيل: "إن أشد ساعات الليل حلكة وسوادا تلك السويعات التى قبل بزوغ الفجر"، وما نحن فيه اليوم مرحلة من مراحل المحن والابتلاءات والعذاب والعناء والمشقة وقريبا ستأتى المنح والفتوحات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة