صدق أو لا تصدق، 9 أفراد فقط لكل كيلو متر مربع فى محافظة شمال سيناء، التى تبلغ مساحتها الإجمالية 29 ألف كيلو متر مربع، ولا يسكنها سوى 300 ألف شخص، هناك البدو يعيشون فى عشش لا يزيد طولها عن متر واحد وسكانها كانوا يعانون من سطوة أجهزة الأمن قبل الثورة، والآن يواجهون المتشددون فى الجبال.. بينما الاستثمارات غائبة تماما عنها.
تقرير التنمية البشرية الذى أصدرته وزارة التخطيط والتنمية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى عام 2006 كشف عن الإهمال الشديد للحكومات المتعاقبة لمنطقة شمال سيناء، وذكر فى "متنه" أنه لا تنمية تذكر فى شمال سيناء، والدليل أن 40 ألف نسمة يعيشون تحت خط الفقر ويبلغ إجمالى العاطلين عن العمل ما يقرب من 25 ألف نسمة.
فى حين تراجعت نسبة القيد فى التعليم بمراحله المختلفة من 4.67 % إلى 1.44% فى بعض القرى مثل قرية "أم القطن".
ويشير هذا التقرير القديم على الورق، الحديث على أرض الواقع، إلى أن المجتمع السيناوى أصبح لديه قناعة بأن الدولة تهضم حقوقهم الطبيعية ولا تقبل أهل سيناء وخاصة البدو منهم وتضع أيديها على أراضيهم، وهو ما أدى لحالة من الاحتقان وأحداث العنف.
مشروع تنمية سيناء الذى أقرته الحكومة منذ 18 عاما كان الهدف منه هو استصلاح وزراعة 400 ألف فدان على امتداد ترعة السلام، وإنشاء سحارة تحت قناة السويس لتمرير 13 مليون متر مكعب من المياه بطول 155 كيلو متر، لتكوين زمام الترعة فى سهل الطينة والبردويل ومنطقة السرو والقوارير وبئر العبد، حيث تقدر الاحتياجات السنوية لمشروعات التنمية فى تلك المساحة بـ 2 مليار متر مكعب لتحقق 2 مليون فرصة عمل فى سيناء.
وكان وزير التنمية المحلية الأسبق عبد السلام المحجوب، قال فى إحدى جلسات مجلس الشورى، إن العام 2017 هو العام المستهدف للانتهاء من المشروع، والذى يركز طبقا لما جاء فى أوراقه على دمج سيناء فى الكيان الاقتصادى والاجتماعى لبقية الأقاليم وبدء التنمية الصناعية لخلق مجتمعات عمرانية، وإضافة محور تننموى يضم 3 قطاعات رئيسية هى العريش وطور سيناء والعقبة.. ولكن أستاذة الاقتصاد وخبراء الجيولوجيا يشككون فى إمكانية تحقيق هذا الكلام، قائلين: لقد بدء مشروع تنمية سيناء عام 1994 على الورق فقط، ولم تنفذ منه أى بنية تحتية، تشير إلى أنه سوف ينتهى عام 2017، بالإضافة إلى أنه من الضرورى استكمال مشروع ترعة السلام لأنه الوحيد الذى سيحقق تنمية فعلية لشمال ووسط سيناء فوصوله إلى منطقة السرو والقوارير سيحدث طفرة تنموية بشرية وزراعية وصناعية ومن الضرورى أيضا توصيل خط الألف ميل ليشرب المواطنين مياه نقية.
فعلى الرغم من مرور قرابة 18 عاما على المشروع وصرف ما يقرب من عشرة مليارات، فإن أبناء سيناء لم يشعروا بتنمية حقيقية أو استغلال للمواد الخام الموجودة، حيث تتوافر أجود أنواع الملح فى ملاحات سيناء، وأنقى الرمال التى تستخدم فى صناعة الزجاج ومواد صناعة الأسمنت والرخام.
القرار الجمهورى رقم 84 لسنة 1974 قام بتقسيم سيناء إلى محافظتين شمالا وجنوبا، إلا أن وسط سيناء التى تنتمى لمحافظة الشمال تمثل 78 % من إجمال مساحة المحافظة، حيث تقع ضمن نطاق حوض وادى العريش الذى تبلغ مساحته 19 ألف كيلو متر مربع، وتعود أهمية وسط سيناء على وجه الخصوص إلى إنها تمثل 82% من طول الحدود الشرقية الإستراتيجية لمصر بطول 180 كيلو متر مربع على الشريط الحدودى من رفح شمالا إلى طابا جنوبا، حيث كانت تلك المنطقة التى تبلغ مساحتها 22 ألف كيلو متر مربع ولا يعيش فيها سوى 40 ألف نسمة هى المحور الأوسط الذى اندفع منه الصهاينة فى 1967، حيث أكد المحللون العسكريون أن من يمتلك منطقة الوسط وضع يده على سيناء شمالا وجنوبا وامتلكها بالكامل.
مجتمع شمال سيناء والذى عرف فى التاريخ القديم باسم "الهرتشاير" وتعنى أسياد الرمال تتضح فيه البداوة وتنتشر فيه القبائل التى يخشى أبناؤها مجرد الخروج منها إلى الطريق العام، حيث ينتشر فى شمالها ووسطها قبائل الترابين والعبابدة والحويطات والتياها والأحيوات والعزازمة كل قبيلة تعرف حدودها وموقع قوتها من القبائل الأخرى ويعيش هؤلاء على حرف بسيطة مثل الرعى والزراعة فى مساحات صغيرة عن طريق آبار المياه الجوفية.
ثرواتهم الطبيعية لا تنتهى حيث ذكرت معظم الدراسات الجيولوجية توافر الخامات بها بشكل يقيم دولة داخل الدولة، ففى ورقة عمل استثمارية، قدرت حجم ثروات شمال ووسط سيناء، وأكدت انتشار الرخام بنسبة تتعدى 200 مليون طن فى جبلى لبنى والمنشرح ويكثر تواجده فى ريسان عنيزة وأم شيحان وتتوفر خامة الطفلة التى تكون المادة الأساسية فى صناعة الأسمنت بكمية تصل إلى 25 مليون طن فى وادى البروك والحسنة وجبل الحلال والمغارة و4 مليون طن من الجبس فى منطقتى الروضة ومصفق علاوة على انتشار الفحم بنسبة تصل وفق التقديرات الجيولوجية إلى 80 مليون طن وتكثر نسبة الرمال البيضاء المكون الرئيسى لصناعة الزجاج فى جبال المنشرح ويلق ومنظور ووادى فيلللى، بالإضافة إلى وجود خامات تدخل فى صناعة الأسمدة وأعمال البناء والخزف والصينى والسيراميك وتكرير الزيوت وفحم الكوك اللازم لصناعة الحديد والصلب و"ما خفى كان أعظم ".
9 أفراد فى كل كيلو متر.. شمال سيناء "أسياد الرمال المنسيون".. 200 مليون طن رخام فى لبنى والمنشرح وعنيزة و25 مليون طن "طفلة" فى البروك والحسنة والحلال وزجاج فى "يلق ومنظور وفيللى" "وما خفى كان أعظم"
الجمعة، 18 يناير 2013 02:18 ص