كل الطرق تؤدى إلى عودة رشيد محمد رشيد من المنفى
خبراء: التصالح مع رجال الأعمال الحل الوحيد لعودة الوزير الهارب.. و رشيد لم يحاكم فى قضايا تتعلق بالقتل والحكم عليه سياسى ويمكن تسوية قضاياه
كل الطرق التى تسير فيها الحكومة للتصالح مع رجال أعمال النظام السابق تؤدى إلى المهندس رشيد محمد رشيد!
رشيد محمد رشيد.. آخر وزير صناعة فى حكومات مبارك وأكثر الوزراء إثارة للجدل سواء قبل الثورة أو بعدها.
فقبل الثورة كان هو بطل الفقراء الذين كانوا يرونه المخلص لهم من سطوة المحتكرين للأسواق والمستفيدين من النظام بعد صراعاته مع شركات الحديد والأسمنت وغيرها.
وبعد الثورة سُلطت عليه الأضواء على أساس كونه أحد الخبرات الاقتصادية المطلوبة دوما لصياغة مستقبل الاقتصاد المصرى بحكم اتصالاته وعلاقاته الخليجية القطرية الإماراتية وعمق ثقة الأتراك فى خبراته الاقتصادية.
وما بين شائعات دائمة عن اتصالات إخوانية به فى الفترة الأخيرة وأخرى حول قرب عودته إلى مصر وثالثة تصب فى قرب التصالح معه.. يثور سؤال: هل يعود رشيد؟ «اليوم السابع» تفتح ملف هذا الرجل الاقتصادى الأكثر جدلا منذ خروجه من مصر.
فى البداية.. المؤشرات ترجح عودة رشيد إلى مصر وإعادة محاكمته، لتسهيل عودته إلى مصر وتبرئته، خصوصا أن الكثيرين على رأسهم قيادات جماعة الإخوان المسلمين يعتبرونه واحدا من أهم الشخصيات الاقتصادية فى مصر وأن الأحكام الصادرة ضده كانت سياسية، فضلا عن عدم اتهامه فى أى قضائية جنائية متعلقة بالقتل أو إهدار الدم وهو ما يسهل عودته وإعادة محاكمته وهو ما مهد له رشيد بنفسه عقب هروبه من مصر مباشرة فى تصريحات صحفية نقلها الكثيرون قال فيها: «اقطعوا رقبتى إذا ثبت تورطى فى قضايا فساد، فأنا برىء من كل الاتهامات التى نالت منى».
ثم نشر رشيد مقالا بإحدى الصحف أكد فيه رغبته فى العودة لمصر اليوم قبل الغد بشرط أن تتحقق له الكرامة لنفسه وأولاده وعائلته وأنه على أتم استعداد لمواجهة كل التهم الباطلة الموجهة إليه على أن يعود إلى مصر شخصا محترما كما خرج منها وعمل فيها، منتقدا الاتهامات التى توجه إليه بأنه حابى رجل الأعمال أحمد عز، مشيرا إلى أنه أول من وقف له بالمرصاد قائلاً: «دون كل صناع مصر لم يتعرض أحد لأحمد عز ومؤسساته قدر ما تعرضت وزارة الصناعة لتحجيم وتقليل سيطرته على الأسواق عن طريق إلغاء رسوم الإغراق التى كانت موجودة حين أتيت للوزارة ورفع أسعار الغاز لأكثر من ثلاثة أضعاف وتحويله لجهاز حماية المنافسة ومنح تراخيص جديدة لشركاته وعدم منحه موافقات لزيادة إنتاجه والسماح له فقط بالتوسع فى تعميق الصناعة بمعنى تصنيع خامات مصنعه، بجانب رفع الجمارك تماماً من الحديد المستورد لإصرارنا على عدم حمايته من المنافسة مع الحديد المستورد مثل التركى الذى أرغمه على تخفيض أسعاره للثلث».
كما أكد أنه الوحيد فى تاريخ الحكومة المصرية الذى تقدم إلى رئيس الوزراء بكشف كامل بكل مساهماته عبر وثيقة قدمت للدكتور أحمد نظيف ونشرتها الصحف.. معددا إنجازاته التى حققها لمصر عبر 6 سنوات فترة توليه منصبه الوزارى والتى تمثلت فى تحقيق أكثر من 150 مليار جنيه فى أكثر من 5 آلاف مصنع فى مصر، وخلق شبكة للاتفاقات التجارية لا تملكها أى دولة أخرى فى العالم، ودخول المنتجات المصرية إلى الأسواق العربية والأوروبية والأفريقية والأمريكية وأمريكا الجنوبية والدول المتوسطية بلا جمارك أو حصص.. كل هذه المميزات التى يعددها رشيد بين الحين والآخر ويروجها مريدوه جعل قيادات حكومية تهلث خلفه خلال الشهور الماضية أملا فى استغلال علاقاته فى جذب العديد من الاستثمارات من مختلف أنحاء العالم أو بالعقلية الفذة التى يتمتع بها للخروج من النفق الاقتصادى المظلم.
وحسب المؤشرات الحالية فإن الحكومة لن يكون فى استطاعتها العمل بجدية فى هذا الملف، وتركت الأمر تماما لجهتين، الأولى رئاسة الجمهورية، والجهة الثانية حزب الأكثرية وهو الحرية والعدالة، ويحسب للرئيس أنه فتح الباب المغلق، لكنه تجاه إفريقيا والصين وقطر فقط.
بعض الاقتصاديين يرى أن الباب ما زال مواربا مع أوروبا، ومغلقا تماما مع الولايات المتحدة، لحين الانتهاء من الملفات المعلقة، أى أن أى تحرك اقتصادى جاد من واشنطن تجاه مصر لن يتبلور إلا بعد الانتخابات البرلمانية، ذلك يعنى أن الرئاسة المصرية لن تحقق النجاح المرجو حاليا فى جذب الاستثمارات، فى الوقت نفسه يحاول حزب الحرية والعدالة جذب استثمارات للبلاد.
مصدر اقتصادى بارز أكد أن شبح وزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد يظهر بقوة هذه الأيام وإن كان على استحياء، لكن وجوده داخل البلاد ومحاولة إقناعه بالعودة وتسوية الملفات العالقة، والتى هى محل اتهام له أصبحا ضروريين.
وكشف المصدر جدية الدولة، فى حسم ملف رشيد قريبا جدا، ومحاولة إقناع الرأى العام به على الأقل فى الوقت الراهن لحين تدبير مقترحات وأساليب يمكن من خلالها جذب استثمارات جديدة ووقف هروب الاستثمارات من البلاد، لأن الحالة حاليا صفر.
من جانبهم أشاد رجال أعمال ومستثمرون وخبراء، بالتصريحات الخاصة بفتح ملفات التصالح بين رجال الأعمال والحكومة، مؤكدين أن إنجاز تلك الملفات فى أقرب وقت ممكن من شأنه أن يسهم فى دفع عجلة النمو الاقتصادى وجذب الاستثمار الأجنبى إلى السوق المصرية مرة أخرى، ويرسل طمأنة إلى العالم حول مناخ الاستثمار مرة أخرى، وتدفق رؤوس الأموال إلى شرايين الاقتصاد المصرى.
الدكتور عوض الترساوى المستشار القانونى وأستاذ القانون الدولى فى جامعة القاهرة أشاد فى تصريحات خاصة لـ»اليوم السابع»، بتصريحات الحكومة الجديدة، بإعادة طمأنة المستثمرين والتسويات المتعلقة برجال الأعمال، خاصة أن أسامة صالح، وزير الاستثمار، هو المسؤول عن لجان فض منازعات الاستثمار، وهو ما سوف يساهم فى سرعة إنجاز ملفات التسويات خلال الفترة القادمة.
وطالب الحكومة بضرورة سرعة حسم ملفات التسوية مع العديد من الأطراف ورجال الأعمال والمستثمرين، خلال فترة ليست طويلة، لطمأنة المستثمرين وتهيئة مناخ الاستثمار، وأيضًا أن تكون التسويات نهائية وملزمة، ومعتمدة من قبل رئاسة مجلس الوزراء، لافتًا إلى أهمية أن تستعين اللجنة المسؤولة عن إجراء وإبرام تلك التسويات بخبراء ومتخصصين محايدين، مما يساهم فى سرعة حسم الملفات، فى أقل وقت ممكن، لعودة الاستثمارات ورؤوس الأموال فى الفترة القادمة, وقال محمود جبريل الخبير المصرفى، إن تصالح الحكومة مع رجال الأعمال فى الشق الجنائى من جرائم الاستيلاء على المال العام والفساد المالى، وبعد ثبوت الاتهام بحكم قضائى نهائى بات، لا يجوز طرحه للنقاش، وذلك لتحقيق عنصر الردع والقضاء على دولة الفساد.
وأضاف جبريل، فى تصريحات خاصة لـ«اليوم السابع»، أن الشق الآخر من المصالحة مع رجال الأعمال والمستثمرين فى إطار مبادرة الحكومة لتشجيع وجذب الاستثمار الأجنبى، يتعلق بالتسويات الخاصة بفروق الأسعار والغرامات المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية للشركات والمشروعات التى يمتلكها رجال الأعمال، مطالبًا بضرورة إجراء مثل تلك التسويات للعمل على طمأنة وتهيئة مناخ الاستثمار المحلى والعربى والأجنبى، والعمل على استقطاب رؤوس الأموال لرفع مؤشرات الأداء الاقتصادى التى تأثرت بشدة خلال الفترة الماضية.
وأشاد جبريل بتصريحات الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، وتأكيداته المتكررة على مبدأ تطبيق القانون على جميع مستويات وقطاعات الدولة، لما يسهم فى طمأنة المستمرين الأجانب، مشددًا على أهمية احترام الدولة لتعاقداتها، والتى تأتى فى إطار مصداقيتها مع جميع رجال الأعمال والمستثمرين، لتهيئة مناخ الاستثمار ورفع التصنيف الائتمانى لمصر، والذى تعرض لعدة تخفيضات متتالية نتيجة الاضطرابات السياسية والاقتصادية، لافتًا إلى أهمية البعد عن ترويج الشائعات والمعلومات المغلوطة وتحريض العمال، والتى تضر بمناخ الاستثمار وتثير مخاوف رجال الأعمال من الاستمرار فى العمل وتنمية مشروعاتهم.
أما إسلام عبدالعاطى الخبير الاستثمارى، فقال إن الإعلان عن التصالح مع رجال الأعمال يعد مؤشرًا جيدًا من شأنه أن يعكس قوة الدولة فى التعامل مع الموضوعات الاقتصادية.
وأضاف أن التصالح مع رجال الأعمال يجب أن يضع فى اعتباره مجموعة من الأمور أهمها أن يعتمد على الشفافية، وما إذا كان رجال الأعمال المنطبق عليهم التصالح يتم التصالح معهم فى قضايا مالية وهم مذنبون أم لا.
وأشار عبدالعاطى إلى أنه لابد أن نفرق أولا بين القضايا الجنائية التى لا يمكن التصالح فيها، وغيرها من القضايا المالية التى من الممكن إيجاد حلول لها للتصالح، خاصة إذا كانت تتوافر فيها عدم التعمد، وبناء على هذا الأساس يمكن وضع خريطة واضحة للتصالح مع رجال الأعمال.
ويرى أن التصالح مع رجال الأعمال يجب أن يعتمد على عدة معايير، ومنها أن يكون مبدأ التصالح متاحا أمام رجال الأعمال ممن لم تثبت عليهم تهمة الفساد المالى أو الجنائى، وهو ما يترتب عليه خلق بيئة استثمارية جيدة قوامها إعمال القانون وتطبيقه على الجميع.
عودة رشيد محمد رشيد من المنفى .. محللون يتوقعون عودة الوزير الهارب من الخارج بعد التصالح مع رجال الأعمال
الأربعاء، 16 يناير 2013 09:06 ص