هل يجهل المصريون حجم مصر وقدرها؟ كيف وصلنا إلى هذا الحد من عدم المعرفة بمصر ومكانتها؟ هل كنا فى حاجة لمن يُعيد إلينا اكتشاف مصر وإعادة تعريفها لنا؟ من المتسبب فى هذا؟ هذه بعض الأسئلة التى بدأت تراودنى بعد أن شاهدت رد الفعل غير العادى من الشعب المصرى تجاه الخطب التى ألقاها الشيخ السعودى محمد العريفى عن مصر وقدرها وتاريخها وقيادتها وريادتها وتفردها، وكأنه جاء ليُعيد إلينا اكتشاف مصر التى نجهلها ولا نعلم قدرها، ولا شك أن حالة التجاوب التى عاشها المصريون مع خطبه والشغف لسماع هذه الخطب وتداولها عبر وسائل الإعلام هى حالة تستحق التوقف أمامها وتستوجب من علماء النفس دراستها وتحليلها، وفى رأيى أن رد فعل الشعب المصرى بكل طبقاته وأطيافه الدينيه وتوجهاته السياسية كشفت عن المعدن الأصيل لهذا الشعب، هذا المعدن الذى تراكم عليه غبار سنوات عجاف وعهد سابق جرف الوطن من كل ما يمكن أن يضع مصر فى حجمها وقدرها التى تستحقه، إنه عهد مبارك الذى خرب التعليم وأفسد الأخلاق ونشر الظلم والفساد والرشوة والمحسوبية وأعاد الطبقية إلى المجتمع وأوصل 40% من هذا الشعب إلى خط الفقر ومع كل هذه الآفات فقد الملايين من مواطنى هذا الشعب الانتماء والإيمان بوطنهم وشعروا أنهم غرباء عن هذا الوطن، فعندما يشعر المواطن أن حقوقه ضائعة وكرامته مهدرة وأن أبناء الطبقة الفقيرة وغالبية الطبقة الوسطى محرومون من الالتحاق بالكليات العسكرية والهيئات القضائية والوظائف المحترمة، فماذا ننتظر من هؤلاء أن يتغنوا بعشق الوطن وهم يعاملون وكأنهم أُجراء فيه، ورغم كل ما عانوه المصريون ومازالوا يعانونه جاء رد الفعل لخطب الشيخ العريفى عن مصر ليزيل غبار السنوات الماضية ولتعيد اكتشاف المعدن الأصيل لشعب يستحق أن يكون أفضل مائة مرة مما هو فيه الآن، جاءت خطب العريفى لتعيد تعريف المصريين بمصر التى أُجبرنا على عدم معرفتها حق المعرفة خاصة جيل الشباب الذى لم يجد أمامه إلى مستقبل مظلم ومجتمع غير عادل فكان كفيلا بفقد هؤلاء الشباب لهويتهم.
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن، بعد أن ثبت مدى الحب المتأصل بداخلنا تجاه هذا الوطن، هل من الممكن أن نضع أمامنا جميعاً على اختلاف طبقاتنا وانتماءاتنا السياسية والدينية هدف واحد اسمه (مصر) لكى تعود لمكانتها وريادتها ودورها التى تستحقه؟ هل يمكن أن نبدأ صفحة جديدة نتشارك فيها جميعاً بعيداً عن أى أطماع شخصية وأن تكون مصلحة الوطن فوق الجميع؟
