عشرة أيام تفصلنا عن احتفالنا بعيد ميلاد الثورة الثانى، وسط تحفز وترقب من طرفين متخاصمين هما، الحركات الثورية وجماعة الإخوان المسلمين، فكل طرف يتوقع أن يسعى خصمه لإفساد الاحتفال، وتحصنا فوق جبال شاهقة يتبادلان عبرها الاتهامات والإنذارات وبينهما تقف مصر متألمة تتلقى الصفعات والطعنات من الجميع بلا رأفة.. وما يسترعى انتباهك فى ردود أفعال الجبهتين ـ الثوار والإخوان ـ أنهما أعلنا حالة الطوارئ فى صفوف كوادرهما وأعضائهما بما يشبه التعبئة العامة فى مشهد يذكرك بوقت الاستعداد لحرب طاحنة يتعين تكسير عظام العدو فيها، مهما كان الثمن المدفوع.
اتساقا مع هذا الجو غير الصحى، وجدنا حركة شباب الثورة تعلن عزمها تشكيل مجموعة وصفتها بجنود الثورة، للتصدى لمحاولات ميليشيات الإخوان والشرطة تعكير صفو مظاهرات 25 يناير وتحويل الذكرى إلى مجرد احتفال، ولم يكتف بيان الحركة بذلك، لكنه حمل مسبقا الرئيس محمد مرسى، مسئولية حدوث مصادمات ستقع بين المتظاهرين المؤيدين والمعارضين للإخوان، والتى توقعوا أن تكون دامية، وأنه سيتم كسر رجل أى إخوانى يدخل ميدان التحرير، الذى أضحى مقصورًا على فئات دون غيرها من المصريين.
ثم أطل علينا طارق الخولى، وكيل مؤسسى حزب 6 أبريل، تحت التأسيس بالتحذير الآتى: نحذر من وجود عناصر من الحرس الثورى الإيرانى فى البلاد لقمع المتظاهرين، ولم يذكر لنا مصدر معلومته ولا ما استند إليه للتأكد من صحتها.
الإخوان من جانبهم لم يتخلفوا عن السير فى ركاب مهرجان التخويف واستعراض القوة بإعلانهم شحذ قواهم تحسبا لعمليات تخريب فى ذكرى الثورة، وتنظيم دوريات من شباب الجماعة لحراسة المقار، وتنشيط اللجان الإلكترونية للدفاع عن الرئيس، الذى يتعرض لحملات انتقاد وهجوم شرسة فى الفضائيات والمواقع الإلكترونية.
إن تأملت هذه الخطوات ستخرج بانطباع لا لبس فيه أن الطرفين قررا محاربة بعضهما البعض وليذهب الوطن للجحيم، فالخلافات والانقسامات زادت بينهما ويستبعدان التقاءهما فى منتصف الطريق، حرصا على الصالح العام ومستقبل مصر المشتتة بين المتصارعين والمتنافسين على كراسى السلطة وأدوار البطولة والزعامة فى زمن يفتقد فضيلة التواضع وإنكار الذات. ألا يعلم الثوار والإخوان أن بلادنا لا تحتاج إلى جنود يدافعون عن كيان أو جماعة أو حزب، بل للدفاع عن الدولة وهيبتها وليس هيبة رئيسها وعن سيناء المنسية ولا نتذكرها سوى فى المصائب بتعرضها لهجوم إرهابى أو اختطاف شرطى، ولا أعلم إلى متى سنصبر على رؤية هذا الجزء يضيع ويتسرب من بين أيدينا، بينما نحن منشغلون بصراعاتنا وخناقاتنا الصغيرة التافهة؟.
أليس من بين الثوار والإخوان رجل حكيم رشيد يخبرهما أنهما يؤخران خروج بلدهم من حفرة النزاعات والانشقاقات، وأنهما يستطيعان تأجيل مباراة اقتسام الكعكة لحين تمكنها من النهوض على قدميها واستقرارها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؟
وأستغرب من ظاهرة التجييش المستشرية فى المجتمع المصرى، فما أسهل اجتماع نفر من هنا وهناك لتكوين جيش صغير يقطع الطرق، ويمارس البلطجة فى أحقر وأقذر صورها، فالكل يستسهل الفكرة ـ التجييش ـ ويظن أنه يؤدى عملا عظيما، وأنه يدافع عن حق، رغم أنه على باطل. مصر تريد جنودًا مخلصين لها ولترابها وليس للثوار ولا الإخوان، واستفيقوا من غيبوبتكم يرحمكم الله برحمته قبل أن تسيل مزيد من دماء الأبرياء.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
يحيي رسلان
مصر امانة في عنق الاعلام
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد جوهر
والله الاخوان من ناحيتهم
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
الرائيس فين