حينما بلغ من العمر 17 عاماً تم تجنيده بالجيش الأمريكى بالمدفعية، حيث انتقل إلى العراق مع قوى الاحتلال عام 2003، وهنا بدأت تجربة "كيفين باورز" التى كتب عنها روايته "الطيور الصفراء"، والتى قص من خلالها تجربته ـ من وجهة نظره- خلال أعوام قضاها فى الحرب وسط مقاومة الشعب العراقى لهم، والتى وصفها بـ"كما تُلقى الصلصة الحارة فى عينك هكذا كانوا يقاومون".
يبدأ "باورز" روايته بوصف الحال فى العراق وقت الحرب، حيث قال "بينما السماء الفسيحة كانت مزدحمة بالسحب القريبة والخوف يحاصر الجميع، كان الكُل يسهر مذعوراً تحت تأثير العقاقير المنشطة والخوف والترقب للمقاومة، فكما تُلقى الصلصة الحارة فى عينك هكذا كانوا يقاومون. كانت أسطح المنازل تغرقنا بالرصاص كأشلاء صغيرة تملأ الهواء".
بطل الرواية "جون بارتون" والذى يجسد شخصية الكاتب "كيفين باورز" تبدأ قصته حينما كان فى سن 21 من عمره، وتم تكليفه وكتيبته بالانتقال إلى مدينة "تلعفر" بمحافظة "نينوى" بالعراق للسيطرة عليها وسط المعركة الدموية بين الكتيبة، وما تبقى من الجيش العراقى هناك وفصائل المقاومة الشعبية التى أغرقتهم رصاص وشظايا قذائف مصنوعة يدوياً يصفها الكاتب بالـ"أمطار".
وقبل أن ينتقلوا إلى العراق كان "بارتون" قد وعد والدة زميله "دانييل ميرفى" - الذى يبلغ من العمر 18 عاماً- بأنه سيهتم لشأنه ويعيده إليها حياً، هذا الوعد الذى ـ كما وصفه باورز فى بداية الرواية - لن يفى به بارتون.
يصف "باورز" معاناة بارتون وميرفى فى التدريبات وحرب الشوارع فى تلعفر وسط تعليمات قائد الكتيبة "ستيرلنج" الذى كان يلكمهم فى وجوههم ويركل مؤخراتهم كى يلتزموا حرفياً، وينصاعوا لأوامره، ويصف الكاتب حروب الشوارع فى تلعفر بأنها ليست فقط دموية إلى أقصى حد بل هى مرعبة ومثيرة للذعر المرضى، حيث كانت أسطح المنازل مغطاة بألواح النحاس والأبواب ملونة بلون الدماء، بينما كانوا يأتمرون هم لأمر القائد "ستيرلنج" بمقاتلة من أسماهم "المتمردين" ومقاومة الضغط النفسى، حيث كان يقتل بداخلهم هذا القائد كل ما قد يوجد من إنسانية قد تقلل من كفاءة جندى الاحتلال فى مقاتلة السكان المقاومين لهم، حيث وصف لهم القائد تلك المشاعر بـ"الضغط النفسى الذى سيؤدى بهم للعودة إلى بلادهم.. ولكن فى صناديق الموتى".
ينتهى الأمر ببارتون داخل السجن الحربى بعد أحداث عديدة ودموية يصفها الكاتب من خلال تجربته ومن وجهة نظره كجندى احتلال فى العراق، ويصف فيها حال الجندى داخل هذا السجن، وتتبعه للعلامات فوق الجدران، والتى نقشت قبل أن يصل بأيام أو أشهر أو سنوات، والتى كان يحرص من خلالها على الوصول إلى معنى قد يكون مقصوداً ورسالة قد تكون بُعثت إليه تحديداً من شخص ما.
وتعتبر رواية "الطيور الصفراء" هى الأهم على الإطلاق والأكثر دقة بين الروايات والأعمال الأدبية النابعة من تجارب جنود الاحتلال فى حرب الجيش الأمريكى على دولة العراق، وهو أيضاً الأكثر دقة فى وصف عمليات المقاومة التى قادها الشعب العراقى ضد جند الاحتلال، وكيف كانت هذه العمليات قوية ومؤثرة وباسلة فى رؤيتنا، ودموية ومدمرة فى رؤية المحتل.
عدد الردود 0
بواسطة:
ست ابوها
انا وش الخير عليك
أبدعت يا ميكى والله