زادت جرائم القتل خاصة "قتل الأبناء للآباء والأشقاء" خلال الأيام الأولى من عام 2013، ووقعت أبشع تلك الجرائم، مساء أمس السبت، عندما اتفق شقيقان مع صديقهما الطالب الجامعى، بمدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية، على التخلص من والدهما صاحب معرض للأدوات الكهربائية والمنزلية، انتقاما منه لسوء معاملته لهما.
وكان اللواء محمد كمال مدير أمن الشرقية، قد تلقى إخطارا بإطلاق مجهول أعيرة نارية على التاجر فسقط قتيلا فى الحال، إثر إصابته بطلق نارى فى الرأس من الجهة اليسرى، ولم تتهم أسرته أحدا.
وتوصلت التحريات إلى أن وراء الحادث نجلى التاجر الطالبين بكلية الهندسة بجامعة خاصة، وأنهما عقدا العزم منذ فترة على قتل والدهما، لاعتقادهما أن زواجه بأخرى على أمهما "رومانية الجنسية"، وأنهما اشتريا سلاحا ناريا بمبلغ 11 ألف جنيه لهذا الغرض، واستغلا مرور زميل لهما طالب بذات الكلية بضائقة مالية، فاتفقا معه على تمكينه من التسلل للمعرض ليلا، من خلال فتحة أعدوها فى حائط علوى للمخزن، وإطلاق الأعيرة النارية على والدهما فور فتحه الباب صباحا.
ونقل الشقيقان بعض الأجهزة الكهربائية لسطح المعرض لتمويه أجهزة البحث والإيحاء بأن الهدف من القتل هو السرقة، وعقب تنفيذ مخططهم الإجرامى فر القاتل هاربا، وتم القبض عليهما وبمواجهتهما انهارا واعترفا تفصيليا بارتكاب الجريمة، وتمت إحالتهما للنيابة العامة التى تولت التحقيق وأمرت بحبسهما 4 أيام على ذمة القضية.
كما تجرد شاب من جميع معانى الإنسانية وأقدم على شنق والدته "زينب.65 سنة" ربة منزل بالحوامدية، لرفضها إعطاءه 100 جنيه، وفر هاربا، وبين الطب الشرعى أن سبب الوفاة هو أن الجانى "عبد الناصر.ا.35 سنة" عاطل، شنق المجنى عليها بإيشارب، وعلى الفور تم نقل الجثة إلى المشرحة ثم التصريح بدفنها، كما أفادت تحريات رجال المباحث أن المتهم اعتاد الاستيلاء على أموال والدته، بسبب مروره بضائقة مالية حيث لا يجد فرصة عمل يجلب منها متطلباته المادية، وأمرت النيابة بسرعة ضبط وإحضار القاتل.
وفى ذات السياق، قتل "سيد.ع.19سنة" طالب، شقيقته "ليلى" بعد أن رفضت معاشرته جنسيا وهو تحت تأثير حبوب الهلوسة التى أدمنها منذ عدة سنوات، فطعنها بسكين فى رقبتها وهو فى حالة من عدم الوعى، وأنهى حياتها داخل شقتهما بمدينة السلام، وقام الجيران بتسليمه لقسم الشرطة عقب محاولته الهرب.
وكشفت التحريات عن أن المتهم كان يسهر يومياً مع أصدقاء السوء فى المقاهى والكافيهات حتى الصباح، ويتعاطى كل الحبوب التى تفقده الوعى، وعندما علمت والدته بتصرفاته غير الطبيعية أخبرت والده الذى هو بطبيعة عمله بعيدا عن المنزل دائماً.
من ناحيتها أثبتت الأبحاث والدراسات العلمية أن السبب وراء انتشار مثل هذة الظواهر هو قلة إيمان الفرد بربه وبعده الدائم عن الصلاة والصوم، فإن هذا يجعل مدخلا سهلا للشيطان فى عقل الشخص، بأن يرتكب أبشع الجرائم وهو فى حالة من عدم الاتزان وفقدان الوعى، بالإضافة إلى زيادة انتشار الفقر والبطالة وصعوبة الزاوج فى المجتمع المصرى، والانفتاح الخارجى عن طريق شبكة الإنترنت، كل هذه الوسائل تساعد الفرد فى البعد عن الدين، وفى الوقت ذاته يجد الإنسان سهولة فى طرق الانحراف والاتجاه إلى طريق المخدرات وغيره من الطرق التى تودى بالشباب إلى الضياع.
وفى هذا يقول الدكتور داود الباز أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر، إن سبب كثرة جرائم قتل الأبناء لوالديهما هى الحالة الضبابية وغموض الأوضاع، وعامل البطالة فى البلد، وهو ما أدى إلى شعور الشباب بفقدان الأمل، مشيرا إلى أن قول سيدنا عمر بن الخطاب "إن الله خلق الأيدى لكى تعمل فإن لم تجد عملا فى طاعة الله فتتجه إلى المعصية"، بالإضافة إلى غياب القيم الدينية، وعدم التمسك بالأخلاق الإسلامية، فإن عقوبة القتل موجودة بقانون العقوبات لكن الشريعة تركت هذا الشأن للقانون، وتحارب الظاهرة فى مهدها من خلال التربية الإسلامية الصحيحة فى المساكن، وتوجيه أئمة الجوامع للمواطنين بمدى غضب الخالق من مرتكبى جريمة قتل والده أو والدته، ولا شك أن الحكومة تتحمل مسئولية هذا الوضع باعتبارها مسئولة عن حماية المواطنين وعليها منع المواد المخدرة من المصدر.
ومن جانبه، أوضح الدكتور عبد الفتاح خضر رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، أن الجزاء من جنس العمل، وأن الابن الذى يقتل أمه أو والده لم يحصل على حقه من التربية السليمة، بسبب انصراف الأمهات عن دورهن التربوى، وانصراف الآباء عن طريق هجرتهم الداخلية أو الخارجية دون معرفتهم بأحوال أبنائهم، وفى هذه الحالة قد يتحول الأب إلى مجرد ترس فى آلة تعمل لتوفير المال تاركا الجانب المعنوى، من دون قصد، ومن ثم تلغى الأبوة ويصبح الابن عدوا لأبيه.
وشدد "خضر" على أن "الفن والفضائيات والنت" وغيرها من الوسائل، وأيضا أصدقاء السوء كلها عوامل تؤثر سلبا على أفعال وسلوك الشباب تجاه أسرهم، ومن بين الأسباب التى تساعد الأبناء على قتل والديهم، أن الحياة التعليمية أصبحت مادية بحتة، والأساتذة يعطون الطلاب جرعة علمية محدودة، ومن هنا فقد العلم لغة الحوار وتلاشى الاجتماع بين الطالب والأستاذ والذى كان يحتوى على فائدتين "التربية والتعليم"، وأصبح الإمام فى المسجد يلقى خطبة واحدة فقط يوم الجمعة تتحدث عن أحوال البلد، بعدما كان الخطيب يلقى خطبا بشكل يومى فى "الفقه والسيرة والحديث والأخلاق"، حيث كان المسجد مصنعا لبناء الرجال ومغناطيس للأطفال.
وأشار حامد مشعل المتحدث باسم الجبهة السلفية، إلى أن معدل توافر المخدرات بمختلف أنواعها زاد خلال الخمس سنوات الأخيرة من عصر مبارك، حيث كان النظام يريد أن يفقد الشباب الوعى عما يدور حولهم من أحداث، مستشهدا بقول الرسول (ص) "الخمرة أم الخبائر"، وأن المجتمع المصرى ليس بطبعه عنيفا، ولكنه متدين ولديه عادات وتقاليد كما أن ظاهرة المخدرات دخيلة عليه.
وأكد "مشعل" أن التيارات الإسلامية، بمجرد الانتهاء من الانتخابات البرلمانية المقبلة، ستعود إلى ممارسة عملها الأساسى فى نشر الدعوة الإسلامية، وإقامة ندوات تناقش كافة الظواهر التى يعانى منها المواطن المصرى، وطرق علاجها من الناحية الدينية.
ومن الناحية النفسية، أوضح الدكتور محمد الحديدى الأستاذ بجامعة المنصورة، أن العنف بالنسبة للأطفال أو للشباب سببه ضعف العامل الدينى للأسرة، نتيجة استغراقها فى مشاكل الحياة، لافتا إلى أن المشاهدات المستمرة خلال المسلسلات والأفلام نلاحظ فيها تطاول الأبناء على آبائهم بشكل مثير، ودون أن نقصد نزرع ذلك فى أولادنا، وهذا فى حد ذاته تشجيع بطريقة غير مباشرة على عدم احترام الصغار للكبار.
وأضاف "الحديدى" أن تكاثر صور ومشاهد العنف، خاصة بعد الثورة وحمل الشباب للأسلحة دون وضع قيود عليهم، أصبح عاديا، وقال إن التصرف السلوكى الخطأ لم يوجد له أى رادع، وأى سلوك فى الدنيا له أساسيات يمكن أن تزيد أو تختفى، وإذا لم يتم ردع السلوك الخاطئ فسيستمر بصورة واضحة.
أما عن العقوبة القانونية، ذكر المستشار علاء رجب القاضى بمحكمة الزقازيق، أن عملية القتل تختلف من شخص إلى آخر على تباين العمر، وبالتالى هناك اختلاف فى نوع العقوبة الواقعة على الجانى، فإذا كان الابن الذى يقتل والده أو والدته بالغا تصل العقوبة إلى الإعدام إذا كان القتل فى هذه الحالة عن عمد مع سبق الإصرار والترصد، ويصل إلى المؤبد 25 سنة إذا كان القتل عمدا فقط، مع تباين فى ملابسات وظروف طريقة القتل ذاتها، مشددا على أن العقوبة لا تقل عن السجن المؤبد، وإذا كان المتهم يعانى من مرض نفسى فسيحكم عليه القاضى بالسجن المؤبد داخل مستشفى الأمراض النفسية والعقلية.
وقال المستشار عبد الرحمن الطاف رئيس محكمة شمال القاهرة، إن عقوبة أى واقعة، سواء كانت "سرقة، ضرب، قتل" لها حدان أقصى وأدنى، والقاضى هو الذى يرى ملابسات الجريمة ويتخذ قرارا بالحكم المشدد أو المخفف، مشيرا إلى أن القاعدة الموجودة فى الشريعة، وأيضا فى نص القانون المدنى وهى "لا يرث القاتل"، ويعنى هذا أن الابن الذى يقتل والده لا يرث فيه، وأن هذه الجريمة فى حد ذاتها لم يكن لها عقوبة خاصة، فالقاتل هو متهم فى نظر القانون سواء أن قتل والديه أو أى شخص آخر.
على خلفية تعدد جرائم قتل الأبناء للآباء.. أساتذة الأزهر: ضعف إيمان.. و"نفسيون": المخدرات تدفع الفرد لارتكاب كافة الجرائم.. و"القضاة: العقوبة تتراوح بين الإعدام والسجن المؤبد
الإثنين، 14 يناير 2013 03:46 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد محسن
الحيوانات أرحم ببعضها من الآدميين
معنديش كلام تاني أقوله بعد اللي قرأته