◄داود: المنشقون فى طريقهم لعمل جمعية دعوية.. وأتوقع حدوث أزمة بين الإخوان فى الجماعة.. وشباب الجماعة يشعر بالقلق ويضع علامات الاستفهام على قرارات الإرشاد.
◄هيثم أبو خليل: يصعب عمل تيار موازى للجماعة فى الوقت الحالى.. قيادات الجماعة نقلت التيبس إلى باقى الأعضاء.. وعدم سعى الدكتور أبو الفتوح لضم المنشقين لحزب أو جماعة واحدة أدى لعدم تكتلهم.
◄الهلباوى: انشقاقات الجماعة لن تؤثر عليها فى شىء بسبب قوة التنظيم.. لا يوجد تنظيم دعوى مماثل يستطيع جذب المزيد من الأفراد للانضمام إليه.. ولن يكتب النجاح لجماعات المنشقين
الانشقاق عن الجماعة الأم "جماعة الإخوان المسلمين" لم يكن وليداً لهذه الفترة الحالية التى تزامن معها استقالة عدد كبير من أبرز رموز الجماعة وخاصة بعد ثورة الـ25 من يناير والتى اعتبرها البعض بداية لعدد من الاستقالات قد تهدد عرش الجماعة فى الفترة القادمة، ولكن استبعد عدد من المحللين، والمنشقون عن الجماعة هذا الأمر وارجعوا السبب فى ذلك إلى طبيعة عمل التنظيم داخل الجماعة ومدى قوته حتى مع ظهور هذه البوادر والتمرد ضد مبادئ الجماعة، وإنكار مبدأ السمع والطاعة وعدم السير فى ركاب قرارات مكتب الإرشاد، كما صوره البعض.
وبالنظر إلى هذه الانشقاقات نجد أن أبرزها كان فى بداية إنشاء الجماعة وما يطلق عليه الرعيل الأول وهم الثلاثى محمد عبد السميع الغنيمة وسالم غيث وعلى أحمد السكرى، فهم أول من طبق عليهم قرار الإعفاء من جماعة الإخوان المسلمين، عام 1947 وذلك بعد توجيه الاتهام لأحدهم "السكرى" بمخالفته لمنهج الجماعة والذى وصل فيها إلى منصب وكيل إمام الإخوان المسلمين قبل خروجه منها، ليؤسس جمعية «الإخوان المجاهدون الأحرار».
وذلك بعد أن قام بشن هجوم على المرشد العام للجماعة حسن البنا، ذكر فيه أن له اتصالات ببعض الشخصيات الأجنبية حسبما ورد فى قرار الإعفاء بالإضافة إلى وصفه للبنا بالاستبداد فى اتخاذ القرار واعتبرته الجماعة ناقضاً للعهد حانثًا باليمين مُحاربًا للدعوة، وكذلك كل من اتصل به أو ناصره وهما محمد عبد السميع الغنيمة وسالم غيث.
وجاء نص القرار كالتالى «إعفاء كل من الأستاذ محمد عبد السميع الغنيمة أفندى والأستاذ سالم غيث أفندى والأستاذ أحمد السكرى أفندى من عضوية الجماعة، لما تعرفه الهيئة من تصرفات الأستاذ أحمد السكرى، واعتباره مُناقضاً للعهد حانثًا باليمين خارجاً على الجماعة مُحاربًا للدعوة، وكذلك كل من اتصل به أو ناصره».
وقد تعرف السكرى على البنا فى جمعية الإخوان الصحافية، وأسسا سويًا جمعية «الصحافية الخيرية» برئاسته، وكان البنا سكرتيراً لها بهدف «محاربة المنكرات والتصدى للتبشير» وبعد تأسيس جماعة الإخوان المسلمين بالإسماعيلية عام 1928، أنشأ شعبة للإخوان بالمحمودية، وصار نائبا لها عام 1929، وشارك فى أول اجتماع لمجلس شورى الإخوان فى 15 يونيو 1933، ثم اختير عضواً منتدباً فى مكتب الإرشاد، وبعد أن انتقل الإخوان للقاهرة اختير وكيلاً لـ«البنا»، كما ترأس الإدارة السياسية لمجلة الإخوان المسلمين.
ويأتى بعدهم على قائمة أبرز المنشقين عن الجماعة الثنائى أبو العلا ماضى وعصام سلطان ومعهم 46 عضواً تم قبول استقالاتهم فى عام 1996 على خلفية تقدمهم بأوراق حزب جديد يعبر عن التيار الإصلاحى بالجماعة، فيما اعتبره قادة الجماعة خروجا عن التقاليد ومخالفة للقواعد المنصوص عليها داخل جماعة الإخوان المسلمين.
وترجع تلك الإحداث إلى الوقت الذى تقدم فيه «ماضى» بأوراق الحزب، وحاولت الجماعة أن يتراجع «ماضى» عن فكرة الحزب، وأن يقوم بسحب الأوراق، وهو ما قوبل منه بالرفض، وجاء ذلك فى الوقت الذى قامت فيه قوات الأمن باعتقاله واثنين من مؤسسى الحزب ومعهم مهدى عاكف، ومصطفى الغنيمة، من غير المؤسسين، بتهمة التحايل على الشرعية وتأسيس حزب سياسى، وأحيلوا إلى المحاكمة العسكرية بعد تغيير التوصيف إلى «محاولة تكوين تنظيم غير مشروع»، وحصل الثلاثة المؤسسون على البراءة فيما، حكم على 7 آخرين.
كانت الفكرة مربكة للجماعة، وأمن الدولة وقتها، وهو الأمر الذى وصفه عصام سلطان نائب رئيس الحزب: «لم يكن الوسط بالمعنى السابق تمرداً على جماعة الإخوان فقط، لكنه أيضاً كان تمرداً على قواعد اللعبة السياسية والأمنية، فحار بشأنه النظام الحاكم والأجهزة الأمنية وطلب المستشار مأمون الهضيبى، مرشد جماعة الإخوان المسلمين، فى ذلك الوقت من أعضاء الجماعة الاستقالة من الحزب.
ومن أشهر المستقيلين عن الجماعة فى بداية الألفية المحامى ثروت الخرباوى اختلف مع الإخوان عقب حبس مختار نوح الإخوانى البارز فى قضية النقابات المهنية التى حوكم عدد من الإخوان بمقتضاها أمام المحكمة العسكرية عام 2000 وترتب على خلاف الخرباوى مع الإخوان انفصاله عنهم عام 2002.
وذلك عندما تم عقد جلسة محاكمة له قضت بفصله من الجماعة على إثر اتهامات له بقيامه بدعاية مضادة لقائمة الإخوان فى نقابة المحامين، ثم أعيدت محاكمته وإلغاء فصله إثر تدخل من عبد المنعم أبو الفتوح ليتم إصدار قرار يقضى بوقفه لمدة شهر وبكتابة "خطاب محبة" إلى المرشد.
بعد أربعة أشهر اتهم مجدداً من قبل المحامى الإخوانى محمد طوسون بأنه وراء الوقوف ضده فى نقابة المحامين فى مسعى الأخير للحصول على منصب وكيل النقابة، ليتم عقد محاكمة أخرى له داخل الجماعة وليرفض الخرباوى حضورها وليبلغ بعد أسبوع من قبل رجل الأعمال الإخوانى ممدوح الحسينى بفصله من الجماعة.
ثم يأتى عام 2011 والذى سمى بعام استقالات الجماعة، حيث استقال إبراهيم الزعفرانى القيادى الإخوان بالإسكندرية وعضو مجلس شورى الجماعة بها الذى شكك فى انتخابات المرشد العام، وكان عضوًا بالإخوان لأكثر من 45 عامًا، وشملت الاستقالات الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذى خالف رأى الجماعة وأبدى استعداده للترشح لرئاسة الجمهورية والدكتور كمال الهلباوى، أحد أبرز قياديى الإخوان فى التنظيم الدولى حتى عام 1997، حيث كان متحدثًا باسم الإخوان فى أوروبا، والقيادى بالإسكندرية هيثم أبو خليل، مدير مركز "ضحايا لحقوق الإنسان" وعبد الستار المليجى، والدكتور محمد حبيب وعشرة من الأعضاء الذين انشقوا عن الجماعة لتأسيس حزب "التيار المصرى"، ومن بينهم إسلام لطفى وعبد الرحمن خليل واللذان كان لهما دور فى نشاط الائتلافات الثورية بعد 25 يناير، وكانوا قد تلقوا تعليمات بعدم الانضمام لأى حزب سياسى بخلاف "الحرية والعدالة".
وحول هذه الموجة من الاستقالات ومدى تأثيرها على وضع الجماعة فى الفترة القادمة، أوضح هيثم أبو خليل القيادى المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، أن قيادات الجماعة قد نقلت التيبس إلى باقى الأعضاء وأنه فى حالة ذهول لعدم وجود رد فعل من قبل شباب الجماعة وخاصة بعد ثورة 25 يناير وانشقاق عدد من رموز الجماعة واعتراضهم على حالة الجمود التى تسيطر على وضع الجماعة من الداخل وعدم الالتفات لمطالبات التغيير والشفافية فيما يتعلق بالترشيح والتعيين فى المناصب العليا والقوائم المالية وغيرها من الأمور.
وحول ما يتردد عن عمل تيار موازى للجماعة يضم المنشقين عنها، أوضح أبو خليل أن هذا الأمر من الصعوبة البالغة فى الوقت الحالى وخاصة بعد تفرق المنشقين على أكثر من حزب ودلل على ذلك بحزب عبد المنعم أبو الفتوح وعمرو خالد والنهضة، ولفت إلى أن عدم سعى الدكتور أبو الفتوح لضم المنشقين لحزب أو جماعة واحدة هو الذى أدى إلى عدم تكتلهم فى كيان واحد مشيرا إلى أنه الوحيد القادر على إتمام هذا العمل.
وأفاد أبو خليل أن المعركة معركة وعى حينما يدرك أعضاء الجماعة أهمية التغيير إلا أن الوقت الحالى لا يسمح بأى حركة للتغيير فى ظل السيطرة الكاملة لبعض القيادات الحالية على مجريات الأمور فى الداخل والخارج وليس شخصاً بمفرده وعلى رأسهم المهندس خيرت الشاطر ومحمود عزت وآخرين.
وقال هيثم إن هذه المجموعة المسيطرة تدفع برجالها لتقلد المناصب القيادية سواء بالجماعة أو الحزب ودلل أبو خليل على ذلك بتصعيد حسين إبراهيم لأمانة الحزب ومن قبله الكتاتنى وغيرهم من رجال هذه المجموعة.
وأشار أبو خليل إلى أن الجماعة ليس بها حيوية كما فى التيار السلفى وهناك دماء جديدة بدأت فى الظهور على الساحة من أبناء هذا التيار سوف يصبح لها تأثير كبير على الساحة السياسية فى الوقت القريب.
وأضاف كمال الهلباوى، القيادى السابق بالجماعة، أن الاستقالات التى تمت مؤخرا من أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين لن تؤثر عليها فى شىء والأغلبية تتجه للعمل التنموى من خلال عمل جمعيات مدنية.
وأرجع الهلباوى ذلك إلى قوة التنظيم داخل الجماعة ولفت إلى أنه لا يوجد تنظيم دعوى مماثل يستطيع جذب المزيد من الأفراد للانضمام إليه مثلما يفعل الإخوان ولهذا السبب سوف تظل الجماعة فى المحافظة على هيكلها التنظيمى، وأن ما سوف ينجم عن تأسيس تيارات أخرى موازية لعمل الجماعة من المنشقين فلن يكتب لها النجاح مثل الجماعة.
وعن حدوث انشقاقات أخرى عن الجماعة من قبل أعضاء جدد فى الفترة القادمة أوضح الهلباوى أن هذا الأمر وارد حدوثه.
قال المهندس خالد داود، القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين، أتصور أن الانشقاقات داخل الجماعة هى انشقاقات فى خلاف إدارى أكثر من أى شىء آخر، وهناك بعض الأدبيات التى يرفضها البعض مع الإدارة الحالية للجماعة لكن المشروع الإسلامى مشروعنا ونتفق عليه.
وأشار داود أن الخلط بين الحزب والجماعة هو الأساس فى حدوث معظم هذه الاستقالات عن الجماعة فقد خرجوا عن فكر المؤسس حسن البنا ودعوته وأتصور أن جماعة الإخوان الآن لم تكن تفهم الدعوة أكثر من فهمها للسياسة ولذلك فقدوا الكثير من رصيدهم لدى الشعب المصرى.
وأشار داود إلى أن موجة الانشقاقات سوف تؤثر على جسم الجماعة، ورصيدها لدى المصريين فى تراجع مستمر، وأتوقع حدوث أزمة بين الإخوان فى الجماعة فكثير من الشباب فى حالة قلق ووضع كثير من علامات الاستفهام حول مواقف الجماعة فى الفترة الأخيرة مما سيؤدى لاستمرار الانشقاقات.
وحول عمل تنظيمات موازية لعمل الجماعة، أفاد داود بقوله نعمل حاليا على تأسيس جمعية مدنية تهتم بشئون الدعوة الخالصة دون الدخول فى المعترك السياسى والتى انضم إليها عدد كبير من الأخوة المنشقين وعلى رأسهم كمال الهلباوى والشيخ عبد العزيز العشرى ومحمد حبيب ومحمد الحديدى تهتم فى المقام الأول بإحياء تعاليم الدين الإسلامى وسوف يتم الإعلان عنها قريبا.
المنشقون عن "الإخوان" يتحدثون عن استقالاتهم.. ويواجهون عرش الجماعة بتكوين جمعية دعوية موازية لها.. ويحذرون: نشعر بالقلق على الشباب.. ويؤكدون: التيار السلفى أكثر حيوية
الإثنين، 14 يناير 2013 07:25 ص