د. ياسر رجب

التمكين

الأحد، 13 يناير 2013 11:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وكأنها عادة التاريخ مع مصر فى أيامها الحرجة ومراحلها الانتقالية ولحظاتها نحو التحول للأفضل سياسيا واقتصاديا أن يكون الحمل مبتسرا، ولكنه بعد الثورة المجيدة أنتج لنا تسمما فى الحمل، مما أفرز لنا جنينا مشوها.

كان من الأولى للدستور الوليد أن تتوافر له بيئة صحية من التفاهمات والتوافق بعيدا عن أجواء المليونيات المضادة وخطابات الكراهية فى الفضائيات.

ومازال مسلسل إجهاض الآمال مستمرا.

أعتقد بقوة أن سياسة (لم يكن فى الإمكان أبدع مما كان) لا يمكن استخدامها مع الدساتير ومن المفترض من الأساس ألا يتم استخدامها. فالدساتير تحتاج لوقت طويل من الحوار المجتمعى وافتقد الدستور الوليد لمثل تلك الميزة التى تمنحه مناعة ضد الرفض الشعبى، فعلى الرغم من حصول الدستور على نسبة الثلثين من الأصوات وعلى الرغم من نشرات التشفى على صفحات التواصل الاجتماعى من جانب الإخوان بأن نصرهم كان مزدوجا، لأن التصويت كان فى باطنه تصويتا على مشروعهم النهضوى والرئيس مرسى، إلا أن التصويت كان مطعما بانشقاق فى الصف الشعبى وزلزال فى السلك القضائى ودماء على قصر الاتحادية.

حتى إن الإخوان لم يفلحوا رغم القدرة على الحشد ورغم مساعدة باقى التيارات الإسلامية - على إقناع نحو ثلثى من له حق التصويت فى النزول للتصويت، وأعتقد أن تلك المظاهر تعد فشلا واضحا.

قلتم إنه الدستور الأفضل فى التاريخ والبلد كما تقولون واقفة وحالها يغم النفس؟ كما عهدتكم تلعبوا بنغمة الاستقرار أو خراب البلد عندما تريدون وكما فعلتم فى الاستفتاء السابق لماذا لا تريدون إظهار حسن نواياكم والعمل لمصلحة المجموع.

لم يتم التخطيط الجيد لمستقبل مأمول ولملعب واضح الخطوط نلعب فيه السياسة بعدالة ولعب نظيف؟ لماذا تعجلتم ورفقاءكم فى وجهات النظر أبو الفتوح وأبو إسماعيل يعتقدون أن الدستور كان يحتاج وقتا أطول للنقاش والمراجعة والفحص والتمحيص.

الدستور يا سادة ليس كتابا مقدسا لا تتم مخالفته.. الدستور يا سادة لن يتم حفظه بالرئيس أو بمجلس الشعب بل تتم حمايته بقوة الرأى العام ويا حسرتاه يغط الرأى العام فى سبات عميق لأنه يريد الاستيقاظ مبكرا كى لا يتأخر عن عمله أو انه متعب من الشارع المرورى الخنيق والشارع السياسى البطىء.

يبدو التمكين الإخوانى واضحا للقارئ الكريم - وأحد أهم وسائله ونتائجه الدستور الجديد- فإن لم تكن تراه فمن المؤكد أنك تشتم رائحته تسمع ضجيجه المزعج تتعرف على طعمه المر. فقد علمت أن وزير القوى العاملة اعتمد فى اختياراته فى الوزارة على صلاة الاستخارة وقد استقر بتلك الوسيلة على معظم قياداته من الإخوان – يا سلام -.

وقرأت أيضا أن وزير الإعلام حزين لعدم وجود كوادر إخوانية جاهزة يتم إلحاقها بوزارة الإعلام وبرر ما قال بصدور حكم – يا للعجب - يقرر أن الإخوان هم الأكثر عفة وأمانة وحفاظا على المال العام والأقدر على تحمل المسئولية. بل إن إحدى الأخوات قالت بأنه لابد من أخونة الدولة.

حتى إن د.أبو الفتوح قال سابقا إن الإخوان يعتقدوا أن الرئاسة شعبة من شعب الجماعة.

لابد من اقتحام المعبد ومعرفة أسراره لتغليب مصالح الوطن على مصالح الجماعة أى جماعة حتى وإن لم تكن جماعة الإخوان. فمسألة الأخونة ستقسم النواة الداخلية لمصر، وبالتالى فهى مسالة أمن قومى من ناحية حيث سيتم إقصاء الكفاءات وستهرب العقول المصرية ومن ناحية أخرى ستضر الأخونة بالإخوان أنفسهم، حيث ستعمل كل الأطياف على الانضمام للحزب الوطنى الجديد (لتسليك المصالح) – عفوا - أو للتمتع بمزايا الحزب الحاكم، وبالتالى سيكون فصيل حملة المباخر -بالمناسبة أغلبهم من الحزب الوطنى – أول مسمار فى نعش حكم الإخوان.

ما يقلق أن الإخوان يعتقدوا أن الأخونة حقهم لأنهم من تتم مساءلته فى مصر فلابد من أن تكون الحياة كلها إخوانية اللون وقد يعتقدوا أن من حقهم الأخونة لأنهم الأطهر والأعف والأقدر على الحفاظ على المال العام على حد قول الوزير الإخوانى صلاح عبد المقصود. وقد يعتقدون أن الأخونة حقهم لأنهم حزب أغلبية وهم بتلك المغالطة يخلطون بين الحزب والدولة بكيانها وسلطاتها.

التمكين يا سادة أو الأخونة هو الحاضر الغائب فى بلدنا هو الجندى المجهول للجماعة وما عداه قنابل دخان تتسلى بها برامج التوك شو ليلا ليتبخر صباحا فتصريحات العريان عن يهود مصر وتصريحات المرشد عن الجيش كلها قنابل دخان أو قل قنابل صوتية.

والسؤال المفتوح هو هل ينجح الإخوان فى التمكين واستمرار غلق التابوهات؟ وما هى مقومات النجاح والفشل ؟ وما هى نتائج النجاح وما هى نتائج الفشل؟

باختصار أعتقد الفشل فمصر أكبر من أن تقودها جماعة أو فئة وأراهن على النواة الصلبة لمصر، وتلك النواة هى التاريخ الطويل من التسامح الدينى الفطرى وتركيبة معقدة من التنوع الفكرى والثقافى والاجتماعى، أما إن كان النجاح حليفا لهم سيكون بمساعدة الحلفاء من التيار الإسلامى أو المنتفعين من التيارات الأخرى وخاصة فلول الوطنى.





مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد من طنطا

وكأنها عادة التاريخ مع مصر فى أيامها الحرجة ومراحلها الانتقالية ولحظاتها

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

قيادة الاخوان للفترة الانتقالية نجحت الي حد ما

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة