أكد اقتصاديون ومصرفيون أن قرار نيابة الاموال العامة بفتح الباب للتصالح مع رجال الأعمال بينهم رشيد محمد رشيد وحسين سالم وزهير جرانة وبعض رموز النظام السابق، يفتح الباب لعودة الاستثمارات الأجنبية بعد استعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى، ويستعيد رؤوس الأموال الأجنبية التى تدفع النمو الاقتصادى مرة أخرى، مؤكدين أنها رسالة إيجابية لإعلاء دولة القانون، وأنه لا يمكن التصالح مع قتلة الثوار.
قال خالد أبو بكر رئيس الجانب المصرى بمجلس الأعمال المصرى الإيطالى، إن الإعلان عن التصالح مع رجال الأعمال يعد مؤشرًا جيدًا من شأنه أن يعكس قوة الدولة فى التعامل مع الموضوعات الاقتصادية.
وأضاف أبو بكر فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أن التصالح مع رجال الأعمال يجب أن يضع فى اعتباره مجموعة من الأمور أهمها أن يعتمد على الشفافية فى إعلان بنود التصالح مع رجال الأعمال، وما إذا كان رجال الأعمال المنطبق عليهم التصالح يتم التصالح معهم فى قضايا مالية وهم مذنبون أم لا، لافتا إلى أن فى أوروبا العدل هو العدل.
وأشار أبو بكر إلى أنه لابد أن نفرق أولا بين القضايا الجنائية التى لا يمكن التصالح فيها، وغيرها من القضايا المالية التى من الممكن إيجاد حلولا لها للتصالح، وخاصة إذا كانت تتوافر فيها عدم التعمد، وبناء على هذا الأساس يمكن وضع خريطة واضحة للتصالح مع رجال الأعمال.
وأكد أبو بكر، أن الأهم من التصالح مع رجال الأعمال هو إرساء مناخ عام يشجع كافة المستثمرين على الاستثمار فى مصر باعتبارها دولة قانون، وأن الدولة قادرة على الفصل فى قضايا رجال الأعمال وفقا للقانون.
من جانبه قال الدكتور سمير النجار، أحد كبار رجال الأعمال العاملين بقطاع الزراعة، إن إعلان التصالح مع رجال الأعمال يعتبر عملا إيجابيا باعتبارها أحد الموضوعات العالقة منذ قيام الثورة وحتى الآن.
وأضاف النجار، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أن ملف رجال الأعمال بعد الثورة شابه نوعا من الغموض حول الاتهامات التى تم توجيهها إلى رجال الأعمال، ومدى حقيقتها، وخاصة فيما يتعلق بالمهندس رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة والتجارة الأسبق، لافتا إلى أن عددا كبيرا منهم كان مشهودا له بالنزاهة.
وأشار النجار إلى أن بعض رجال الأعمال المتهمين حاليا فى قضايا مالية لا يمكن تعويضهم فى الوقت الحالى، نظرا للخبرة الواسعة التى كانوا يتمتعون بها، لافتا إلى أن أحد أوجه الأزمة الاقتصادية الحالية هو عدم توافر الخبرات الاقتصادية القادرة على إيجاد حلولا غير تقليدية للتعامل مع الأزمات.
ويرى الدكتور محرم هلال، رئيس مجلس الأعمال المصرى القطرى، أن التصالح مع رجال الأعمال يجب أن يعتمد على عدة معايير، ومنها أن يكون مبدأ التصالح متاح أمام رجال الأعمال ممن لم تثبت عليهم تهمة الفساد المالى أو الجنائى، وهو ما يترتب عليه خلق بيئة استثمارية جيدة قوامها إعمال القانون وتطبيقه على الجميع.
وأضاف هلال، أن رجال الأعمال الذين تثبت ضدهم تهم الفساد المالى والجنائى، خاصة قضايا المال العام لا يمكن التصالح معهم، بل يجب أن يطبق عليهم صحيح القانون، مشيرا إلى أن إرساء هذه القواعد من شأنه توفير عناصر المناخ الاقتصادى والاستثمارى الجاذب للاستثمار الأجنبى، ويشجع المستثمر الوطنى على تعزيز استثماراته فى الداخل، لتوفير مزيد من فرص العمل والحد من معدلات الفقر والبطالة.
من جانبه قال رجل الأعمال عادل العزبى، أن التصالح مع المستثمرين أفضل وسيلة لاسترداد جزء من الأموال والديون لدى البنوك، مؤكدًا أن هذه الخطوة جيدة، وستكون لها تأثير إيجابى على الاقتصاد المصرى، ولكن إذا صدقت النوايا، مشيراً إلى أن اليد القانونية على المستثمر هى يد غليظة، أما التفاوض فسيأتى بثماره.
وأشار إلى أن التصالح لا يترك فى يد لجنة أو مجموعة من الأفراد منتمين للنظام البائد ومشاركين فى الفساد حتى لو كانت هذه اللجنة برئاسة رئيس الوزراء، كما أن الخطر الأكبر من طرح مفهوم المصالحة يكمن فى أن كثير من قيادات حزب الحرية والعدالة رجال أعمال ولديهم علاقات وثيقة برجال الأعمال الفاسدين ولذلك يُخشى من تأثيرهم ونفوذهم على عملية التصالح التى لابد أن تحافظ على أموال الشعب.
وقال محمد المنوفى، رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمرى 6 أكتوبر، أن هناك رجال أعمال لا يمكن التصالح معهم لأن سيطرتهم على الاقتصاد سلبى، وممارساتهم الاحتكارية على السلع الاستراتيجية تهدد الأمن الاقتصادى، وتقلل من فرص المنافسة التى تصب فى مصلحة المستهلك.
وأيد "المنوفى"، تلك الخطوة للتصالح مع راجل الأعمال، ولكن بشرط أن يكون التصالح مع رجال الأعمال الجادين فقط، مشيرًا إلى أن الأمر يحتاج لدراسة شاملة ومستفيضة، ولا يجوز التصالح مع أى رجل أعمال ثبت عليه ارتكابه أعمال مخالفة للقانون.
وقال الخبير الاقتصادى إبراهيم العيسوى، مستشار معهد التخطيط، إن الشق السياسى للتصالح مع رجال الأعمال هو الأهم، ويتعلق أيضا بمدى تقبل المجتمع للتصالح مع الفاسدين.
وأضاف أن التصالح فى الدعاوى القضائية مع رجال أعمال ورموز النظام السابق المحبوسين جنائيًا فى قضايا فساد مالى، مقابل التنازل عن بعض ثرواتهم، قد يفتح الباب لمزيد من عمليات فساد فى المستقبل، كما أنه لن يعطى إشارة جيدة على مناخ الاستثمار فى البلاد، مضيفًا أن الموافقة على مثل هذا القرار قد يثير بلبلة فى المجتمع المصرى.
وقال أحمد سليم، المدير بالبنك العربى الأفريقى الدولى، إن التصالح فى قضايا رموز النظام السابق تتطلب أن يتم تحديد حجم التجاوز فى القضايا المالية، وأن تتم التسوية وفقًا لمبدأ المصلحة العامة للدولة، واسترداد حصيلة تلك الغرامات وفروق الأسعار، وتوضع فى حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزى، لتنمية المشروعات ودفع النمو الاقتصادى عن طريق توجيهها للمشروعات الجديدة.
وأضاف "سليم"، لـ"اليوم السابع"، إن قرار التصالح ينظمه القانون، وهو من شأنه أن يرسل برسالة طمأنة إلى المستثمرين العرب والأجانب حول تفهم الدولة لقضايا التصالح وإرجاعها للقانون، وأن هذا سوف يدفع الاستثمار مرة أخرى للعودة إلى الأسواق المصرية، بعد تأثر الاحتياطى الأجنبى، والذى تراجع إلى الحد الحرج بـ15 مليار دولار فى نهاية ديسمبر، بسبب تراجع الاستثمارات والسياحة.
وأكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، إن عملية التصالح مع رموز النظام السابق خطوة مهمة جدا لتعزيز الاقتصاد المحلى خلال الفترة المقبلة.
واشترط "عبده"، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، ألا تكون أيدى من يتم التصالح معه ملطخة بدماء الشهداء، مضيفًا أن التصالح يتم على أرقام مالية ضخمة وليس على حسب هواهم.
وقال عبده أن رموز النظام السابق استفادوا بمليارات الجنيهات طيلة مدة الحكم السابق، وفى حال التصالح معهم لابد أن يعيدوا تلك المليارات بالكامل، معتبرًا أن هذه الأموال هى ملك ومن حق الشعب المصرى.
وأضاف عبده أن عملية التصالح مع رموز النظام السابق ستعطى انطباعا إيجابيا لدى المستثمرين الأجانب، متوقعًا فى الوقت نفسه أن تدخل استثمارات جديدة للسوق المصرى خلال الفترة المقبلة خاصة فى حال التصالح مع بعض الشركات والأشخاص ،مطالبا بضرورة التفاهم حول بعض المشاريع المهمة والتى توقفت من المستثمرين الأجانب.
وطالب "عبده" أن تشكل لجنة على قدر من النزاهة تقوم بإجراء عمليات التصالح وتكون بعيدة عن مصالح الأحزاب، مؤكدًا أن مصر تعيش حاليا حالة من اليأس فى الشارع بسبب الاقتصاد وتدهوره خلال الفترة الأخيرة.
اقتصاديون ومستثمرون:التصالح مع رموز "نظام مبارك" يعزز الثقة فى الاقتصاد..ويستعيد رؤوس الأموال الأجنبية..ورسالة إيجابية لإعلاء دولة القانون..ولا يمكن التصالح مع "قتلة الثوار"..ومطالب بتشكيل لجنة متخصصة
الأحد، 13 يناير 2013 02:27 م
هشام قنديل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة