5 آلاف نسمة فى جزيرة «القرصاية» ينتظرون تقرير المصير.. 3 روايات تحكى ما حدث فى موقعة نوفمبر.. والفلاحون يطالبون بعودة أراضيهم المنزوعة.. ويتساءلون: من وراء استخدام العنف؟

الأحد، 13 يناير 2013 12:36 م
 5 آلاف نسمة فى جزيرة «القرصاية» ينتظرون تقرير المصير.. 3 روايات تحكى ما حدث فى موقعة نوفمبر.. والفلاحون يطالبون بعودة أراضيهم المنزوعة.. ويتساءلون: من وراء استخدام العنف؟ جزيرة «القرصاية»
كتبت - صفاء عاشور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أيام ويصدر حكم نهائى ضد أو لصالح 26 مواطنا من جزيرة القرصاية، ممن تم اعتقالهم خلال شهر نوفمبر الماضى، على خلفية الاشتباكات التى وقعت بين القوات المسلحة وسكان الجزيرة، والتى أدت إلى وفاة أحد الصيادين وإصابة آخرين، وفيما توجه للمعتقلين الـ26 عدد من الاتهامات، تبدأ من الاستيلاء على أراضى القوات المسلحة، وتنتهى بالبلطجة، ومقاومة السلطات، مازال سكان الجزيرة يتساءلون عن السبب الحقيقى وراء استخدام العنف، وتطور الأمر بتلك الصورة الدرامية.

وتتناقل بين سكان الجزيرة ثلاث روايات، حول الأسباب الحقيقية وراء الحادث، أولها ترجع للجوء عدد من صيادى الجزيرة، إلى الأرض الخاصة بالجيش، لأخذ استراحة صغيرة، قبل العودة مرة أخرى إلى مراكبهم، وهو أمر يبرره الصيادون من سكان الجزيرة، بأنه أمر جائز، خاصة أنه يحق للصياد استخدام 40 مترا من اليابسة القريبة.

أما الرواية الثانية، فترجح إلى أن الحادث جاء بسبب إزالة الجيش لتعديات أهالى الجزيرة على أرضه، خاصة أن عددا من سكان الجزيرة من الفلاحين، قاموا بتوسيع أراضيهم على حساب الأراضى المخصصة للجيش، بعد ثورة 25 يناير. الرواية الثالثة تزعم تعدى الجيش على ملكية سكان الجزيرة من الفلاحين، حيث إن الأرض المخصصة للجيش بالجزيرة، هى فى الأساس ملك للسكان، وقد قام الجيش بالاستيلاء عليها عام 2007، وبعد الثورة استردها مالكوها، فأتى الجيش مرة أخرى لإعادة نزع ملكيتها من الأهالى. مصادر عسكرية مطلعة تناقلت عنها وسائل الإعلام قولها، إن تخصيص أراضى للقوات المسلحة بجزيرة القرصاية لها أهمية إستراتيجية، خاصة لدى المنطقة المركزية العسكرية، التى تستخدمها كنقاط ارتكاز لحماية القاهرة الكبرى، بالإضافة إلى أهميتها البالغة حال دخول البلد فى اضطرابات أو حروب تم خلالها ضرب الطرق البرية، الأمر الذى يعطيها أهمية خاصة باعتبارها مسرح عمليات مهما للقوات المسلحة من أجل تأمين عملية النقل النهرى حال تعطل الطرق البرية، وأكدت مصادر أخرى أن القوات المسلحة لم تقم بطرد أى مواطن من منزله منذ عام 2007، وهو الأمر الذى أكد عليه سكان الجزيرة.

وتقع جزيرة القرصاية داخل النيل مقابل شارع البحر الأعظم بجوار القرية الفرعونية بمدينة الجيزة، وتصل مساحتها إلى 158 فدانًا يعيش عليها 5 آلاف نسمة منهم 4 آلاف يعملون بمهنة الصيد، وألف أخرى يعملون بالزراعة.

وتمتلئ الجزيرة بوجه عام بالحكايات غير الحقيقية عن نية تهجيرهم خارج الجزيرة، فقد أصابتهم الحادثة العنيفة بصدمة بالغة، وأعادت إلى أذهانهم أجواء النظام السابق، حين حاول رجال النظام الاستيلاء على أراضى القرصاية، وتهجير سكانها بكل الطرق.

يقول عبدالعال جابر، أحد سكان الجزيرة، إن الحال شبه متوقف منذ الحادث، إذ ينشغل أقارب المعتقلين بزيارتهم، والاطمئنان على سير الإجراءات القانونية من محاميهم، وقد كان عدد من المعتقلين يمثلون العائل الوحيد لأسرهم، مشيرا إلى أبناء شقيقته الثلاثة، على وياسر ومصطفى، الذين اعتقلوا أثناء الأحداث، مخلفين وراءهم نسائهم وأطفالهم بلا عائل، ومن ناحية أخرى تمنع القوات المسلحة الصيادين من الصيد طوال ساعات الليل، وهى فترة كان يعتمد عليها عشرات من الصيادين، مضيفا أن البعد عن الجزيرة رغم كل ذلك، يعنى الموت له، فقد ولد على الجزيرة، ولا يستطيع أن يتخيل حياته بعيدا عنها، الأمر الذى يشاركه فيه جميع سكان الجزيرة تقريبا، حيث الحياة البسيطة، وصفتا الرضا و الصبر، اللتان أورثتهما مهنتا الصيد والزراعة، تصنع حالة من التناغم والتكافل، تقل معها الصراعات.

ومن دكان صغير على أطراف الجزيرة، أطلت إحدى السيدات العجائز برأسها قائلة: «لو سبنا الجزيرة هنموت»، رافضة ذكر اسمها خوفا وخجلا، مضيفة أن الدكان هو محل إقامتها، ومصدر رزقها الوحيد، حيث اضطرت منذ سنوات إلى ترك شقتها لابنها، حتى يتمكن من الزواج بها، وأتت إلى الجزيرة، حتى لا تسكن فى الشارع.

وتسكن شادية عبده بمسكن متواضع على أرض الجزيرة منذ 11 عاما، وتحتمل نقص الخدمات، وأزمة الصرف الصحى، التى تبدو بلا حل قريب، وتشير شادية إلى قانونية وضع السكان بالجزيرة، خاصة مع مد الحكومة للجزيرة بخدمات المياه والكهرباء، وهو الوضع الذى يتطلب حتما امتلاك الأوراق والمستندات التى تفيد ملكية الأهالى لمنازلهم.

وتؤكد شادية رواية الأهالى، التى تفيد أن عدد القتلى فاق العدد المذكور، وأن عشرات الجثث لا تزال مستقرة فى قاع النهر، لكن تلك الراوية لا يمكن آخذها كحقيقة مسلمة، خاصة أن جميع أهالى الجزيرة يعرفون بعضهم البعض، ولم تسجل أيا من حالات الاختفاء، بالتزامن مع الحادثة، والأمر فى الجزيرة يحتاج إلى التهدئة، فالشباب المتحمس يشعر بالغضب، بسبب ما حدث، خاصة أنه تم خلال الساعات الأولى من الفجر، ودون سابق إنذار، وفى مخالفة للمعاملة الجيدة، التى اعتاد عليها سكان الجزيرة، كما يؤكد بحر على، أحد الصيادين الشباب بالجزيرة، مضيفا أن الصيادين لا حاجة لهم لامتلاك الأراضى، لأن رزقهم فى البحر، فلماذا تم اعتقالهم.

ونفس السؤال الحائر وجهته أم جعفر، الذى اعتقل ابنها قبل شهر من موعد زفافه، وظلت شقته مغلقة، وتحول الفرح القريب، إلى مصير مجهول، أم جعفر أكدت أن ولدها كان العائل الوحيد لأسرتها، وأنها تنتظر كل يوم «فرج ربنا»، والرزق القليل «اللى بيجى من باب الله»، وفى بيت ضحية الحادثة الوحيد محمد عبدالموجود، كانت الحالة أشد بؤسا، إذ أكدت أم زوجته أنه كان صياد فى حاله، طيب القلب، وليس له أى عداوات بالجزيرة، كما كان أحيانا ما يؤذن للصلاة بجامع الجزيرة، بسبب صوته الرخيم.

وأضافت أنه رغم كون محمد زوجا لابنتها، فإنها تعتبره كابنها تماما، فقد ساهمت فى تربيته كطفل يتيم، فقد عائلته، وبعد أن اشتد عوده تزوج ابنتها، وأصبح رب عائلتها، وقد خلف وراءه 4 أطفال، أحدهم أصم، وآخر مصاب بكهرباء زائدة على المخ، تصيبه بنوبات صرع متكررة، وهى الآن لا تعرف كيف ستستطيع هى وابنتها تحمل أعباء الحياة بعد موت محمد، لكن «اللى خلقنا مش هينسانا».ظالحادثة وقعت بسبب 25 فدانا يستقر بها الجيش منذ عام 2007، ويقيم بينها وبين باقى أراضى الجزيرة حاجز، عن طريق شق مجرى مائى يفصل بين الأهالى والجيش، ويمنع التداخل، وقد رصدت «اليوم السابع» هدوءا تاما بالمنطقة، وعودة الحياة بشكل طبيعى حولها.ويصف محمد محمود، أحد سكان القرية، كيف تم تدمير كل المنشآت الخاصة فى مكان الحادث، فخسر هو ورشته، ومبلغ 22 ألف جنيه، مثل له خسارة مالية كبيرة جدا، فيما أبقى الجيش على البيوت السكنية هناك، ويؤكد محمد أنه يملك فدانين بتلك المنطقة، وأنه تم اعتقال والده، بتهمة الاستيلاء على أرض، تملكها عائلته من سنين، نفس الأمر أكده محمود عبدالمعطى، الذى يملك 9 قراريط بالأرض المخصصة للجيش، مضيفا أن الأهالى استردت تلك الأرض، بعد قيام الثورة، قبل أن يعود الجيش مرة أخرى لاستردادها، دون أى إنذارات سابقة.

ويضيف محمد محمود مرة أخرى: إن عائلته كانت من أولى العائلات التى عمرت جزيرة القرصاية، التى كانت قبل بناء السد العالى تغمرها المياه تماما، وكانت الأراضى موزعة بين عائلتين، عائلة أبوسلام، وعائلة أبوجمعة، وكل السكان الجزيرة الحاليين، سواء من الفلاحين أو الصيادين، اشتروا قطع أراضٍ من إحدى العائلتين، أو من سكان المناطق الجديدة الأخرى، التى ظهرت بعد بناء السد العالى، وانحصار مياه الفيضان عن الجزيرة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة