فورين بوليسى تزعم: تأسيس نظام قضائى إسلامى جديد بسيناء.. استغلال الفراغ القانونى والأمنى وتنظيم محاكم غير رسمية تسمى "لجان شرعية" تطبق رؤية للعدالة الإسلامية.. المحاكم الجديدة تنتشر فى قبو المنازل

السبت، 12 يناير 2013 12:36 ص
فورين بوليسى تزعم: تأسيس نظام قضائى إسلامى جديد بسيناء.. استغلال الفراغ القانونى والأمنى وتنظيم محاكم غير رسمية تسمى "لجان شرعية" تطبق رؤية للعدالة الإسلامية.. المحاكم الجديدة تنتشر فى قبو المنازل صورة ارشيفية
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
زعمت مجلة فورين بوليسى الأمريكية، أن هناك ملمحاً جديداً فى شبه جزيرة سيناء يتمثل فى ظهور ما أسمته بـ "نظام القضاء الإسلامى"، أو اللجان الشرعية التى تعمل كمحاكم تنظر فى قضايا وتصدر أحكاماً وفقا للشريعة الإسلامية.

وتحدثت الصحيفة فى البداية عن الأوضاع فى سيناء، وقالت إنه بعد مرور حوالى ستة أشهر على حادث رفح الذى قتل فيه 16 من الجنود المصريين، فإن البحث لا يزال جارياً عن المسلحين الجناة.. فالشرطة قليلة ومتباعدة ومن يقومون بدوريات فى الشوارع هم أنفسهم ضحايا مع اختطاف سيارات الشرطة فى وضح النهار، ويتعرض الضباط للاستيلاء على أسلحتهم فى مناخ من اللصوصية والخروج عن القانون.

وتشير الصحيفة إلى أنه على الرغم من الأهمية الاستراتيجية لمحافظتى شمال وجنوب سيناء إلا أنهما من بين أكثر المحافظات فقراً وأكثرهما هامشية من الناحية السياسية وتمنح كل منها أربعة مقاعد فقط فى مجلس الشعب المكون من 508 مقاعد.. وأدت عقود من الإهمال من جانب الحكومة لسيناء إلى اشتعال الاستياء بين القبائل البدوية والحكومة.

وذهبت الصحيفة إلى القول، إلى أن سيناء باعتبارها حاضنة طبيعية للاضطراب السياسى والاقتصادى، فإنها تتخذ بصورة متزايدة الخصائص المميزة للدولة الانفصالية التى تلعب بقواعدها الخاصة فى الفراغ الأمنى الذى خلفته الدولة البوليسية التى أنشاها مبارك، على حسب ما أشارت الصحيفة.

وتوضح الصحيفة ذلك بالقول إن تدهور الأوضاع الأمنية فى سيناء قد أدى إلى جعلها نقطة جذب لتجار المخدرات والأسلحة، وفى الوقت الذى يواجه فيه الاقتصاد المصرى الرسمى فى حالة من الفوضى، فإن هناك سوق سوداء لها تجارة تقدر بملايين الدولارات تزدهر فى مئات الأنفاق التى تربط سيناء بغزة، ووفر هذا الاقتصاد السرى عائدات مطلوبة بشدة لواحدة من أفقر المناطق، لكن صحبه موجة غير مرحب به من الجريمة وزيادة وتيرة الإرهاب.. فمنذ الثورة شهدت سيناء 14 هجوماً مختلفاً على خطوط تقل الغاز للأردن وإسرائيل والمزيد من عمليات سرقة السيارات والاعتداءات المسلحة والهجمات على الممتلكات العسكرية والشرطة وأخيرا محاولة تفجير استهدفت كنسية رفح.

وبرغم من قيام الحكومة بمصادرة شحنات من الأسلحة فى سيناء وبذل الجهود لغلق الأنفاق، لكن الحملة فشلت فى ردع المهربين الذين بدأوا فى إعادة فتح الأنفاق بمجرد انسحاب السلطات المصرية، ورفض معارضو سياسة مرسى فى مكافحة الإرهاب هذه الإجراءات باعتبارها سياسة مخادعة سياسيا هدفها طمأنة المجتمع الدولى بأن الحكومة المصرية تتعامل مع الإرهاب فى سيناء على محمل الجد.

وتحدثت الصحيفة عما أسمته تطبيق نظام العدالة الإسلامية فى سيناء، وقالت إن القبائل البدوية فى سيناء قد أخذت الأمور الأمنية على عاتقها وأدارت تلك القبائل نظاما قضائيا من خلال محاكم غير رسمية تعتمد بشكل متزايد على الشريعة الإسلامية.. وفى حين شكى السلفيون المحافظون من أن الدستور الجديد لا يوجد به دور قوى للشريعة، فإن المعركة على الشخصية الدينية للإطار القانونى المستقبلى قد فاض فى سيناء، حيث استغل الإسلاميون الفراغ القانونى وقاموا بتنظيم محاكم غير رسمية تطبق رؤيتهم للعدالة الإسلامية، هذا حسب قول الصحيفة.

ومضت فورين بوليسى قائلة إن ظهور ما تسميه نظام العدالة الإسلامية الموازى للنظام الحكومى، يشير إلى أن سيناء تتخذ بشكل بطىء أبعاد أدولة فرعية إسلامية.

وتمضى المجلة فى القول بأن الحكومة المصرية رسميا تنفى وجود أى سلطات قضائية غير رسمية أو غير مصرح بها، لكن أحد قضاة سيناء الذى رفض الكشف عن هويته قال، إنه لم يسمع عن أى محكمة فى سيناء غير المحكمة المدنية الرسمية التابعة للدولة، ولو علمنا بوجود مثل هذه المحاكم، فإن من يديروها سيتم اعتقالهم ومحاكمتهم.. إلا أن نفس المصدر أعرب عن قلقه بشأن تصاعد التشدد الدينى فى شبه الجزيرة، وهو الاتجاه الذى يرى أنه رد فعل على تدهور الأمن الاقتصادى والمادى.

وتقول فورين بوليسى، إن اللجان الشرعية هى مشهد لا يمكن إنكاره فى المشهد القانونى المتطور فى المصر.. وحسبما يقول الشيخ مرعى عرعر، قائد الحركة السلفية فى رفح، إن هناك على الأقل ستة لجان شرعية تعمل الآن فى شمال سيناء، فى كل منها يوجد حوالى خمسة من شيوخ القبائل، وأغلب هؤلاء الشيوخ لم يحصل على تدريب قانونى رسمى وقد يكون ذلك امتداداً لوصف اللجان لشرعية بالمحاكم حسب ما قالت المجلة.

وتشير الصحيفة إلى أن هذه المحاكم تعمل فى أماكن غير متوقعة مثل قبو المنازل أو حتى مراكز الرعاية بعد ساعات العمل، إلا أن القضايا التى يتعاملون معها خطيرة مثل تلك التى يتعامل معها النظام القضائى الرسمى، وتتراوح ما بين السرقة إلى النزاع على الأراضى إلى القتل، أما العقوبات المقابلة لهذه الجرائم المستمدة من الفقه الإسلامى تشمل الدية، وفترات صيام أو غرامات تدفع فى شكل جمال بدلا من الأموال النقدية.

وفى حين أن هذه العقوبات خفيفة نسبيا، فإن بعض المشايخ يقولون إنهم يتطلعون إلى تنفيذ الحدود الإسلامية، لكن حتى الآن، فإن اللجان ليس بقوة تنفيذها، فبدون الاعتراف أو الدعم من النظام القضائى الرسمى، فكيف سيكون لأحكامهم ثقل؟

وتوضح فورين بوليسى أن هناك تفسيرين معقولين على الأقل للأسلمة التدريجية لنظام القضاء القبلى، الأول أن العديد من البدو قد أصبح أكثر تعاطفا مع الإيديولوجية الإسلامية بعد سنوات من الاستبعاد السياسى والتمييز والسجن الجماعى فى ظل نظام مبارك، والتفسير الثانى لهذا الاتجاه والتقارب بين البدو والشريعة الإسلامية هو تحسن فى العلاقة المتوترة تاريخيا بين قبائل سيناء والجماعات السلفية بعدما تدهورت هذه العلاقة فى أعقاب الهجمات الإرهابية فى منتجعات البحر الأحمر فى عامى 2004 و2006.

وختمت فورين بوليسى تقريرها بالقول إنه على الرغم من أن الشيوخ يصرون على أن اللجان الشرعية جزء من الحل للتشدد الإسلامى، إلا أن معارضيهم يتساءلون عما إذا كان هناك إطار قانونى يستند على الدين يمكن أن يكون متوافقا مع القيم الديمقراطية والتعددية والتسامح، لكن طالما أن النظام القضائى الرسمى لا يزال مشوها من قبل إرث من الفساد وعدم الكفاءة، فإن اللجان الشرعية وجدت لتبقى ومدى نجاحهم فى نحت دولة شبه إسلامية فى سيناء يعتمد على ما إذا كان يمكن لحكومة مرسى إعادة تصنيف مؤسسات الدولة كضامن ذى مصداقية للعدالة والأمن.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة