يعرف القاصى والدانى أن كاتب هذه السطور، بدأ حياته ضابطا للشرطة، وشرفت بالخدمة فى عدة مواقع أمنية لم يكن من بينها جهاز أمن الدولة بالمناسبة، حتى أنهيت خدمتى ضابطا فى مكتب الوزير الأسبق حسن الألفى، متعه الله بالصحة، ثم استقلت بمحض إرادتى فى الأيام الأولى لتولى حبيب العادلى الوزارة عقب مجزرة الأقصر الشهيرة، وكنا نعرف تاريخ العادلى المهنى، وسيرته الذاتية التى لم تكن مشرفة.
خلال تلك الأعوام من العمل بوزارة الداخلية جمعتنى بالطبع علاقات زمالة وصداقة مع ضباط من خيرة أبناء مصر وعائلاتها العريقة، وعقب استقالتى عام 1997 عملت بالأهرام، ومضى كل منا فى طريقه الذى رسمته الأقدار، لم أشأ أن أتواصل معهم، لأن العادلى كان يتخذ منى موقفا شخصيا، لأنه فهم استقالتى باعتبارها عدم الرغبة فى العمل بمكتبه، وظل يقف فى طريقى، وهناك شهود من كبار الصحفيين أحياء يرزقون وأسماؤهم ملء السمع والبصر الآن اعتذروا لى لأنهم لن يستطيعوا نشر مقالات لى، أو إفساح المجال للعمل فى الفضائيات، لأن أمن الدولة كان يتصل بهم ويبلغهم بعبارة بسيطة حاسمة وهى «بلاش نبيل» ولو امتد بنا الأجل فسنكشف مزيدا من التفاصيل فى هذا المضمار.
ما علينا، المهم أن مصادفة ما جمعتنى بزميل وصديق قديم يشغل الآن منصبا هاما بجهاز الأمن، وامتد بنا الحوار للذكريات حتى وصلنا لما يجرى الآن فى مصر، وما شهدته المؤسسة الأمنية من أهوال هزتها على نحو لم تشهده منذ تأسيس نظارة الداخلية، وهنا وجدت الصديق مفعما بالمرارات، يتحدث عن انكسار وجدان الضباط، وسألنى باستنكار: عملت معنا سنوات، هل كنا لصوصا أو مرتشين؟ وهل كان يملك أى ضابط عدم تنفيذ تعليمات قيادته؟ لماذا ينكل بنا من سجنوا لأسباب سياسية؟.. انتهت المقابلة ورحت أسأل نفسى عن التعبير الذى شاع استخدامه إعلاميا وهو «الدولة العميقة»، لأكتشف أن من قابلته ومن هاتفته وغيرهما، نماذج لهذه الدولة العميقة، وأن المنطق يؤكد أن ضابطا أفنى زهرة شبابه فى ملاحقة الإخوان، وعرف عنهم كل شىء فى حياتهم العامة والخاصة، لا يمكن بين عشية وضحاها أن يؤدى التحية العسكرية لشخص كان ذات يوم بالنسبة له متهما، وبعضهم كانوا عملاء للأمن.
يدرك الإخوان ومعهم الجهاديون والسلفيون أن هؤلاء الضباط يعرفون عنهم الكثير، لهذا أصروا على تحويل المرحلة الانتقالية إلى «مرحلة انتقامية» فما كان من الضباط إلا أن التزموا «الاحتجاج السلبى» فبوسعك أن تراهم فى الشارع أو المكتب، وبعضهم استقال أو أنهيت خدمته، لكن مازال فى نفوسهم مرارات، وهذا هو سر الهشاشة الأمنية، فبعد اغتيالهم معنويا لا نتوقع أن يكونوا فاعلين، وأن استبدال وزير بآخر لن يغير فى الأمر كثيراً، لأن هؤلاء الضباط هم من يعملون ميدانيا وليس الوزير، وليس هناك من نصيحة سوى أن يعمل حكام مصر الجدد على استقلالية مؤسسة الأمن لتعيد ترتيب صفوفها كما حدث لجهاز المخابرات العامة بعد فضائح صلاح نصر، وإلا فسيظل حلم إقرار الأمن بعيد المنال.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
الشرطة والاخوان
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
كفاية كبرنا
عدد الردود 0
بواسطة:
مصطفى خالد
نبيل فية داء ومش عارف يبطلة
عدد الردود 0
بواسطة:
moustafa khaled
been there ,done that