الفرصة الأخيرة

نحن على مشارف انتخابات برلمانية ولابد للمعارضة أن تتعلم من الماضى وتبدأ فى تشكيل قائمة وطنية واحدة أو قائمتين متعاونتين على الأكثر
مسار خاطئ تم فرضه، جميعنا يعلم لماذا تم فرضه علينا جميعا ولماذا فرضه المجلس العسكرى وأيدته قوى اليمين الدينى منذ البداية.

دعوة لإعلان دستورى معيب فى مارس 2011، إعلان دستورى يدخل مصر فى متاهة طويلة ويقسم المجتمع إلى تقسيم غير صحيح، مدنى ودينى، أو مسلم وكافر.

ودخلت القوى الثورية فى معركة الاستفتاء، ولكن استطاعت قوى اليمين الدينى الحشد من أجل التصويت بنعم، سهل لهم هذه المهمة رغبة الشعب المصرى فى الاستقرار، بالإضافة إلى الدعاية الدينية الصريحة والإيحاء الكاذب بأن التصويت بـ«لا» ضد الشريعة.

وجاءت الانتخابات البرلمانية ونزلت القوى الثورية بأكثر من قائمة، بعضها ضد الآخر فى مواجهة اتحاد قوى اليمين الدينى التى لديها خبرة طويلة فى الانتخابات وخباياها ولديها القدرة التنظيمية والأموال الطائلة واستطاعت الفوز بالأغلبية.

ولم يتعلم أحد منا هذا الدرس، واكتفى البعض بالبكاء والعويل على هذه الخسارة، واستمرت الفرقة والانقسام.

وجاءت الانتخابات الرئاسية ونزل عدد من المرشحين المحسوبين على الثورة ضد بعضهم البعض مما أدى لما حدث فى الجولة الثانية، وكانت لخظة مختلفة وتغيرت المعسكرات طبقا لتقدير وقراءة كل فصيل، وليس كل من دعم مرسى إخوانيا أو منتميا لليمين الدينى، وليس كل من دعم شفيق فلولا أو منتميا للنظام القديم.

وتعمدت مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان أن يمررا الدستور بهذه الطريقة وفى هذه الفترة القصيرة، ولم تكن القوى الديمقراطية مستعدة لا بالحشد ولا بالتنظيم ولا بالتواصل مع الجماهير، واستطاعت قوى اليمين الدينى فى حشد الناس والعودة مرة أخرى لاستغلال حب المصريين للاستقرار وعاد مرة أخرى اللعب على العاطفة الدينية وتحويل المعركة السياسية إلى معركة مسلمين وكفار.

ونحن الآن على مشارف انتخابات مجلس النواب التى تعتبر من أهم الانتخابات فى مصر، فدور البرلمان أكبر مما مضى، وهو الذى له الكلمة العليا فى تشكيل الحكومة ومحاسبتها، ويستطيع طرح مواد فى الدستور للنقاش بأغلبية 1+50% ويستطيع التعديل إن وافق الثلثان.

إذن لابد أن تكون المعارضة أو القوى الديمقراطية تعلمت الدروس الماضية وأن تبدأ الجهود المنظمة لتشكيل قائمة وطنية واحدة أو قائمتين متعاونتين على الأكثر.
فهل يحدث ذلك فعلا؟

وهل تستطيع جبهة الإنقاذ قيادة حملة انتخابية منظمة بقوائم انتخابية بها رموز وقيادات شعبية حقيقية وخالية من أى شخصيات تورطت يوما فى الفساد وتستطيع تمثيل الشعب تمثيلا حقيقيا؟

هل تستطيع القوى الديمقراطية فى مصر كجبهة الإنقاذ والأحزاب أن تنظم حملات طرق أبواب وتتواصل بشكل حقيقى مع الشارع المصرى وتستطيع تسويق برنامجها فى الشارع المصرى؟

هل تستطيع قوى المعارضة الديمقراطية أن تدير حملة انتخابية ابتداء من اختيار المرشحين إلى تشكيل قوائم تعبر عن مصر إلى تنظيم حملة منظمة ومتصلة بالشارع المصرى إلى تجييش مراقبين ومندوبين كما ينبغى أن يكون؟

هل تستطيع الأحزاب التى ستخوض الانتخابات البرلمانية سواء فى جبهة الإنقاذ أو خارجها أن تضع معايير اختيار المرشحين، وأن تكون البرامج الانتخابية متوافقة مع أهداف الثورة التى لم تتحقق حتى الآن.

هل تستطيع القوى المدنية أو القوى الديمقراطية أن تشكل قوائم تمثل مصر الثورة، وأن تكون القوائم بها نسبة عالية من الشباب الذين صنعوا الثورة وتمثيل عادل للمرأة التى هى نصف المجتمع وأن يكون المرشحون على الكفاءة اللازمة للعضو البرلمانى، أم ستكون المعايير هى نفس المعايير القديمة.. الحاج فلان معاه فلوس والحاج علان وراه عيلته أو أهله أو عشيرته.

لا أسأل هل تلتزم قوى اليمين المتطرف وتكف عن حملات تشويه المعارضة وتخوين المختلف معهم سياسيا، وتكف عن تحويل التنافس الانتخابى إلى معركة جنة ونار أو مسلمين وكفار.. فمن الصعب أن يلتزموا بأخلاقيات المنافسة الشريفة، وقد جربناهم فى التجارب السابقة.

ولكن السؤال الآن هل تكون قوى المعارضة والقوى الديمقراطية على قدر المسؤولية وقادرة على المنافسة الحقيقية وإدارة المعركة باحترافية وتنظيم حقيقى وتقديم قوائم تمثل مصر بتنوعها، بشبابها بنسائها بكفائاتها؟

من المفترض أن يحدث ذلك.. فإنها الفرصة الأخيرة.