لم أكن أعلم أنها ستكون آخر خطواتى فى ذلك الطريق، ولم أكن أدرى بأننى سأفقد فردة حذائى لمدة شهر أو أكثر.. ولم أكن أظن أن الدنيا ضيقة إلى هذا الحد، تضيق بفقدان فردة حذاء.
أحسست أننى مكبلة القدم الواحدة، ولا أجرؤ على الحركة بحريتى المعهودة.. إذ إننى أسقطت قدمى الأخرى من الحسبان.
جال بخاطرى الكثير من الأفكار.. أحدها.. أنه بإمكانى توسعة درج الأحذية، فلا أضع إلا فردات الأحذية اليسرى وخاصة أن قدمى اليمنى هى التى أصيبت بكسور، لكنى لم أنفذ هذه الفكرة مراعاة لشعور فردة حذائى بالوحدة.
وكنت قد تعثرت وكسرت قدمى، وكانت هذه إحدى بشائر قطع الكهرباء..
جال بفكرى المقيد بحركة قدمى اليسرى.. كل ما هو مرتبط بالكهرباء وقطعها المتواصل، كثيرون هم من تعثروا وأصيبوا، منهم من علمنا عنهم، ومنهم من لم نعلم... ومنهم من ينتظر..!!
وشرد ذهنى المقيد إلى الأسرى فى سجون الاحتلال.. وكيفية تصديهم فى وجه السجان بأجسادهم التى أكلتها رطوبة السجن... فهم يحملون مشاعل الحرية ويضيئونها بأجسادهم الهزيلة الشامخة.... ويكسرون قيد السجان بأمعائهم الخاوية، مدافعين عن حقوقهم بكل قوة وشموخ وعزة.
فالحرية حرية الإرادة والفكر والكلمة... والقيد غير مرتبط بالمكان ولا بالزمان.
وطاف بخاطرى زهرات الوطن.. فمنهم من بترت إحدى قدميه أو كلاهما... فما زاده هذا إلا قوة فوق صبره وجلده، لينتصر الدم على السيف..!!
أما الآن فقد طابت لى خلوتى.. وأحسست أننى أكثر حرية من قبل... حينما كنت أرتدى فردتى الحذاء.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد اللطيف أحمد فؤاد
معرفتناش فردة يمين ولا شمال
أصلها بتفرق كتير
عدد الردود 0
بواسطة:
المستشار : أحمد حنفى احمد
عيب يا أ / عبد اللطيف
عدد الردود 0
بواسطة:
مني عبدالحميد
يا تري شاريها منين