"اليوم السابع" اختلست بعض الدقائق من وقت المايسترو سليم سحاب، أثناء استراحته من عرضه على مسرح دار أوبرا إسكندرية، أثناء إحيائه ذكرى الفنانة أم كلثوم، ليطلق سراح الحروف والأنغام الموسيقية لتلتقى بأسماع جمهوره الذين يأتون إليه من كل واد بعد أن عشقوا عذرية الفن على يديه ونسجه للألحان.
هو المايسترو سليم سحاب والذى يقود الفرقة القومية العربية للموسيقى، الذى غيرت الأوراق الرسمية تاريخ مولده ليكون 15 أكتوبر بدلاً من 3 يوليو سنة 1941 وهو لبنانى حاصل على الجنسية المصرية، ومن مواليد برج السرطان كما أنه حصل على الدبلوم لقيادة أوركسترا سيمفونى من معهد تشيكوفسكى.
حدثنا عن سليم سحاب وبداياته الفنية؟
بدأت دراستى الموسيقى فى كونسرفتاور بيروت ولكن علاقتى بالموسيقى العربية منذ طفولتى فالراديو لم يكن ينقطع فى البيت إلا أثناء النوم، وكان يبث من خلاله أغانى أم كلثوم، وفايزة أحمد ونجاة وعبد الوهاب وفريد الأطرش وكان فى النهاية عبد الحليم حافظ، فقد كانت الإذاعة العر بية وإذاعة الشام وغيرها تحولنا من مجرد مستمعين إلى طلبة موسيقيين فى معهد، حتى أن قصيدة الكرنك لمحمد عبد الوهاب حفظتها بأكملها وأنا أبلغ من العمر 10 سنوات، إلى جانب الموسيقى الغربية، حيث كنت اشترى أسطوانات الموسيقى الكلاسيكية لبيتهوفن، وتولدت لدى فكرة أن أصبح قائد اوركسترا وأنا أبلغ من العمر 13 بعد مشاهدتى فيلماً لقائد أوركسترا إيطالى اسمه روبرتو بنزر بعد أن تأثرت به.
وكيف كنت توفق بين الموسيقى العربية والغربية ؟
الموسيقى الغربية والعربية تبدوان متناقضتان ولكن فى الحقيقة ليس هناك أى تناقض فنوعية الموسيقى مختلفة، ولكن الشعور والعمق الإنسانى واحد فكل شعب يعبر عن عاطفته بموسيقاه ولغته الموسيقية الخاصة به فلا نستيطع أن نطلب من مؤلف فرنساوى أن يؤلف موسيقاه بالروسى.
• كيف كانت أول حفلة لك فى مصر ؟
حفلتى الأولى فى مصر كانت يوم 3 مارس 1988 وأتذكر هذا التاريخ بشدة لأنه تاريخ ميلادى الموسيقى، بعد أن قدمت لى مصر ما لم يقدمه لى الاتحاد السوفيى، وكذلك لبنان ودراستى الحقيقة العربية والعالمية كانت فى مصر بسبب الإمكانيات الهائلة الموسيقية، التى لم تكن موجودة فى بلادى، فالكم الهائل من الموسيقيين الذين كانوا على أرفع مستوى أمثال عبد الوهاب وأم كلثوم ساعدونى على الإبداع.
هل أثرت الأحداث المضطربة فى مصر على حفلاتك وتراجع مستمعينك؟
فى الحقيقة تأثرت وبعدنا عن الساحة قليلاً بسبب اضطراب الأوضاع الحالية فى مصر والتظاهرات التى كان يصحبها بعض الاشتباكات والدموية التى أغلقت بوابات الأوبرا ولكن "مستمعينى" لم يتأثروا بذلك بدليل امتلاء القاعات عن بكرة أبيها بعد عودة العمل فى دور الأوبرا بما يدل على تعطش الجمهور.
• هل هناك مخاوف من التيار الإسلامى على فن الأوبرا ؟
كل المخاوف المثارة حول هذا الأمر مبالغ فيها ولن يستطيع أحد أياً كان منصبه أن يحجر على الأوبرا ويمنعها من تأدية رسالتها فى تطهير النفوس وتهذيبها وإنعاش الروح، فالفن الراقى يعلو أى هتافات فهو يرتقى بالنفس البشرية إلى أقصى حد يجعلها رقيقة ولو كان الله لا يريد من الناس أن تغنى ويسمعها غيرهم لم يكن يخلق أصوات جميلة مثل صوت عبد الوهاب وكلثوم لنستمتع به ونقول "الله"
• إذن فما هى رسالتك لأطراف النزاعات المختلفة التى تعانى منها الشعوب العربية والمصرية خاصة ؟
أقول لهم وللحكام استمعوا إلى الموسيقى فهى غذاء الروح وهى تساعد على صفاء القلب والنفس وسأحكى قصة حقيقية عن أثر الموسيقى فى نفسية الإنسان أنه كان يصادق عازف قانون عمر 19 سنة، وكان يعمل قناص يقتل الناس بين المجموعات المتحاربة فى الحرب اللبنانية، ويأخذ على كل صورة لقتيل له 500 دولار، وفى أحد الأيام طلب منه صديق مشاركته فى تعلم الموسيقى، وبعد أن تعلمها صار لا يستطيع أن يدهس بقدمه حشرة على الأرض.
• ما رأيك فى الأصوات الحالية الموجودة على الساحة الغنائية ؟
الأصوات الحالية تعبر عن عدم وجود مرحلة فهم يحتاجون إلى قيادة مثل أيام السنباطى وعبد الوهاب والبعض ييعجبنى كثيراً والبعض أعوذ بالله من سماعه، وأحاول المساعدة بعد أن قمت بتكوين الفرقة القومية للموسيقى العربية وكورال الأطفال المكون من 250 طفلا سيطرت عليهم بالحب وتخرج منهم ريهام عبد الحكيم، ومى فاروق وآيات فاروق وأحمد سعد وشيرين عبد الوهاب وغيرهم ممن تخرجوا كعازف أوركسترا، بالإضافة إلى وائل فاروق الذى يمثل مصر الآن فى المهرجانات العالمية فى البيانو.
• صف لى إحساسك على المسرح ؟
أنا على المسرح أكون فى حالة نشوة وهذيان روحى وهى أقرب أوقاتى من الله، فلهذه الدرجة اعتبر الموسيقى من أعظم وأرقى ما خلق ربنا، أما الحركات الموسيقية التى أقوم بها أمام الأوركسترا هى ضرورية ومدروسة وتأتى بهدف إضفاء نوع من السيطرة على الإدارة الموسيقية.