تعلمنا فى دراستنا للقانون أن وظيفة القانون أى قانون هى تنظيم سلوكيات وحاجات الأفراد المتعارضة بشكل ملزم داخل المجتمع، بما يحقق الاستقرار، ويكون ذلك بوجود جزاء يصاحب هنا القانون للمخالفين وعلمنا أن عوامل نجاح أى قانون هو مدى رضا الأفراد به، وأنه يحقق مصالحهم وتطلعاتهم ويلبى احتياجاتهم وفق آليات وإجراءات ميسرة بل إن بعض القوانين يكون منشأها عرفياً عن طريق اعتياد الأفراد على نهج سلوك معين لفترة زمنية طويلة، ما يولد الاعتقاد لديهم بوجوب اتباع مثل هذا السلوك، وإلا سيتعرضون للجزاء فيقر ذلك لديهم ويلتزمون به تماماً وعلى العكس من ذاك تماماً، نجد أن هناك بعض القوانين التى تمررها السلطة أو الحكومة ولا تحقق مصالح الأفراد أو تفرض عليهم الكثير من القيود فى ممارسة حقوقهم فيتجاوزونها ويعتبرونها "لاغية" أو غير موجودة على الإطلاق ويفعلون ما يروقهم ويلائمهم ويناسب ظروف حياتهم ويعبر عنهم فتكون النتيجة العملية هى سقوط القوانين المفروضة من السلطة بحكم الأمر الواقع وتجاوزها وقد رأينا ذلك قد حدث مراراً وتكراراً قبل ثورة 25 يناير المجيدة، وبعدها فحينما فرض قاون العمل المصرى قيوداً كثيرة على العمال لتنظيم الإضراب كانت النتيجة قيام العمال بالكثير من الإضرابات غير المنظمة طبقاً لأحكام هذا القانون بل ومخالفة له تماماً، ولم تجرؤ سلطة على تطبيق العقوبة أو الجزاء المقرر على مخالفة التنظيم الوارد بالقانون، وهو ما يعنى عملياً سقوطه وعدم تطبيقه، وأصبح بلدنا يعيش وكأنه لا يوجد قانون على الإطلاق وكل فئة أو مجموعة تفعل ما تريد بالضوابط التى تريد أو بلا ضوابط على الإطلاق، وقدر زاد المسألة صعوبة ضعف الأمن فى الفترات الماضية، وعدم تدخله فى كثير من المواقف بل وأحياناً بمباركة السلطة الحاكمة ووقوفها موقف المتفرج وأحياناً المشجع للخروج على القوانين والضوابط التى تقررها، فرأينا الحصار للمحكمة الدستورية العليا ومنع قضاتها من الدخول وممارسة أعمالهم وإرهابهم، وكذلك محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى من قبل بعض الجماعات، والاعتداء على الزوار والإعلاميين، وذلك تحت مسميات عدة منها تطهير الإعلام.
إن هذه المظاهر تدل فيما تدل على سقوط سيادة الدولة وتشجيع الأفراد جميعهم على فعل ما يشاءون دون رادع أو خشية لأى جزاء، ولذلك فإن القوانين التى نحن بصدد إصدارها يجب أن تكون محل اتفاق ومباركة من كل الشعب أو أغلبيته على أقل تقدير، حتى يكون لها المردود الذى ننتظره وكى يتحقق ذلك فلا بد من عرضها على الأحزاب والقوى السياسية جميعها لإبداء الرأى فيها، والاستجابة للملاحظات التى قد تبدى حولها وحتى تخرج بشكل يعبر عن المجتمع بشكل حقيقى، فنضمن تطبيقها والحرص عليها، أقول ذلك بمناسبة ما قرأناه خلال الأيام الماضية، وطرح على ألسنة بعض المسئولين من أن الحكومة بصدد إصدار قانون لتنظيم المظاهرات وأنها قد وضعت ضوابط لتنظيم هذا الحق، وهذا الأمر أثار الكثير من اللبس والمشاكل فى ضوء عوامل عدة ظهرت خلال الأشهر الماضية من حكم الدكتور مرسى مثل التمكين لجماعة الإخوان المسلمين ومحاولة الهيمنة والانفراد بالسلطة والقرار، وتهميش الآخرين جميعهم وجرهم إلى مفاوضات لا نهائية وبغير جدول أعمال أو آلية بضمان تطبيق النتائج، فيما يكون القرار هو ما تم اتخاذه من قبل ويضاف إلى ذلك أخونة الدولة والتى تسير على قدم وساق وفى كل الأجهزة والهيئات والنقابات على اختلافها وفوق كل ذلك أن يمر هذا القانون السرى الذى لم يعرض علينا أو نراه كمعارضة مصرية من خلال مجلس الشورى الحالى المطعون فى شرعيته والمنتخب بقواعد قانونية سبق أن حكمت المحكمة الدستورية العليا فيما سبق بعدم دستوريتها، وتم حل مجلس الشعب السابق تبعاً لذلك، علاوة على أن هذا المجلس كان المصريون قد عزفوا عنه لعدم جدواه من وجهة نظرهم، فلم يشارك فى انتخابه سوى حوالى أقل من 5% من إجمالى الناخبين ولدور غير الذى رسمه وأسنده له الدستور الحالى فضلاً عن الأغلبية الكاسحة فى تشكيله لليمين الإسلامى والذى زادت أكثر بالتعيينات الأخيرة للدكتور مرسى، وهو ما لا يضمن التوازن أو الرأى والرأى الآخر وتغليب مصلحة البلاد العليا فى ضوء استحواذ تيارات الإسلام السياسى اليمينية على تلك الأغلبية.
إننى أرى أن يقتصر دور مجلس الشورى بشكله وتركيبته تلك على إصدار قانون واحد فقط، وبحكم الضرورة وهو قانون انتخاب مجلس النواب الجديد والذى سيكون منتخباً من الشعب للقيام بالدور الحقيقى فى التشريع، وإصدار القوانين المجتمعية التى نريد، أما أن يستغل هذا المجلس بشكله وتركيبته الحالية فى تمرير حزمة من القوانين التى تعبر عن جماعات أو تيارات الإسلام السياسى اليمينية وحدها فهو أمر مرفوض وغير مقبول ولن يقبل الشعب هذه القوانين وستسقط على أرض الواقع ولن يتم تطبيقها وهو ما أثبتته الأيام حينما تصدر قوانين لا تعبر عن الشعب ومصالحه، وإنما تعبر عن أفراد وجماعات بعينها فقط فيجب بعد ثورة عظيمة كثورة 25 يناير المجيدة أن تكون حريات المواطن وكرامته هى الشغل الشاغل وأن تعمل الحكومة وأى حكومة على تنميتها وتكريسها، وأن تكون القوانين معبرة عن ذلك، للدكتور مرسى وجماعته، تمهلوا ورفقاً بمصر والمصريين فمصر أكبر منا جميعاً ويجب أن تبقى مصر لكل المصريين.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
المصرى
تكملة المقال