د.سرحان سليمان يكتب: من أفلس مصر؟

الخميس، 10 يناير 2013 05:27 م
د.سرحان سليمان يكتب: من أفلس مصر؟ صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يزال الحديث عن إفلاس مصر مستمرا، ولا يزال هناك من يدعى أن اقتصاد مصر فى خطر، لكن ما ينشر من تلك الأحاديث، والأخبار، لا يعدو كونه كلاما عاما، ولا يصل إلى حقيقة الواقع الذى لابد معه أن يكون مبيناً بالأرقام والمؤشرات الاقتصادية، فهناك العديد من المعايير الاقتصادية التى بمقدورها الحكم على قدرات أى اقتصاد، ومدى قدرته على الصمود أو الخروج من الأزمات، لكن الأمر الآخر الذى يجب تناوله أن ما ينشره بعض الإعلام يشير إلى المتسبب فى الأزمة الاقتصادية الحالية التى تعيشها مصر، وأن سياسة الرئيس مرسى الاقتصادية، أو الإخوان المسلمون كانا سبباً فى ذلك، مما وجب معه أن اعرج على حقائق، من أفلس مصر؟ ثم البحث فى علاج هذا الخلل الاقتصادى، وكان ضرورياً الرجوع بالذاكرة للخلف، منذ عامين، أى قبل الثورة، للحكم على الاقتصاد المصرى عند ترك مبارك للحكم، حتى نستطيع أن نتبين من الواقع الذى كان، وما تبعه خلال فترة رئاسة د. مرسى.

ورغم تباين التقديرات الرسمية وغير الرسمية فى أواخر عام 2010، تشير تقديرات المجالس القومية المتخصصة فى مصر إلى أن 46% من المصريين - خاصة منهم النساء والأطفال- لا يحصلون على الطعام الكافى ويعانون من سوء التغذية، وتفيد التقديرات المنشورة إلى أن 35% من النساء و53% من الأطفال فى مصر لا يحصلون على الطعام اللازم مما يشكل خطورة على هاتين الفئتين اللتين تعدان الأكثر هشاشة، وتتفاوت نسبة الفقر ما بين المحافظات الحضرية (6.6%) والمناطق الريفية (41.4%). ووفقًا لأحدث تقرير عن "خريطة الفقر" التى أصدرتها وزارة التنمية الاقتصادية فقد بلغ عدد القرى الأكثر فقرًا 1141 قرية، ويبين أحدث تقرير صادر عن التنمية البشرية بالوطن العربى لعام 2010 أن نسبة الفقر فى مصر-التى يقارب سكانها ثمانين مليونا- تبلغ 41%، ويتبين من خريطة الفقر التى تضمنها التقرير أن أكثر من مليون أسرة فقيرة تعيش فى الألف قرية الأكثر فقرًا، ويبلغ إجمالى عدد سكانها خمسة ملايين نسمة يمثلون 46% من إجمالى سكان هذه القرى، وأوضح أن نسبة الفقراء فى هذه القرى نحو 54% من إجمالى سكان الريف الفقراء فى مصر، ونحو 42% من إجمالى السكان فى الجمهورية مشيرا إلى أن ثلاث محافظات بالوجه القبلى (أسيوط والمنيا وسوهاج) تضم 794 قرية يشكل فيها الفقراء 82% من إجمالى عدد الفقراء بالألف قرية الأكثر فقرًا، ويوضح التقرير أن نسبة غير المتعلمين بالفئة العمرية (18–29 سنة) تصل إلى 27%، مبينا أن أكثر من 20% من الأطفال يعانون من العديد من أوجه الحرمان.

ووفق دراسة لليونيسيف عن "فقر الأطفال والتفاوت فى مستويات معيشتهم عام 2010"،، أشار التقرير إلى أن حوالى 20% من السكان ضمن الفئات الفقيرة التى تعانى من صعوبة فى الالتحاق بالمدارس، وأن الشباب الفقير يلتحق بأى وظيفة متاحة، سواء كانت مؤقتة أو موسمية كمخرج من الفقر، وكان تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية قد أشار إلى أن نحو 14 مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر، بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم، لتبقى مصر فى المركز الـ111 بين دول العالم الأكثر فقرًا فى العالم، لكن باحثين مصريين أشاروا فى حينه إلى أن نسبة الفقراء فى البلاد تصل إلى ما يقارب 55% من الشعب المصري، وأن هذه النسبة قابلة للارتفاع.

إن إجمالى ما تم سرقته خلال فترة النظام السابق من ثروات مصرية يقدر بأكثر من تريليون دولار طبقاً لتقارير دولية، أى يقترب من ميزانية مصر منذ عام 1981 حتى سقوطه، وأن هذا الفساد والإفقار للشعب كان وفق للسياسات التى وضعتها حكومات النظام المتعاقبة، فى ظل منظومة فساد مالى وإدارى كان يسيطر عدة شخصيات، ألا يكفى مشاهد الفساد فى كل ممتلكات الدولة من أراضى زراعية وتبوير واستغلال وبيع لأشخاص بالأمر المباشر؟ ألا يكفى نهب البنوك والشركات العامة والمشاريع القومية ؟ ألا يكفى نشر الجهل والتخلف والمرض فى المجتمع ؟ ألا يكفى القضاء على الأخلاق والثقافة والقيم ؟ ألا يكفى البطالة والبلطجة والمخدرات والعصابات الإجرامية التى ظهرت علينا فجأة وهم نتاج النظام السابق ؟ ألا يكفى المعتقلات والسجون ومن كانوا يقضون أعواماً دون محاكمة ؟ ألا يكفى التخويف والرعب والظلم الذى كان ينتهجه جهاز امن الدولة فى حق المواطنين ؟ ألا يكفى انتشار السرطان والفيروسات والمبيدات والأدوية غير الصالحة التى قضت على صحة المصريين؟ ألا يكفى الرشوة والمحسوبية فى التعيينات والوظائف حتى أصبحت مؤسسات الدولة ملكية خاصة ؟ ألا يكفى هجرة علماء وعقول مصر إلى الخارج بحثاً عن فرصة عمل ؟ ألا يكفى أن تصبح مصر مستوردة لغذائها ودوائها وتتحكم فيها دول العالم ؟ ألا تكفى إهانة المصريين العاملين فى الخارج دون النظر اليهم ؟ ألا يكفى قتل الأبرياء وإحداث الفتن والصراعات بين العائلات وبين طوائف الشعب لتحقيق أهداف سياسية للنظام ؟ ألا يكفى تعاون النظام مع العدو إسرائيل وإعطاء ظهره للأشقاء العرب والدول التى يمكن أن تحقق مكاسب لمصر؟ ألا يكفى أن يكون أكثر من نصف الشعب المصرى فقير ونحو خمس الشعب تحت خط الفقر ؟ ألا يكفى أن اكثر من ثلثى الشعب يعانى من الأمية ؟ ألا يكفى .....ألا يكفى ............!!

مما لاشك فيه، أن النظام السابق، هو من سعى إلى إفقار مصر، وإفساد كل أوجه الحياة بها، وندرك أن فترة الرئيس الحالى غير مسئولة إلا عن بطء تحقيق معدلات سريعة ومؤثرة فى علاج تلك المشكلات، ولا يغفر له سوى عدم الاستقرار السياسى، وتغلغل الفلول، والثورة المضادة فى أركان الدولة، وأننا نرى أن هناك توجهات جديدة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الظلم وتكافؤ الفرص، فى إصدار قرارات وقوانين جديدة، بعضها صدر بالفعل والآخر فى الطريق للعمل به، فتلك الأرقام، وهذه التقارير السابقة، تشير إلى معلومات ومؤشرات خطيرة تخص المجتمع المصرى، وأن تلك الخطورة تكمن فى الفقر والبطالة والأمية، وهذا يحتاج لجهد غير عادى من الحكومة التى سوف تتولى المسئولية، فإن تلك المشاكل تحتاج لخطط وبرامج غير تقليدية للإسراع فى تخفيف شدة ووطأة سوء الحياة المعيشية للمصريين وتقليل الفوارق الطبقية ومحاربة الفساد، لان هؤلاء الفقراء هم نتاج لسوء التخطيط، وعدم عدالة التوزيع والتهميش والفساد فى توزيع الدخل القومي، ولن تتمكن أى حكومة من إنصاف تلك الشرائح إلا بإعادة سياسيات الدولة فيما يخص العدالة الاجتماعية وإعانة الفقراء بطريقة دائمة مدروسة وليس بالطرق العقيمة التى كان ينتهجها النظام السابق، الفقراء والعاطلين فى مصر بعد الثورة لا يستطيعون الانتظار اكثر من ذلك، لانهم اكثر الفئات التى تدفع فاتورة الثورة، ولم يصل اليهم نتائج هذا التغيير، فهؤلاء لا يعنيهم بالدرجة الأولى الصراعات السياسية، ولا من سوف يتولى الحكم من عدمه، بقدر أن ما يشغلهم أن يجدوا ما يعنيهم على الحياة اليومية، فى توفير دخل يومى بطريقه يحصلون على الضروريات ،فلا يحلمون بالترفيه، وإنما بحياة عادية ،لان الانتظار اكثر من ذلك يقتل هؤلاء فهل سوف تقوم الدولة بالقضاء على الفقر ..أم على الفقراء؟





مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmad

ربنا معانا

عدد الردود 0

بواسطة:

سليمان صلاح

عفوا .. أنت لم تُجّب على السؤال الذى طرحته !

عدد الردود 0

بواسطة:

قارئ

حلو المقال

رائع يا دكتور سرحان

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة