رغم هشاشة أساسها القانونى...

كارنيجى: العملية الانتقالية فى مصر قد تسفر عن نوع من ديمقراطية "التفويض".. يمارس فيها زعيم مفوض شعبياً الحكم دون مساءلة.. وتؤكد: "التأسيسية" تقف على أرضية سياسية ثابتة

الجمعة، 07 سبتمبر 2012 01:48 م
كارنيجى: العملية الانتقالية فى مصر قد تسفر عن نوع من ديمقراطية "التفويض".. يمارس فيها زعيم مفوض شعبياً الحكم دون مساءلة.. وتؤكد: "التأسيسية" تقف على أرضية سياسية ثابتة الخبير ناثان براون
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشرت مؤسسة "كارنيجى" الأمريكية سلسلة من التقارير المتصلة عن مصر، كتبها الخبير بشئون مصر والشرق الأوسط وأستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج تاون الأمريكية ناثان براون، تتناول المرحلة الانتقالية الغامضة فيه، وأجندتها التشريعية المحتملة، ومحاولة البلاد إعادة تشكيل نفسها.

فى التقرير الأول الذى جاء بعناون "المرحلة الانتقالية الغامضة فى مصر"، قال براون إن التغيير الحقيقى لا يزال يجرى على قدم وساق فى مصر، والارتداد السلطوى الكامل أمر غير محتمل. وفى حين لا تسير البلاد فى انتقال مستقيم إلى الديمقراطية، بسبب عدم اليقين والشكوك المبهمة، والخطاب غير المسئول فى السياسة المصرية اليوم، لأن هناك بعض العناصر المطمئنة التى لا تزال موجودة، فقليلة هى البلاد التى تمر بصراعات عميقة مماثلة قادرة على القيام بذلك من دون أن يتضرر عدد أكبر من الناس.

ويرى المركز الأمريكى أنه تم تبديد الكثير من وعود ثورة 25 يناير، فى حين أن خطر قيام ديمقراطية جوفاء حقيقى، حيث يساوم الرئيس المنتخب (ربما بدعم من البرلمان "المنحل" المتعاطف معه فى نهاية المطاف) ببطء على شروط برنامجه مع جنرالات الجيش وضباط الأمن وكبار موظفى الخدمة المدنية، وهو يعمل خارج رادار الرأى العام ومن دون مساءلة ديمقراطية حقيقية، ومع ذلك لا تزال الديمقراطية الجوفاء أبعد من كونها حتمية.

ويؤكد التقرير أن المرحلة الانتقالية فى مصر شجت الكثير من الأخطاء، ومع ذلك، فإن المؤسسات الأساسية فى البلاد والحياة السياسية فيها تتقدم، وربما يمكن للديمقراطية أن تلى ذلك.

وتابع قائلاً، إنه فى غضون الأشهر الثمانية عشر التى انقضت منذ أن أجبر المصريون رئيسهم السابق على التنحى، مرورا بسلسلة مُربكة وخلافية من التغييرات السياسية. وفى منتصف شهر رمضان من هذا العام، أصبح توازن القوى فى الحياة السياسية المصرية أكثر وضوحاً، حيث أعاد الدكتور محمد مرسى تأكيد قوة مؤسسة الرئاسة بطريقة مثيرة، عدما أطاح بقيادات المجلس العسكرى. ومع ذلك، فإذا كانت القوى الفاعلة أصبحت أكثر وضوحاً، إلا أن العملية ليست كذلك. وفى الواقع، فإن وصفها بأنها "عملية" يشكّل مجاملة لتسلسل غير مقصود للأحداث. وربما تندفع العملية الانتقالية فى مصر نحو ديمقراطية أكثر تعددية، وفترة طويلة من عدم الاستقرار، وسلطوية متجددة، أو نحو نوع من ديمقراطية التفويض يستطيع من خلالها زعيم يحظى بتفويض شعبى ممارسة الحكم من دون أن يخضع إلى الكثير من الرقابة والمساءلة.

وفى التقرير الثانى الذى جاء تحت عنوان "الأجندة التشريعة المحتملة لمصر"، انتقد كارنيجى محاولات بناء نظام سياسى ديمقراطى فى مصر من خلال المراسيم الرئاسية التى من شانها أن تقوض المبادئ التى تدعى أنها تعمل من أجلها.

وقال براون، إن عندما سقط نظام مبارك فى فبراير 2011، بدا واضحاً للكثير من القوى السياسية ما ينبغى القيام به لإصلاح النظام السياسى فى مصر، فكان لابد من إنهاء قانون الطوارئ، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وإصلاح أجهزة الأمن، وتحرير الصحافة، ما إلى ذلك، وقد تحقَقت بعض هذه الأهداف جزئيا، ويمتلك الرئيس محمد مرسى الآن الصلاحيات الكافية لإنهاء المهمة فى العديد من المجالات، لكن المضى بتهور فى أى من هذه المجالات قد يتطلب دفع أثمان، وفقا لما يراه الخبير الأمريكى. ويقول إنه كان الهدف هو بناء نظام سياسى ديمقراطى فمن المرجح للرئيس الذى قد يحاول بناءه فجأة من خلال المراسيم أن يقوض المبادئ التى يدعى أنه يعمل لأجلها.

إلا أن براون يرى أنه يُحسب لمرسى، حتى الآن على الأقل، أنه تحرك ببطء بالفعل، إذ ينبغى إحالة العديد من هذه المسائل إلى عملية صياغة الدستور وإلى البرلمان حين يعاد تشكيله، وهو أمر يُفترض أن يتم خلال العام المقبل، ومع ذلك تم بالفعل وضع بعض هذه القضايا على لائحة المهام المنوطة بالرئيس.

وبتابع براون قائلاً، إن القوانين المقترحة بشأن المنظمات غير الحكومية والسلطة القضائية، والتى تمت صياغتها، تبدو للوهلة الأولى وكأنها تدفع بالبلاد فى اتجاه التحرر والانفتاح، وذلك عبر تحرير المجتمع المدنى وتحقيق درجة أكبر من استقلال القضاء من ناحية أخرى. ومن حيث المبدأ، يمكن أن تشكِّل هذه القوانين إصلاحات مهمة، أما على مستوى الممارسة، فإن أى خطوات يتخذّها مرسى بشأنها الآن قد يُنظر إليها أيضاً على أنها اغتصاب حزبى للسلطة.

وتحدث المقال عن قانون السلطة القضائية، وقال إن إصلاحاً طويل الأمد يوشك أن يؤتى ثماره، وتتضمن المقترحات نقل مسائل قضائية رئيسة من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى، وكان وزير العدل الجديد قد أصدر بالفعل قراراً بوضع “التفتيش القضائى" (الذى هو فى الأساس نظام تقييم موظفى السلطة القضائية) تحت إشراف المجلس بدلاً من الوزارة.

لكن فى الوقت الذى تدفع فيه هذه القوانين باتجاه استقلالية أكبر للمنظمات غير الحكومية والسلطة القضائية، فإن المقترحات التى تسرى شائعات بشأنها حول الأزهر، والمحكمة الدستورية العليا، تسير فى الاتجاه المعاكس، وتشير بعض المقترحات التى نوقشت إلى أن الاستقلال الذاتى الذى حصلت عليه هاتان المؤسستان بهدوء خلال فترة حكم العسكر، قد يتم إبطاله.

أما التقرير الثالث لكارنيجى، فكان عن صياغة الدستور تحت عنوان "مصر تحاول إعادة تشكيل نفسها". ويقول براون، إن أفضل أمل لمصر بحدوث انتقال ديمقراطى يتوقف إلى حد كبير على عملية إعادة البناء السياسى التى تنطوى عليها عملية كتابة الدستور. ومن الصعب النظر إلى عملية صياغة الدستور بوصفها جزءاً من أى "عملية" قابلة للتحديد؛ فهى تتعرض بشكلٍ دائم إلى تحديات سياسية وقانونية، وقد تم اختيار مَن يضطلعون بهذه المهمة فى الوقت الحاضر من جانب برلمان تم الإعلان عن عدم دستوريته فى وقت لاحق بطريقة يمكن وصفها بسهولة وفى أى وقت، بأنها غير قانونية.

نتيجةً لذلك، عملية كتابة الدستور تسير بوتيرة متعجلة لأن الهيئة المسئولة عن ذلك مهدَّدة بالحل.

يبدو أن الجمعية التأسيسية تقف الآن على أرضية سياسية ثابتة إلى حد ما، مع أن الأساس القانونى الذى تستند إليه لايزال هشاً. وتباطأت الإجراءات القانونية ضد الجمعية، ربما لأنها تسير بطريقة غير مثيرة للجدل، أما الحكم الإجرائى التالى من المحاكم الإدارية فسيبقى معلقاً حتى سبتمبر.

وتحدث التقرير عن تشكيل الجمعية التأسيسية، وقال إن المناورات القانونية والضغوط فى البداية قد جعلت الإسلاميين على الأرجح أكثر مرونة إلى حد ما، وذلك لأنه وفقاً للإعلان الدستورى التكميلى الذى أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى يونيه فإن حل الجمعية التأسيسية كان سيؤدى إلى استبدالها بجمعية أخرى معينة بالكامل من قبل المجلس العسكرى، لكن الرئيس مرسى ألغى سلطة المجلس العسكرى وفوض لنفسه سلطة تعيين جمعية جديدة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ولذلك، من المرجح الآن أن يصبح غير الإسلاميين، والذين قاطع بعضهم العملية أو هدد بمقاطعتها، أكثر مرونة إلى حد ما.

من ناحبة أخرى، توقع كارنيجى أن يمنح الدستور على الأرجح سلطة كبيرة للمسئولين المنتخبين، مما يعنى أن كيفية استخدام تلك السلطة ستُحدد ليس من خلال النص الدستورى وحسب، بل أيضاً من خلال نتائج الانتخابات. وقال المركز، إنه فى الماضى كان من الممكن التنبؤ بنتائج الانتخابات بشكلٍ يبعث على الاكتئاب، أما الآن فلم يعد الأمر كذلك، ومن البداية الأولى لحياته الجديدة، سيتحدد معنى الدستور جزئياً من خلال مايقوله الناخبون، وستتم دعوة المصريين إلى صناديق الاقتراع مرتين (وربما ثلاث مرات) خلال العام المقبل، حيث سيكون هناك استفتاء على الدستور وانتخابات برلمانية جديدة، وربما انتخابات رئاسية جديدة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة