صدر حديثًا للشاعر "سمير درويش" عن دار الأدهم بالقاهرة، ديوان بعنوان "سأكون ليوناردو دافنشى"، وقام بإهدائه للشاعر الكبير حلمى سالم الذى رحل عن دنيانًا منذ أسابيع قليلة، وهى لمسة وفاء يعبر عنها "درويش" دائمًا ويعلن تلمذته لحلمى سالم، شعريًّا وإنسانيًّا، وقد عكس هذا المعنى فى مجموعة من القصائد كتبها عنه قبل وبعد رحيله.
يتكون "سأكون ليوناردو دافنشى"، الذى يشكل حالة إنسانية يختلط فيها السياسى بالعاطفى بالجنسى بالاجتماعى، من (60) مشهدًا شعريًّا مرقمة تصاعديًّا، كل مشهد فى صفحة واحدة باستثناء خمسة مشاهد طالت وأخذت ما يشبه العنوان، أو الإهداء، أو الإحالة: "فى هجاء المشير" و"فى هجاء الغواية" و"حلمى سالم" و"أبجدية التلاشى" و"عن الحرب والحرف والغابات"، وحتى هذه المشاهد الطويلة، نسبيًّا، تنقسم من الداخل إلى مجموعات تفصلها أرقام أو حروف أو عناوين مختصرة.
وعلى الرغم من أن هذا الشكل ليس بعيدًا عن تجربة "سمير درويش" فى دواوينه السابقة، فإنه فى كل مرة يحاول أن يضيف جديدًا فنيًّا إلى رصيده الشخصى، وإلى تجربة "قصيدة النثر" عامة، واللافت فى "سأكون ليوناردو دافنشي" أنه يزيل الحدود بين الشعر وبين الفنون البصرية بوجه عام: الفن التشكيلى والسينما والمسرح..الخ، ويأتى العنوان معضدًا لهذا التوجه الفنى، كما أنه يجرب أشكالاً جديدة على تجربته، منها القصيدة شديدة التكثيف، على غرار قصيدة الهايكو اليابانية، التى تتكون من عدة كلمات، فقصيدته الأخيرة "عن الحرب والحرف والغابات"، تتكون من مشاهد شديدة القصر، كل منها فى أسطر ثلاثة تقريبًا، تبدو متفرقة من حيث موضوعاتها، لكنها معًا تصنع مشهدًا كليًّا، هو بدوره جزء من المشهد الكلى للحالة التى يعكسها الديوان.
كعادة "سمير درويش" تأتى القصائد/ المشاهد الشعرية، شديدة التكثيف كطلقات، كل منها حالة شعرية يمكن تلقيها وحدها، لكنها لا تشبع القارئ إلا إذا قرأ التجربة مكتملة، تلك التى تعد قصيدة واحدة طويلة، تناقش موضوع العلاقة مع الآخر/ المرأة، وهو الموضوع الأثير لدى الشاعر والمميِّز لتجربته، باعتبار أن المرأة هى النصف المكمل للرجل، المكمل للوجود الإنسانى بتشابكاته وتمايزاته.
كتبت قصائد الديوان- حسب التواريخ المثبتة فى نهاية المشاهد- فى المدة بين 9 أغسطس 2011، و28 أبريل 2012، أى فى أقل من تسعة أشهر، وهى مدة قصيرة نسبيًّا تعكس حالة من التدفق الشعرى لشاعر فى مرحلة الحصاد.
يذكر أن "سأكون ليوناردو دافنشي" هو الديوان التاسع بين إصدارات سمير درويش، حيث أصدر قبلاً: قطوفها وسيوفى 1991، موسيقى لعينيها/ خريف لعينى 1993، النوارس والكهرباء والدم 1998، الزجاج 1999، كأعمدة الصوارى 2002، يوميات قائد الأوركسترا 2008، من أجل امرأة عابرة 2009، تصطاد الشياطين 2011. بالإضافة إلى روايتين: خمس سنوات رملية 2004، وطائر خفيف 2006، وقد صدر بعض هذه الكتب فى أكثر من طبعة. بالإضافة إلى ديوانين تحت الطبع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة